كشفت مصادر دبلوماسية لـ”الشرق”، الموعد المقترح لعقد قمة عربية طارئة بشأن فلسطين، في العاصمة المصرية القاهرة، مشيرة إلى أنه من المقرر انعقادها في 27 فبراير الجاري، برئاسة مملكة البحرين، الرئيس الحالي للقمة العربية، فيما قالت مصادر إن القمة العربية الدورية المقررة في بغداد تقرر تأجيلها إلى أواخر أبريل، بدلاً من مارس.
وقالت المصادر إن القمة التي يجري الإعداد لها تهدف إلى صياغة موقف عربي موحد رافض لفكرة تهجير الفلسطينيين من وطنهم ومحاولات تصفية القضية الفلسطينية، والدعوة إلى تضافر جهود المجتمع الدولي للتخطيط وتنفيذ عملية شاملة لإعادة الإعمار في قطاع غزة، بأسرع وقت بشكل يضمن بقاء الفلسطينيين على أرضهم.
وأوضحت أن مقترح عقد القمة يلقى توافقاً عربياً بين الدول الأعضاء، لافتة إلى أن حراكاً دبلوماسياً كبيراً تشهده الجامعة العربية والدول الأعضاء لعقد عدد من الاجتماعات سواء على المستوى الوزاري أو القمة.
ترحيب بحريني
من جانبه، أعلن وزير الخارجية البحريني عبد اللطيف الزياني، الجمعة، أن بلاده تدعم عقد قمة عربية طارئة في القاهرة للحفاظ على وقف إطلاق النار في غزة، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية.
وأضاف في تصريحات لوكالة الأنباء البحرينية، أن الموقف العربي تجاه القضية الفلسطينية “ثابت وموحد”، مشدداً على أن السلام العادل والشامل في الشرق الأوسط يعتمد على صيانة حقوق الشعب الفلسطيني، وعدم تهجيره من أراضيه، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة الكاملة.
وأكد وزير الخارجية البحريني أهمية استمرار المشاورات السياسية بين الدول العربية بخصوص التطورات في المنطقة، والحفاظ على وقف إطلاق النار، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق.
قمة بغداد في أبريل
وقالت مصادر لـ”الشرق”، إن القمة العربية الدورية التي كان مقرراً انعقادها في العاصمة العراقية بغداد، في مارس المقبل، تقرر تأجيلها إلى أواخر أبريل بسبب توافق الموعد الأول مع شهر رمضان.
وكان وفد من الأمانة العامة للجامعة العربية، زار مؤخراً العاصمة العراقية بغداد برئاسة السفير حسام زكي الأمين العام المساعد للجامعة، لمتابعة الاستعدادات التي تقوم بها دولة العراق لاستضافة القمة، سواء كانت استعدادات إدارية أو لوجيستية أو مراسمية.
واعتبر زكي أن الزيارة كانت إيجابية للغاية، حيث تناول العديد من الموضوعات المطروحة على طاولة القمة مع المسؤولين العراقيين، وعلى رأسهم وزير الخارجية فؤاد حسين، بهدف نجاح هذه القمة.
بدوره، قال رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في مقابلة خاصة مع “الشرق”، تعليقاً على استضافة بلاده للقمة العربية المقبلة، إن “عقد القمة في بغداد حدث مهم، ويكتسب أهميته لأنه يأتي في ظرف عصيب تمر به المنطقة، ويُمثل استحقاقات مهمة أيضاً، حيث المطلوب من الجامعة العربية والدول العربية أن تبين موقفها من مختلف القضايا كما يحصل في غزة ولبنان وسوريا، إضافة إلى باقي الدول العربية”.
وأضاف: “نحن نعد العدة لكي يكون هناك مضمون حقيقي في هذه القمة وتخرج بقرارات فاعلة تعالج كل القضايا التي تحصل وما يترتب عليها من استحقاقات، ولعل في مقدمتها الحفاظ على موقف موحد تجاه القضية الفلسطينية، وإعمار غزة ولبنان، وكذلك دعم العملية السياسية في سوريا”.
اتصالات مصرية مكثفة
فيما أجرى وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، اتصالات مكثفة مع عدد من نظرائه العرب، شملت وزراء خارجية السعودية والإمارات والكويت وسلطنة عمان والبحرين والأردن والعراق والجزائر وتونس وموريتانيا والسودان.
وقالت وزارة الخارجية المصرية في بيان، الجمعة، إن الاتصالات جاءت بتوجيهات من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في إطار تنسيق المواقف العربية والتشاور بشأن مستجدات القضية الفلسطينية والأوضاع الكارثية في قطاع غزة والضفة الغربية.
ووفقاً للبيان، شهدت الاتصالات تبادل الرؤي حول تطورات أوضاع القضية الفلسطينية، والتأكيد على ثوابت الموقف العربي إزاء القضية الفلسطينية، الرافض لأي إجراءات تستهدف تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه، أو تشجيع نقلهم إلى دول أخرى خارج الأراضي الفلسطينية، على ضوء ما تمثله هذه التصورات والأفكار من انتهاك صارخ للقانون الدولي، وتعدياً على الحقوق الفلسطينية وتهدد الأمن والاستقرار في المنطقة وتقوض فرص السلام والتعايش بين شعوبها.
وجاء في البيان أن “الاتصالات عكست إجماعاً على ضرورة السعي نحو التوصل لحل سياسي دائم وعادل للقضية الفلسطينية من خلال المسار العملى الوحيد، والذي يتمثل في إقامة دولة فلسطينية مستقلة على خطوط 4 يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وفقاً لمقررات الشرعية الدولية”.
حراك سياسي فلسطيني
كان رئيس الوزراء وزير الخارجية الفلسطيني محمد مصطفى، التقى في القاهرة رئيس الحكومة المصرية مصطفى مدبولي، ووزير الخارجية بدر عبد العاطي، كما التقى أمين عام الجامعة العربية أحمد أبو الغيط بمقر الأمانة العامة، بحضور وزير الداخلية الفلسطيني اللواء زياد هب الريح، وبحثا التطورات التي تشهدها الأراضي الفلسطينية.
وقال مصطفى في مؤتمر صحافي عقب اللقاء: “إننا وضعنا الأمين العام في صورة الحراك السياسي الذي تقوم به القيادة الفلسطينية بقيادة الرئيس محمود عباس والحكومة من أجل مجابهة التحديات القادمة خاصة على المستوى السياسي”، مضيفاً: “نتطلع العمل مع الأمانة العامة والدول الأعضاء في المرحلة المقبلة من أجل التغلب على تلك التحديات”. وأكد أن “شعبنا في قطاع غزة لهم الأولوية في الوقت الحالي”.
رفض عربي لتهجير الفلسطينيين
وفي الأول من فبراير، عبّرت دول المجموعة السداسية العربية، خلال الاجتماع الوزاري التشاوري بالقاهرة، عن “رفضها التام لأي محاولات لتهجير الفلسطينيين أو تقسيم قطاع غزة”، داعية إلى العمل على تمكين السلطة الفلسطينية لتولي مهامها في قطاع غزة، باعتباره جزءاً من الأرض الفلسطينية المحتلة إلى جانب الضفة الغربية والقدس الشرقية، وبما يسمح للمجتمع الدولي بمعالجة الكارثة الإنسانية التي تعرض لها القطاع بسبب العدوان الإسرائيلي.
وأكد وزراء خارجية دول السعودية والأردن والإمارات وقطر ومصر، إلى جانب أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، والأمين العام لجامعة الدول العربية، خلال اجتماعهم بالقاهرة، رفضهم المساس بحقوق الفلسطينيين غير القابلة للتصرف، سواءً من خلال الأنشطة الاستيطانية، أو الطرد وهدم المنازل، أو ضم الأرض، أو عن طريق إخلاء تلك الأرض من أصحابها، من خلال التهجير، أو تشجيع نقل أو اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم، بأي صورة من الصور، أو تحت أي ظروف ومبرّرات، بما يهدد الاستقرار، وينذر بمزيد من امتداد الصراع إلى المنطقة، ويقوّض فرص السلام والتعايش بين شعوبها.
كما نقل سفراء مصر والأردن والسعودية ونائبي سفيري دولة الإمارات وقطر لدى الولايات المتحدة، الاثنين، رسالة خطية من وزراء خارجية دولهم وممثل عن السلطة الفلسطينية (السداسية العربية)، إلى وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو تضمنت التأكيد على “أهمية العلاقات الاستراتيجية التي تربط الدول العربية بالولايات المتحدة”، وتطلعهم لـ”حل عادل للقضية الفلسطينية”.
وقالت وزارة الخارجية المصرية في بيان، إن السفراء أعربوا خلال لقاءهم مساعد وزير الخارجية الأميركي المكلف بشئون الشرق الأدنى تيموثي ليندركينج، عن تطلعهم للعمل مع الإدارة الأميركية الجديدة لدعم السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، واستئناف الجهود الرامية للتوصل إلى حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية، وفقاً لمقررات الشرعية الدولية، ودعو إلى “ضرورة تعزيز التعاون والتنسيق في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية”.
وذكر موقع “أكسيوس” أن المسؤولين العرب أعربوا في هذه الرسالة، عن رفضهم خطط تهجير سكان غزة، وطالبوا، بدلاً من ذلك، بإشراك الفلسطينيين في عملية إعادة إعمار القطاع.
“السيطرة الأميركية على غزة”
وفجرت تصريحات ترمب جدلاً واسعاً، بعدما أبدى رغبته في سيطرة الولايات المتحدة على قطاع غزة، بعد تهجير سكانه الفلسطينيين، إلى دول مثل مصر والأردن.
وقال ترمب في منشور على “تروث سوشيال”، الخميس، إن إسرائيل ستُسلم قطاع غزة إلى الولايات المتحدة بعد انتهاء القتال، وذلك على الرغم من الاعتراضات الدولية الواسعة على خطته بشأن مستقبل القطاع، التي كان أعلنها قبل يومين.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيل بنيامين نتنياهو، عبر في وقت سابق، عن تأييده “خطة ترمب” بشأن غزة، والتي أعلن فيها أن الولايات المتحدة ستسيطر على القطاع، وتحوله إلى ما سماه بـ”ريفييرا الشرق الأوسط”.
وقوبل مقترح الرئيس الأميركي برفض دولي مطلق، إذ عبّر حلفاء الولايات المتحدة، بما فيهم الأوروبيين، عن رفضهم اقتراح الرئيس دونالد ترمب بأن “تتولى” الولايات المتحدة السيطرة على قطاع غزة وإعادة توطين سكانه الفلسطينيين بشكل دائم، وأدانوه على الفور، معتبرين أن غزة “هي أرض الفلسطينيين، ويجب أن يبقوا فيها”.