أعلن الجيش اللبناني، الأحد، تنفيذ تدابير أمنية “استثنائية” على الحدود مع سوريا، مشيراً إلى أن وحداته تواصل الرد بالأسلحة المناسبة بعد “تكرار” عمليات إطلاق قذائف من الأراضي السورية على مناطق لبنانية، وذلك استمراراً لتوتر متزايد على حدود البلدين منذ أكثر من شهر.
وأشار الجيش اللبناني إلى بيانه الصادر، السبت، بشأن إصدار أوامر للوحدات العسكرية بالرد على مصادر النيران التي تطلق من الأراضي اللبنانية، قائلاً إن عمليات إطلاق القذائف على مناطق لبنانية محاذية للحدود الشرقية “تكررت”، منبهاً أن وحداته تواصل الرد بالأسلحة المناسبة.
وذكر الجيش اللبناني، في بيان على منصة “إكس”، الأحد، أن وحداته تنفذ “تدابير أمنية استثنائية على امتداد هذه الشرقية، يتخلّلها تركيز نقاط مراقبة، وتسيير دوريات، وإقامة حواجز ظرفية”، مؤكداً أنه قيادته تتابع الوضع “وتعمل على اتخاذ الإجراءات المناسبة وفقاً للتطورات”.
ونقلت الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام، في وقت سابق الأحد، عن نائب رئيس بلدية جوار الحشيش الحدودية علي جعفر قوله إن “اشتباكات دارت على بعد بين 10 و15 كيلومتراً عن بلدة جرماش، وهي مناطق لبنانية ولا تقع ضمن الأراضي السورية”.
وأضاف “لكن المسلحين السوريين يستهدفون المناطق اللبنانية في القصر وسهلات الماء والزكبة والميدان ومراح الشعب وقنافد والهوشرية، وهي قرى لبنانية مسكونة، بقصف عشوائي. كذلك تتعرض مراكز الجيش اللبناني فيها للقصف”.
ملف ترسيم الحدود
والجمعة، قالت الرئاسة اللبنانية إن اتصالاً هاتفياً بين الرئيس جوزاف عون ونظيره السوري أحمد الشرع، جرى خلاله الاتفاق على “التنسيق لضبط الوضع على الحدود ومنع استهداف المدنيين”.
وقال الجيش اللبناني، مطلع يناير الماضي، إن اشتباكات مع “مسلحين” على الحدود السورية أودت بحياة 4 من جنوده، ما أعاد إلى الواجهة ملف ترسيم الحدود بين البلدين وتشابك العوامل الأمنية والاجتماعية والتداخل بين البلدات المشتركة.
وأعلن الجيش آنذاك أيضاً عن اشتباك مع مسلحين سوريين حاولوا منع قواته من إغلاق معبر غير شرعي على الحدود في منطقة معربون – بعلبك.
وتربط 6 معابر حدودية رسمية بين سوريا ولبنان، ومن أهمها “المصنع” (شرق لبنان)، و”العبودية” (شمال لبنان)، وتُعتبر ممراً للحركة التجارية باتجاه الدول العربية، لكن هناك أكثر من 15 معبراً غير شرعي خاضعين لسيطرة فصائل مسلحة، أو عشائر، وازداد نشاطها خلال سنوات الحرب في سوريا.
وفي 11 يناير الماضي، قال رئيس الوزراء اللبناني آنذاك نجيب ميقاتي، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس السوري أحمد الشرع، إن “ترسيم الحدود البرية بين لبنان وسوريا على سلّم الأولويات، ويجب ضبط الحدود بشكل كامل لوقف أي عملية تهريب بين البلدين”.
وفي 23 يناير الماضي، اجتمع رئيس هيئة الأركان السورية اللواء علي النعسان مع مدير مكتب التعاون والتنسيق في الجيش اللبناني العميد ميشيل بطرس لمناقشة آلية ضبط الحدود السورية اللبنانية، بحسب بيان صادر عن وزارة الدفاع السورية.
ودفعت وزارة الدفاع السورية بتعزيزات كبيرة إلى الحدود بين البلدين، وقالت “وكالة الأنباء السورية” إن إدارة أمن الحدود نفذت عملية عسكرية استهدفت من وصفتهم بـ”مطلوبين متورطين في تهريب أسلحة وممنوعات”، وأنها تمكنت من “تحرير عنصرين من قوات الأمن السوري كانا اختطفا خلال المواجهات”.
قرى متداخلة
يوضح العقيد المتقاعد في الجيش اللبناني محمد منير أن الحدود بين لبنان وسوريا، الممتدة لنحو 375 كيلومتراً، تعتبر “منطقة معقدة بسبب التضاريس الصعبة، والعلاقات الاجتماعية والاقتصادية المتشابكة، خصوصاً مع انتشار معابر غير شرعية”.
وقال العقيد منير في تصريح لـ”الشرق”، إن “هناك تداخلاً جغرافياً وسكانياً، حيث تتواجد نحو 10 قرى لبنانية في الأراضي السورية، نتيجة لترسيم غير دقيق للحدود منذ استقلال البلدين، مثل قرى حاويك، زيتا، وربلة، التي تقع داخل سوريا رغم أن سكانها لبنانيون، ويصل عددهم لحوالي 40 ألف مواطن يمتلكون منازل وأراضي زراعية”.
وأشار إلى أن الاشتباكات التي اندلعت منذ الخميس الماضي على الحدود “جاءت بعد حملة لقوات الإدارة السورية الجديدة لمكافحة التهريب، في منطقة حاويك السورية المتاخمة للبنان”. وأضاف أن “عصابات” متورطة في هذه الأنشطة.
ويتخوف الخبير العسكري اللبناني من “العتاد الذي ظهر لدى الطرفين”، وأضاف: “القوات المسلحة السورية استخدمت طائرات مسيّرة في قصف الأراضي اللبنانية، وهو أمر خطير كونها تؤدي إلى وقوع ضحايا بين المدنيين، كما استخدم مسلحون راجمات صواريخ وأسلحة فردية قد ترفع من حدة المواجهة”.