انضمت نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس، الاثنين، إلى قائمة قصيرة من نواب الرؤساء الذين خاضوا السباق الرئاسي وخسروه، ووجدوا أنفسهم في موقف يضطرهم للإشراف على التصديق الرسمي لهذه الخسارة، إذ أن نائب الرئيس هو رئيس مجلس الشيوخ، وفقاً للدستور الأميركي.
وصادقت هاريس، كنائبة للرئيس على فوز الرئيس المنتخب دونالد ترمب في انتخابات 2024 وهزيمتها، في جلسة مشتركة لمجلسي النواب والشيوخ الاثنين، مرت بهدوء، وبالشكل الروتيني المعتاد، بعد أحداث درامية شهدتها آخر جلسة للتصديق على نتائج الانتخابات قبل 4 سنوات، حين اقتحم أنصار ترمب مبنى الكابيتول لوقف التصديق على خسارته.
وحدث هذا الموقف، الذي يضع نائب الرئيس في لحظة للتصديق على نتائج انتخابات خسرها، في 3 مناسبات أخرى فقط خلال العقود الأخيرة.
ففي عام 1961، أشرف ريتشارد نيكسون، نائب الرئيس آنذاك، على التصديق على فوز جون كينيدي، وفي عام 2001، تولى آل جور، بعد خسارته أمام جورج بوش الابن، نفس المهمة، وفي 2021 صدق مايك بنس نائب دونالد ترمب حينها على خسارته وفوز جو بايدن وكامالا هاريس بالرئاسة.
وكان من المفترض أن يصدق نائب الرئيس هيوبرت همفري الذي خسر انتخابات 1968 الرئاسية أمام ريتشارد نيكسون على خسارته، ولكنه غاب عن عملية التصديق الرويتينة، لحضور جنازة النرويجي تريجفه لي أول أمين عام للأمم المتحدة، والذي توفي في 30 ديسمبر 1968. وفي هذه الحالة تم تعيين رئيس مؤقت لمجلس الشيوخ وكان حينها ريتشارد راسل العضو الديمقراطي عن ولاية جورجيا.
وقال ديفيد توماس، الاستراتيجي الديمقراطي والمساعد السابق لآل جور لصحيفة The Hill: “أن تجد نفسك في موقف تصدق فيه على نتيجة انتخابات خسرتها هو واحد من أصعب وأشد التجارب في الحياة العامة”.
وسجلت هاريس رسالة مصورة قبل التصديق تعهدت فيها بـ”بأداء واجبي الدستوري كنائبة للرئيس بالتصديق على نتيجة الانتخابات، هذا التزام مقدس، سأؤديه بدافع حب الوطن، وولاء للدستور، وإيمان لا يتزعزع بالشعب الأميركي”.
دور نائب الرئيس
وكان ينظر إلى دور نائب الرئيس في الإشراف على عد أصوات المجمع الانتخابي أمام الكونجرس، لعقود إجراءً شكلياً وروتينياً، لكنه أصبح الآن يثير الاهتمام بعد أحداث 6 يناير 2021 عندما اقتحم أنصار دونالد ترمب مبنى الكابيتول احتجاجاً على فوز جو بايدن في انتخابات 2020 بحجة التزوير، ما جعل يوم التصديق يشوبه شيء من الترقب والتوجس.
وفي ذلك اليوم، رفض نائب الرئيس آنذاك، مايك بنس، الضغوط التي مارسها ترمب لقلب نتيجة الانتخابات، وأصبح محط هتافات عدائية من المقتحمين الذين كانوا يطالبون بمعاقبته.
ولفت السيناتور الديمقراطي كريس ميرفي الأنظار إلى أهمية الهدوء الذي شهده مبنى الكابيتول، الاثنين، مقارنة بما وقع قبل أربع سنوات.
وقال ميرفي في تصريح عبر “إكس”: “لا تأخذوا هذا الهدوء اليوم كأمر مفروغ منه، هناك حزب واحد فقط يحترم الانتخابات. أما الحزب الآخر، فهو يبرر العنف ويستخدمه كوسيلة للحفاظ على السلطة”.
وأضاف السيناتور أن “الوضع كان يمكن أن يكون مختلفاً تماماً لو فازت نائبة الرئيس كامالا هاريس في الانتخابات الأخيرة”. وتابع: “لو كانت هاريس قد فازت، لكان اليوم على الأرجح يوماً دموياً آخر”.
رفض نسيان الأحداث
وحذّر بايدن من خطورة نسيان أحداث 6 يناير 2021، معتبراً أن “الديمقراطية ليست مضمونة حتى في أميركا”.
وذكر بايدن في مقال رأي كتبه في صحيفة “واشنطن بوست”، أن “ذلك اليوم يجب أن يُحيى سنوياً كذكرى لاختبار صمود الديمقراطية الأميركية، وانتصارها في مواجهة العنف والفوضى”.
وقال: “لقد هاجم متمردون عنيفون مبنى الكابيتول، وهددوا حياة المسؤولين المنتخبين، واعتدوا على ضباط إنفاذ القانون الشجعان”.
بدوره أصدر زعيم الديمقراطيين في مجلس النواب، حكيم جيفريز، بياناً يدعو فيه الأميركيين إلى عدم نسيان الأحداث التي وصفها بأنها “محاولة متعمدة لتعطيل الانتقال السلمي للسلطة لأول مرة في تاريخ الولايات المتحدة”.
وأشار جيفريز في بيانه إلى أن “أكثر من 140 ضابط شرطة أصيبوا بجروح خطيرة في ذلك الهجوم، فيما فقد آخرون حياتهم نتيجة لهذه الأحداث”.
وقال إن المهاجمين “دنّسوا مبنى الكابيتول، وهددوا بشنق نائب الرئيس، واغتيال رئيسة مجلس النواب، ومطاردة أعضاء الكونجرس، مؤكداً أنهم “لم يكونوا أشخاصاً محبون للسلام”.
وطالب جيفريز الشعب الأميركي بأن ألا ينسى الأرواح التي فُقدت وبطولة رجال الأمن في مواجهة ما وصفه بـ”محاولة التمرد”، مؤكداً أن التاريخ سيظل يتذكر تلك الأحداث، مشدداً على أن “العنف الذي وقع أمام أعين الجميع لن يُسمح بتبييضه”.