استأنف رئيس الوزراء اللبناني المكلف نواف سلام مشاوراته مع أعضاء مجلس النواب بشأن تشكيل الحكومة الجديدة، سعياً إلى توافق بشأن الوزراء وبرنامج العمل والأهداف، قبل عرض الحكومة على مجلس النواب لنيل الثقة.
وبدأ سلام مشاورات اليوم الثاني، الخميس، بلقاء النائب جميل السيد، الذي قال في تصريحات عقب اللقاء “انتخبنا رئيساً ونشكّل حكومة تحت النار، وهذا يُعتبر مقصوداً”، وفق ما ذكرته وكالة الأنباء اللبنانية.
ونقلت الوكالة عن النائب أسامة سعد قوله إنه أطلع رئيس الحكومة المكلف على رؤيته للحكومة، مؤكداً أن “على الحكومة أن تضمن توافقات وطنية حول ملفات لبنانية حساسة”.
وأضاف: “شعبنا في الجنوب وفي كلّ لبنان قدمّ الدم في مواجهة العدو (إسرائيل) ومن الإنصاف والمسؤولية الوطنية أن تكون له حكومة قادرة على حماية لبنان واحتضان أسر شهدائه وإدارة ورشة إعمار سريعة وتأمين العودة (للنازحين)”.
فيما أكد النائب عبد الرحمن البزري دعمه لرئيس الوزراء المكلف واعتبر أن “التحديات كبيرة لكن الآمال كبيرة أيضاً”، وأشار إلى أن “الدعم الدولي الملحوظ سيدفع بلبنان إلى تخطي هذه المرحلة”.
وأضاف: “طالبنا بحكومة كفاءات بعيداً من الحسابات السياسية وأن تكون هناك أوسع قاعدة تمثيلية وألا يكون هناك مكوّن مغيب عن التشكيلة”.
الإسراع بتشكيل الحكومة
وقال النائب جان طالوزيان إنه طلب من سلام الإسراع في تأليف الحكومة و”وضع بيانها الوزاري في اقل من مهلة الثلاثين يوماً المفترضة وان تكون التركيبة مشابهة لمقدمة الدستور التي تؤكد أن لبنان لجميع اللبنانيين وتتحدث عن الاقتصاد والتعاون بين السلطات والفصل بينها. وإذا أُلفت الحكومة على هذا الشكل تحظى بثقة مجلس النواب والشعب والمجتمع الدولي”.
وبدأت، الأربعاء، الاستشارات النيابية غير الملزمة لتشكيل حكومة جديدة برئاسة نواف سلام، في ظل ترقب لعدد أعضاء الحكومة، وحجم تمثيل القوى السياسية داخلها.
والتقى سلام نائب رئيس مجلس النواب ألياس بوصعب، ونواب كتل “تحالف التغيير”، “اللقاء الديمقراطي”، “اللقاء التشاوري المستقل”، “الاعتدال الوطني”، “لبنان القوي”، “الجمهورية القوية”، “الوطني المستقل”، “الكتائب”، “الطاشناق”، “التوافق الوطني”، و”تجدد”، بحسب وكالة الأنباء اللبنانية.
ورغم أن سلام حصد أصوات الأكثرية في الاستشارات النيابية الملزمة مع الرئيس جوزاف عون، تشير التوقعات إلى أن النواب الرافضين بتسميته لرئاسة الحكومة قد يكون أول تحدٍ لسلام في مسار تشكيل الحكومة.
وتنص المادة 64 من الدستور اللبناني عل ان رئيس مجلس الوزراء “يجري الاستشارات النيابية لتشكيل الحكومة ويوقع مع رئيس الجمهورية مرسوم تشكيلها. وعلى الحكومة أن تتقدم من مجلس النواب ببيانها الوزاري لنيل الثقة في مهلة 30 يوماً من تاريخ صدور مرسوم تشكيلها. ولا تمارس الحكومة صلاحياتها قبل نيلها الثقة ولا بعد استقالتها أو اعتبارها مستقيلة إلا بالمعنى الضيق لتصريف الأعمال”.
“القرار لسلام”
وعن شكل الحكومة المقبلة وأبرز المطالب النيابية، قال بلال عبد الله، العضو في كتلة “اللقاء الديموقراطي” النيابية التي يترأسها تيمور جنبلاط نجل الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، إنهم “لم يتحدثوا مع رئيس الوزراء المكلف بموضوع شكل الحكومة وعدد أعضاءها، وهو أمر يعود له فهو صاحب القرار بالتشاور مع رئيس الجمهورية بحسب الدستور”.
وأضاف عبد الله لـ”الشرق”: “قلنا له (نواف سلام) بأنه ليس لدينا أي مطلب خاص، وأبلغناه رسالة مفادها سنسهّل كل الأمور المطلوبة لدعم الحكومة”.
وأشار إلى أن الكتلة لم تطلب تسلم أي وزارة، وتابع: “على العكس وضعنا أنفسنا بتصرّف رئيس الحكومة المكلف، وقلنا له بأننا جاهزون لتسهيل مهمته على قاعدة التسريع بتشكيل الحكومة وتسريع الخطوات للتعافي الاقتصادي والسياسي في ظل قرار وقف إطلاق النار الذي تم التوصل اليه بين حزب الله وإسرائيل”.
وشدد عبد الله على أهمية “لم الشمل الداخلي، ومعالجة كل تداعيات التسمية والتكليف في ضوء الموقف الأخير لثنائي (حركة أمل) و(حزب الله) والشروع بالعمل بأقصى سرعة”.
صدمة الثنائي
ولا يزال “حزب الله” و”حركة أمل” في لبنان تحت آثار صدمة سياسية إثر تكليف سلام بتشكيل الحكومة، بعدما اعتقدت الجماعتان أن لديهما ما يكفي من التفاهمات والاتفاقات لضمان فوز مرشحهما رئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي.
وعن رأي كتلة “اللقاء الديموقراطي” بمشاركة “الثنائي الشيعي” داخل الحكومة، قال عبد الله: “من دون إعطاء رأينا، رئيس الحكومة المكلف مصرّ على أن يكون شكل الحكومة جامع ومكتمل وطنياً”.
وأعرب عن اعتقاده بأن هذا الموضوع “سيعالجه سلام بالتروي والهدوء والحكمة بالتعاون مع رئيس الجمهورية إضافة إلى حكمة وحرص رئيس مجلس النواب (وهو رئيس حركة أمل أيضاً) نبيه بري في هذا الظرف الدقيق”.
وبشأن مطالب البعض بتشكيل حكومة اختصاصيين من غير الحزبيين، يرى عبد الله أن “على كل شخص أن يقرن شعاراته بالممارسة، ومن أعطى ثقته لرئيس الجمهورية ولرئيس الحكومة عليه أن يتركهما يقررا ومن دون أن نعطي إملاءات وتنظيرات، البلد من دون أحزاب يعود طوائف ومذاهب من دون طعمة، فليسمحوا لنا بها”.
الإصلاح المالي والإداري
من جهته، قال أسعد ضرغام، عضو “تكتل لبنان القوي” النيابية والتي يقودها رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، إن “الكتلة لم تتحدث بتفاصيل شكل الحكومة، ومن الواضح حرص رئيس الحكومة المكلّف على مشاركة الجميع بالحكومة، وحرصه على ألا يتم إقصاء أحد”.
وأكد ضرغام لـ”الشرق” أنه “لم يكن لدى الكتلة أي مطلب لتسلم أي حقيبة وزارية، ولم يدخل بالتفاصيل”، موضحاً أن “تكتل لبنان القوي” طالب سلام بـ”الإصلاح المالي والإداري”.
وفي شأن موقف الثنائي “حركة أمل” و”حزب الله”، لفت ضرغام إلى أن “التكتل يرى ضرورة مشاركة ممثلين عن كل الكتل النيابية لأن لبنان بحاجة إلى الجميع خصوصاً في ظل هذا الوضع”.
وحول موقف الكتلة من تصريحات النائب عن حزب القوات جورج عدوان من أنه “إذا وُضعت عبارة شعب وجيش ومقاومة في البيان الوزاري فالقوات لن تُشارك في الحكومة، وستكون في المُعارضة”، قال ضرغام: اليوم هناك خطاب القسم وكلمة رئيس الحكومة المكلف، برأيي يمكن الجمع بينهما، وبالتالي من دون أن ندخل في التفاصيل الخلافية”.
وأعرب عن اعتقاده بأنه “ليس هناك أحد في لبنان يرفض تطبيق اتفاق الطائف، وحتى ليس هناك أيضاً في لبنان من يرفض تطبيق قرار (مجلس الأمن) 1701 وأعتقد أن هناك إجماع على الفكرتين اللتين يكملان بعضهما البعض”.
دعم الرئيس
النائب في كتلة الجمهورية القوية (القوات اللبنانية) رازي الحاج أكد لـ”الشرق” أن ما يهم القوات اللبنانية اليوم هو “دعم انطلاقة رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف وتكتل القوات وكفاءاته بتصرّف هذه الانطلاقة”.
وشدد على أن “القوات ليس لديها أي مطلب خاص إنما بالتأكيد شددنا في الموضوع السياسي على بعض النقاط لعكس حقيقة خطاب القسم وألا يكون هناك ألغام وتفخيخ لمسيرة الحكومة والعهد”.
وعن موقف الرئيس المكلف من رفض القوات أن ترد عبارة “شعب وجيش ومقاومة” في البيان الوزاري، قال النائب الحاج: “بطبيعة الحال كان الرئيس المكلّف واضحاً وذكر تطبيق اتفاق الطائف وبسط الدولة لسيادتها على كامل الأراضي اللبنانية وكان هناك تناغم بالأفكار”.
وتعليقاً على الموقف الأخير لثنائي حركة أمل وحزب الله من تسمية سلام، قال النائب الحاج: “نحن مع الالتزام بخطاب القسم نصاً وروحاً، وبالتالي إذا التزم الثنائي بخطاب القسم وتوجّه الحكومة وببسط سلطة الدولة وسيادتها على كامل الأراضي اللبنانية ويدخل إلى العمل ضمن كنف الدستور فلن نعمل على عزل أحد”.