تستعد ألمانيا لإجراء انتخابات عامة في 23 فبراير الجاري، بعد انهيار ائتلافها الحاكم الذي يضم الديمقراطيين الاجتماعيين، والليبراليين، والخضر.
ويتسم النظام الانتخابي في البلاد بالتناسبية الشديدة، إذ تعطي استطلاعات الرأي مؤشراً جيداً على شكل الحكومة التي قد تتشكل بعد الانتخابات.
وتظهر استطلاعات الرأي، تقدم حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي بنحو 30% من الأصوات، في حين يحتل حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف، المركز الثاني بنحو 20%، بينما يتأخر الحزب الديمقراطي الاجتماعي من يسار الوسط بزعامة أولاف شولتز وشريكه المتبقي في الائتلاف، حزب الخضر.
وقال زعيم المعارضة الألمانية، فريدريش ميرز، المرشح الأوفر حظاً في الانتخابات الفيدرالية، الاثنين، إن حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف هو “خصمه الأكثر أهمية” وأن “حزبه لن يتعاون معه أبداً”، حسبما نقلت “الجارديان”، وذلك في أعقاب الانتقادات التي واجهها، إثر تعاونه المثير للجدل مع الحزب اليميني المتطرف، لتمرير قانون بشأن الهجرة.
ما الأحزاب المتنافسة؟
تضم ألمانيا حزبين وسطيين كبيرين هما الحزب الديمقراطي الاجتماعي الذي ينتمي إليه شولتز من يسار الوسط والمحافظين المعارضين، وهو تحالف بين الديمقراطيين المسيحيين وحزبهم الشقيق البافاري، الاتحاد الاجتماعي المسيحي.
فقد كلا الحزبين الدعم في السنوات الأخيرة، مع اكتساب أحزاب أصغر مثل حزب الخضر وحزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف المزيد من الدعم.
كما يتنافس نائب المستشار، روبرت هابيك، من حزب الخضر، الشريك المتبقي في حكومة شولتز، على المنصب الأعلى في ألمانيا، رغم تأخر حزبه في استطلاعات الرأي. وإذا صمدت استطلاعات الرأي الأخيرة، فمن المرجح أن يقود ميرز الحكومة المقبلة كمستشار في ائتلاف مع حزب آخر على الأقل.
ويتقدم المحافظون بفارق مريح يزيد على 10 نقاط على الحزب الديمقراطي الاشتراكي في معظم استطلاعات الرأي. فيما يتقدم حزب “البديل من أجل ألمانيا” قليلاً على حزب شولتز، في حين يحتل حزب الخضر المركز الرابع.
كما يترشح الديمقراطيون الأحرار، المؤيدون لحرية السوق، وحزب لينكه اليساري المتطرف، والذين يواجهون جميعاً خطر فقدان عتبة 5% للوصول إلى البرلمان، وفقاً لاستطلاعات الرأي.
ماذا تقول استطلاعات الرأي؟
يتصدر المحافظون استطلاعات الرأي على مستوى البلاد لأكثر من عامين بنسبة 30%، وفقاً لأحدث استطلاع في 1 فبراير، يليهم حزب البديل لألمانيا بنسبة 22%.
انخفض تأييد الحزب الديمقراطي الاجتماعي بزعامة شولتز، ليحصل على 17%، متراجعاً إلى المركز الثالث من المركز الأول الذي حققه في انتخابات 2021. يليه حزب الخضر بنسبة 12% وحزب سارا فاجنكنيخت بنسبة 6%، و4% لكل من الحزب الديمقراطي الحر ولينكه.
يقول المحللون إن استطلاعات الرأي يمكن أن تتغير بسرعة، إذأصبح الناخبون أقل ولاءً للأحزاب مما كانوا عليه في السابق. في حملة انتخابات 2021، انتقل المحافظون من الصدارة إلى الوصيف في غضون بضعة أشهر.
ما أبرز القضايا الانتخابية؟
غزو أوكرانيا
تدعم جميع الأحزاب الرئيسية في ألمانيا، مساندة أوكرانيا في مواجهة الغزو الروسي، في حين يريد حزب البديل لألمانيا وحزب الاتحاد الاشتراكي الألماني إنهاء تزويد كييف بالأسلحة، واستئناف العلاقات الجيدة مع موسكو.
ومع ذلك، تبنى شولتز وحزبه الاشتراكي الديمقراطي مؤخراً نبرة أكثر حذراً من المحافظين والخضر والحزب الديمقراطي الحر، الذين يؤيدون جميعاً تسليم ألمانيا صواريخ توروس بعيدة المدى إلى كييف، مؤكدين على الحاجة إلى الدبلوماسية.
إحياء الاقتصاد
اقترح شولتز تحفيز الاستثمار الخاص وتحديث البنية الأساسية بصندوق خارج الميزانية بقيمة 100 مليار يورو. كما يخطط حزبه الاشتراكي الديمقراطي لاسترداد ضرائب مباشرة بنسبة 10% على استثمارات المعدات من قبل الشركات.
دعا روبرت هابيك من حزب الخضر، مثل شولتز، إلى إصلاح نظام كبح الديون الذي أقره الدستور الألماني للسماح بزيادة الإنفاق العام. كما أشار ميرز إلى بعض الانفتاح على إصلاح معتدل لنظام كبح الديون، لكن بيان حزبه تعهد بالاحتفاظ به. إن حزب البديل من أجل ألمانيا والحزب الديمقراطي الحر من المدافعين الشرسين عن الحد الأقصى للاقتراض العام.
واقترح بيان حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي/الاتحاد الاجتماعي المسيحي تخفيفاً مالياً واسع النطاق للشركات والمواطنين، بما في ذلك تخفيضات ضريبة الدخل والشركات، وخفض رسوم الكهرباء. ولم يذكروا كيف سيتم تمويل ذلك.
يريد حزب البديل من أجل ألمانيا التخلص من اليورو وإعادة التعامل بالمارك، وربما مغادرة الاتحاد الأوروبي.
الهجرة
أدت سلسلة من الهجمات العنيفة المرتبطة بالمشتبه بهم الأجانب في ألمانيا، إلى تفاقم المخاوف العامة بشأن الأمن والهجرة، مما دفع الأحزاب السياسية إلى المطالبة بتدابير أكثر صرامة بشأن الهجرة.
بعد الهجوم الأخير في 22 يناير الماضي، قدّم زعيم المحافظين مشروع قانون بدعم من حزب البديل من أجل ألمانيا، ولكن في وقت لاحق، فشل في تأمين الأغلبية لمشروع القانون حيث رفض بعض النواب من حزبه دعمه.
تبنى حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي المحافظ، موقفاً أكثر صرامة بشأن الهجرة في السنوات الأخيرة، داعياً إلى صد طالبي اللجوء على الحدود، وفرض قيود على لم شمل الأسر وتجنيس اللاجئين.
ودعا حزب البديل من أجل ألمانيا المناهض للهجرة؛ إلى إغلاق الحدود وعدم منح طالبي اللجوء الحق في لم شمل الأسرة. وذهب بعض كبار أعضاء حزب البديل من أجل ألمانيا إلى أبعد من ذلك في تعليقاتهم وكانوا حاضرين في المناقشات بين نشطاء اليمين المتطرف بشأن ترحيل ملايين الأشخاص من أصل أجنبي، بما في ذلك المواطنين الألمان.
وعزز الحزب الاشتراكي الديمقراطي نفسه، موقفه، من خلال فرض ضوابط حدودية أكثر صرامة وتسريع عمليات الترحيل، على الرغم من أنه يريد أيضاً جلب المزيد من العمال المهرة الأجانب.
وفي المقابل، يحافظ الخضر على سياسة لجوء أكثر انفتاحاً، ويروجون لمبادرات الإنقاذ البحري المدعومة من الدولة وتبسيط عمليات لم شمل الأسرة وتعزيز التكامل.
الطاقة
تظل أسعار الطاقة المرتفعة تشكل تحدياً هائلاً للأسر والشركات في ألمانيا وموضوعاً مهماً للحملات الانتخابية.
يتفق الحزب الديمقراطي المسيحي والحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر على توسيع استخدام الطاقة المتجددة لتقليل التكاليف، ولكنهم يختلفون في أساليب التمويل، إذ يقترح الحزب الديمقراطي المسيحي استخدام عائدات شهادات ثاني أكسيد الكربون الأعلى لخفض رسوم شبكة الكهرباء، في حين يدعم الحزب الاشتراكي الديمقراطي والخضر الإعانات الحكومية الممولة بالديون.
كما يقترح الحزب الديمقراطي المسيحي والبديل لألمانيا تقييم العودة إلى الطاقة النووية، وهي الفكرة التي رفضها الحزب الاشتراكي الديمقراطي والخضر.
يعارض البديل لألمانيا إعانات الطاقة المتجددة بالكامل، ويدعو إلى تشغيل محطات الطاقة التي تعمل بالفحم دون قيود، وإلغاء تسعير ثاني أكسيد الكربون لخفض تكاليف المستهلك وتعزيز أمن الطاقة.
العلاقات مع ترمب
مسألة كيفية التعامل مع الإدارة الجديدة للرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي أشار بالفعل إلى إمكانية زيادة التعريفات الجمركية وتقليص الدعم العسكري لأوروبا، حساسة بشكل خاص بالنسبة لألمانيا. تظل الولايات المتحدة الوجهة الأولى للصادرات الألمانية وحليفتها الأمنية الرئيسية.
وعارض شولتز من الحزب الديمقراطي الاجتماعي بشدة، تعليقات ترمب بشأن جزيرة جرينلاند وكندا، في حين أكد المرشح المحافظ على مجالات التعاون المحتمل مثل اتفاقية التجارة الحرة بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
وحذر هابيك من حزب الخضر من أن الاتحاد الأوروبي يجب أن يقف متحداً ويسعى إلى محادثات مع إدارة ترمب لأن الحرب التجارية ستضر في نهاية المطاف بجميع الأطراف.
وأعربت جميع الأحزاب الرئيسية عن تشككها في طلب ترمب من الدول الأوروبية زيادة الإنفاق على الدفاع إلى 5% من الناتج الاقتصادي، نظراً لأن ألمانيا ستكافح بالفعل للحفاظ على 2% بعد نفاد صندوقها الخاص للجيش. ومع ذلك، اقترح هابيك بالفعل زيادة إلى 3.5%.
الحزب الألماني الذي يؤيد إدارة ترمب هو حزب البديل من أجل ألمانيا، والذي تلقى تأييدات متعددة من حليف ترمب إيلون ماسك.