يصوت مجلس الشيوخ الأميركي في وقت لاحق الثلاثاء، على مشروع قانون يتضمن فرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، رداً على إصدارها مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف جالانت، بتهم ارتكاب جرائم حرب ضد المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة.
ومن المرتقب أن يتم تمرير المشروع الذي يحمل اسم “قانون مكافحة المحكمة غير الشرعية”، والذي عرضه عضو مجلس الشيوخ الجمهوري توم كوتون و11 جمهورياً آخرين، بعد أن مرره مجلس النواب الذي يقوده الجمهوريون في وقت سابق من الشهر الجاري، بحسب ما أوردت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية.
ومن المتوقع أن ينضم عدد من أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين المؤيدين لإسرائيل إلى نظرائهم الجمهوريين للتصويت لصالح تمرير مشروع القانون.
وقال العضو مجلس الشيوخ الديمقراطي جون فيترمان لـ”واشنطن بوست”: “أريد أقوى نسخة، وسأصوت لصالحها”.
وأضاف: “لا أدري لماذا لا تصوتون لصالح فرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية، بعد تصرفاتها مع إسرائيل”.
ويصف مشروع القانون تصرفات المحكمة الجنائية الدولية ضد إسرائيل بأنها “غير شرعية” و”لا أساس لها”، معتبراً أنها ستشكل “سابقة مضرة” تهدد الولايات المتحدة وإسرائيل، و”شركاء آخرين لم يخضعوا لاختصاص المحكمة الجنائية الدولية”.
والمحكمة الجنائية الدولية التي تضم 125 عضواً، هي محكمة دائمة يمكنها مقاضاة الأفراد بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وإبادة جماعية وجريمة العدوان على أراضي الدول الأعضاء، أو من قبل مواطنيها.
والولايات المتحدة والصين وروسيا وإسرائيل ليست أعضاء في المحكمة، التي اتخذت مؤخراً تدابير لحماية موظفيها من العقوبات المحتملة، من خلال دفع رواتب 3 أشهر مقدماً، وذلك وسط استعدادها لقيود مالية قد تستهدفها.
وينص مشروع القانون كذلك على فرض عقوبات على أي أجنبي يحقق أو يعتقل أو يحتجز أو يحاكم مواطنين أميركيين أو مواطنين من دول حليفة ليست أعضاء في المحكمة، وهو ما يشمل إسرائيل.
وفي حال تم تمرير مشروع القانون، فقد تجبر المحكمة على إغلاق مكاتبها في أوكرانيا ومناطق أخرى، بحسب الصحيفة الأميركية، التي توقعت أن يكون له “آثار مخيفة” على المنظمات التي تتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية، والقضاة والمدعين العامين، وضباط الشرطة، والموظفين المدنيين والمنظمات غير الحكومية.
وقال موظفون في مجلس الشيوخ لـ”واشنطن بوست”، إن عضوة مجلس الشيوخ الديمقراطية جين شاهين تسعى لـ”إجراء تعديلات على مشروع القانون تشمل توفير بعض الحماية لفروع الشركات الأميركية وحلفاء الولايات المتحدة الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية، مع الاستمرار في تنفيذ بعض التدابير العقابية للاتهامات التي وجهتها المحكمة إلى القادة الإسرائيليين”.
مخاوف أوروبية
وحذر 20 من كبار الدبلوماسيين الأوروبيين في رسالة خاصة إلى قادة مجلس الشيوخ وأعضاء لجنة العلاقات الخارجية، من أن تتسبب العقوبات الأميركية المحتملة بـ”تقويض سيادة القانون الدولي، وهو أمر بالغ الأهمية لتعزيز النظام والأمن حول العالم”.
واعتبر الدبلوماسيون في الرسالة التي اطلعت عليها “واشنطن بوست”، أن “مثل هذه التدابير من شأنها أن تقوض مبدأ العدالة والمساءلة والدولية، الذي كانت الولايات المتحدة من أشد المؤيدين له، وتعزز مواقف الدول التي تعارض سيادة القانون”.
وحذروا كذلك من احتمال أن تقوض العقوبات “جميع القضايا التي لا تزال تحقق فيها المحكمة، والتي وصلت بعضها بالفعل إلى مرحلة متقدمة، ويرجع ذلك جزئياً إلى الدعم الأميركي”.
وكالة “رويترز” عن مصدرين أن “النطاق الدقيق للعقوبات والأهداف لا يزال غير واضح، لكن المحكمة تستعد لتداعيات مالية كبيرة”.
وذكر أحد المصادر أن هناك مخاوف من أن شركة التكنولوجيا الأميركية العملاقة “مايكروسوفت” قد تضطر إلى التوقف عن العمل مع المحكمة.
ومن المتوقع أن تلتزم أي بنوك لها علاقات بالولايات المتحدة، أو تجري معاملات بالدولار، بالعقوبات، مما يحد بشدة من قدرة المحكمة الجنائية الدولية على إجراء المعاملات المالية.
وقد تكون هذه المرة الثانية التي تواجه فيها المحكمة “انتقاماً أميركياً”، إذ فرضت إدارة ترمب الأولى في عام 2020، عقوبات على المدعية العامة آنذاك فاتو بنسودا وأحد كبار مساعديها، بسبب تحقيق المحكمة الجنائية الدولية في “مزاعم جرائم حرب” ارتكبتها القوات الأميركية في أفغانستان.