لا يزال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يخوض معركة سياسية داخلية لكسب الدعم للمصادقة على اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة وتبادل الأسرى، في مجلس الوزراء والمجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينت)، والذي من المقرر التصويت عليه الجمعة، بعدما كان مقرراً صباح الخميس.
وباتت الأزمة بين رئيس الوزراء ووزير الأمن القومي إيتمار بن جفير وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، شريكا نتنياهو في الائتلاف الحاكم والرافضين لموافقة على الحكومة على الاتفاق، مرشحة للتصعيد أكثر.
وسبق أن هدد بن جفير بالانسحاب من الحكومة في حال تمت الموافقة على الاتفاق، فيما قال سموتريتش إنه يدرس خطوة مماثلة، ووضع في اجتماعه مع نتنياهو، الأربعاء، عدة شروط لعدم الانسحاب من الحكومة، منها “إنهاء حكم حماس”، و”العودة للقتال بعد 42 يوماً أي بعد انتهاء المرحلة الأولى من الاتفاق”، الذي يتضمن 3 مراحل، و”تقليص المساعدات الإنسانية”، و”السيطرة الدائمة على أراضٍ في غزة”، إضافة إلى “تشجيع الهجرة”.
ووصف وزير المالية الإسرائيلي، الذي بدأ سلسلة من الاتصالات والاجتماعات مع نتنياهو وعدد من الوزراء والمستشارين المقربين منه في محاولة لحلحلة أزمة سياسية، مساء الأربعاء، الاتفاق بأنه “سيء وخطير على الأمن القومي الإسرائيلي”، معلناً أنه “لن يبقى يوماً واحداً في الحكومة إذا لم يتم الالتزام بهذه الشروط”، وأضاف: “الآن الكرة في ملعب نتنياهو”.
وفي حال استجاب نتنياهو لشروط سموتريتش وحزبه “الصهيونية الدينية” المتطرف، فسيخل بالاتفاق المنجز بوساطة أميركية وقطرية ومصرية.
وبن جفير، الذي لن يؤدي انسحابه إلى سقوط حكومة نتنياهو، حث سموتريتش على الانضمام إليه في محاولة أخيرة لمنع اتفاق وقف إطلاق النار الذي وصفه بأنه “استسلام خطير لحركة حماس”.
وفقد بن جفير وحزبه “عوتسما يهوديت” (عظمة يهودية) القدرة على تهديد وحدة الائتلاف الحاكم، عقب انضمام حزب وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر اليميني “تكفا حدشاه”، (الأمل الجديد)، مع 4 أعضاء كنيست إلى حكومة نتنياهو، في سبتمبر الماضي، إذ ارتفع عدد أعضاء الائتلاف إلى 68 عضواً من أصل 120 عضواً في الكنيست.
“تغيير في مفهوم الحسم”
وينتظر الاتفاق مصادقة المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية، وأيضاً الحكومة الإسرائيلية بكامل أعضائها، وفي حال تم رفض مطالب حزب “الصهيونية الدينية”، فمن المتحمل أن يبقى نتنياهو بلا حكومة وائتلاف، ما قد يضطره لبدء المفاوضات مع المعارضة والقبول بشروطها للانضمام إلى حكومته أو التوجه إلى انتخابات برلمانية مبكرة.
وكان من المقرر أن يتم التصويت على الاتفاق، صباح الخميس، لكن تم تأجيله حيث أشارت وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى أن التأخير في عقد اجتماع الحكومة يرجع إلى محاولات الحصول على دعم سموتريتش للاتفاق، فيما ذكرت “هيئة البث الإسرائيلية” أن الاجتماع مقرر الجمعة.
وقال حزب “الصهيونية الدينية” في بيان بعد الاجتماع الذي عقده، صباح الخميس، لبحث مسألة استمراره في الائتلاف، إنه “مع أهمية استعادة جميع المحتجزين الإسرائيليين”، و”يعارض بشدة الاتفاق الجاري”.
وطالب الحزب بـ”تغيير جذري في مفهوم الحسم والانتصار مباشرة بعد المرحلة الأولى من الاتفاق”، معتبراً أن “ذلك شرطاً لاستمرار الحزب في الحكومة والائتلاف”.
وقال تسفي سوكوت العضو في الكنيست عن حزب “الصهيونية الدينية” في تصريحات لوسائل إعلام إسرائيلية، إنه “في حال أراد نتنياهو استمرار حكومته، عليه أن يضمن استمرار هذه الحرب. وإذا لم نكن واثقين من أن الحرب ستستمر حتى تحقيق النصر وأهدافها، فلا أرى جدوى من البقاء في الحكومة”.
ونقلت صحيفة “واي نت” الإسرائيلية عن مصدر مطلع على المناقشات قوله، إن “سموتريتش يشعر بصراع عميق، إذ يخشى أن تؤدي موافقته على الاتفاق إلى تشويه سمعته”.
وأشار إلى أنه “قلق” من أن تكون “التداعيات السياسية مشابهه للتي عانى منها زعيم حزب (شاس) أرييه درعي، بعد دعمه لاتفاقيات أوسلو المبرمة عام 1993” مع السلطة الفلسطينية.
وأصدر مكتب رئيس الوزراء بياناً، صباح الخميس، اتهم فيه “حماس” بـ”التراجع عن بعض الاتفاقات”، و”خلق أزمة خلال عملية إنجاز الاتفاق”، وهو ما نفته الحركة الفلسطينية.
ونقلت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” عن مسؤول إسرائيلي قوله إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو “يماطل بسبب حكومته الائتلافية”، بعد تهديد بن جفير، وسموتريتش بالانسحاب.
وبشأن عدم إعلان نتنياهو عن الاتفاق، أرجع المسؤول الإسرائيلي ذلك إلى “سياسة الائتلاف” الحاكم.