تستعد السلطات اللبنانية لبدء العمل على رفع أنقاض المباني والمخلفات الناجمة عن الحرب الإسرائيلية على لبنان، التي استمرت لأكثر من عام وزادت حدتها في الفترة بين سبتمبر ونوفمبر 2024، والتي تُقدّر بنحو 10 أضعاف حجم الركام الناتج عن حرب يوليو 2006 التي استمرت لمدة شهر.
وأشارت تقديرات حكومية لبنانية إلى أن حجم الركام الناتج عن الحرب التي دارت رحاها قبل أكثر من عام بين إسرائيل وجماعة “حزب الله”، يتراوح بين 50 إلى 100 مليون متر مكعب، بما يُمثّل من 5 إلى 10 أضعاف حجم الركام الناتج عن حرب يوليو 2006.
وأعلن وزير الأشغال العامة والنقل في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية علي حمية، الأسبوع الماضي، أن “ملف رفع الركام سيدخل مرحلة التنفيذ بعد اعتماد المعايير التقنية والعلمية والقانونية من قِبَل الجهات المختصة قبل إسناد أعمال الرفع إلى الشركات”.
وفي 27 نوفمبر 2024، دخل اتفاق لوقف إطلاق النار بين جماعة “حزب الله” اللبنانية والجيش الإسرائيلي حيز التنفيذ، وذلك بعد شهور من عمليات عسكرية متبادلة بين الطرفين.
وتم الاتفاق، الذي وافق عليه مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي وقيادات “حزب الله”، بوساطة أميركية قدمت فيها الولايات المتحدة مقترحاً ينص على إنهاء الأعمال القتالية التي استمرت لأكثر من عام. وقال الرئيس الأميركي جو بايدن آنذاك إن الاتفاق يهدف إلى وقف العمليات القتالية بشكل دائم.
“العشوائية مضرة”
يرى معنيون بشؤون البيئة أن رفْع الركام والمخلفات ونقلها لأماكن بعيدة يقابله الكثير من التحديات باعتبارها عملية محفوفة بالمخاطر البيئية والصحية، نظراً؛ لأنها قد تحتوي على مواد تشكل خطراً على الصحة والأمن مثل ألواح الطاقة الشمسية والبطاريات والأجهزة الكهربائية والإلكترونية والذخائر.
وحذَّر رئيس “حزب الخضر” اللبناني فادي أبي علام، من تداعيات مضرة بسبب ما وصفه بـ”التعامل العشوائي” مع خطط رفْع الأنقاض وطريقة التخلص من المخلفات.
وأضاف أبي علام في تصريحات لـ”الشرق” أن “التعامل العشوائي مع هذا الملف مضر ومدمر. تدمرت منازل وشوارع وأحياء بأكملها، لذا ينبغي إعادة النظر فيما يتعلق بها لوضع رسومات هندسية وفق تصميمات بيئية مفيدة، وأن نعيد زراعة الأشجار والحدائق”.
كما أعرب مختصون في مجال البيئة والصحة العامة عن خشيتهم من تنفيذ اقتراح باستخدام الأنقاض في ردم مطمر “الكوستا برافا” جنوب العاصمة بيروت، أو ردم المحاجر.
وأشاروا إلى أنه ينطوي على مخاطر بيئية، ويُعرِّض التربة لتسرُّب التلوث الناتج عن القصف الإسرائيلي، مثل الفوسفور الأبيض.
ويُعتبر “مطمر الكوستا برافا” أحد أكبر مكبات النفايات في بيروت، ويقع بالقرب من مطارها الدولي.
آليات التنفيذ
في المقابل أكد مستشار وزير البيئة في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية حسن دهيني، أن الحكومة تعمل على تشديد الشروط والضمانات البيئية لتكون موحدة لدى كل الجهات التي ستعمل مع متعهدين لإزالة الركام.
وقال دهيني في تصريحات لـ”الشرق” إن الحكومة تعمل حالياً على إنجاز دفتر شروط لإزالة الردم، ومن بينها مادة تُلزم المتعهد بضمانات بيئية وتجنُّب النقل العشوائي.
وبشأن آلية التنفيذ، أوضح أنه “في حالة كان هناك إسناد للنقل إلى طرف ما، سينقل المتعهد المخلفات إلى مواقع معتمدة من ضمن اللائحة التي أصدرها وزير البيئة، بحيث تكون هناك مواقع محددة لاستقبال الشحنات”.
ولفت إلى أنه “سيتم إزالة المخلفات والذخائر والمواد الخطرة قبل الشروع في عمليات النقل”، منوهاً بأن “كل متعهد سيحصل على موافقة وزارة البيئة قبل البدء في عمليات الفرز”.
ورصدت الحكومة اللبنانية نحو 44 مليون دولار لعمليات رفْع الأنقاض من مختلف المناطق التي تعرَّضت للقصف الإسرائيلي.
وقدَّر البنك الدولي في تقرير بتاريخ نوفمبر الماضي، خسائر اقتصاد لبنان وقطاعاته الرئيسية بسبب الحرب الإسرائيلية بنحو 8.5 مليار دولار، بينها 3.4 مليار دولار تكلفة الأضرار التي لحقت بنحو 100 ألف وحدة سكنية.