روى وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، تفاصيل عدة مشاهد من زيارته الأولى لسوريا عقب سقوط نظام بشار الأسد، ولقاءه بممثلين عن الإدارة السورية الجديدة، لبحث ملامح المرحلة الانتقالية، و”إظهار الانفتاح على الاعتراف بالحكام الجدد، مع حثهم على الاعتدال واحترام حقوق الأقليات”.
وبدأ بارو سلسة تغريدات عبر حسابه على “إكس”، بالتعبير عن مشاعره “القوية” لدى دخوله السفارة الفرنسية في دمشق، “بعد 13 عاماً على إغلاقها عندما قمع بشار الأسد ثورة 2011 بشكل دموي”، مضيفاً: “ألوان بلدنا ترفرف مرة أخرى فوق دمشق، وستبقى فرنسا إلى جانب السوريين في هذه المرحلة الانتقالية”.
وأرفق جان نويل بارو منشوره بمجموعة صور من جولته داخل مقر السفارة الفرنسية، وإحداها تظهر صورة الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي، معلقة على حائط تبدو عليه آثار الإغلاق.
وبخصوص المرحلة الانتقالية قال الوزير الفرنسي إنه ووزيرة خارجية ألمانيا أنالينا بيربوك حصلا على “تأكيدات من الإدارة السورية الجديدة بشأن المشاركة الواسعة للجميع، بما في ذلك النساء، في عملية الانتقال السياسي، علاوة على استضافة بعثة منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، من أجل تدمير الأسلحة الكيميائية، والتعاون مع لبنان”.
وعن “سجن صيدنايا” قال: “يجب تحقيق العدالة للوصول إلى المصالحة والتعافي في سوريا.. فرنسا ستقوم بدورها الكامل في هذا الشأن.. في هذا السجن السيئ السمعة، وآلة الموت، دمر نظام الأسد حياة آلاف البشر”.
وفيما يتعلق بالمجتمع المدني أضاف الوزير الفرنسي: “بفضل عزم الشعب السوري بتنوعه، وٌلد أملاً جديداً في سوريا ذات سيادة ومستقرة.. وعلى السوريين والسوريات أن يساهموا في ذلك”.
وقال وزيرا خارجية ألمانيا وفرنسا اللذان يزوران دمشق نيابة عن الاتحاد الأوروبي، الجمعة، إنهما يريدان إقامة علاقة جديدة مع سوريا وحثا على تحقيق انتقال سلمي للسلطة.
وبيربوك وبارو هما أول وزيرين من الاتحاد الأوروبي يزوران سوريا منذ سيطرة قوات المعارضة على دمشق في الثامن من ديسمبر، مما أجبر الرئيس السوري السابق بشار الأسد على الفرار بعد أكثر من 13 عاماً من الحرب الأهلية لينتهي حكم عائلته المستمر منذ عقود.
وهدف الزيارة هو توجيه رسالة تفاؤل حذر إلى “هيئة تحرير الشام”، وإظهار الانفتاح على الاعتراف بالحكام الجدد لسوريا مع حثهم على الاعتدال واحترام حقوق الأقليات.
وكتبت كايا كالاس مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي على منصة التواصل الاجتماعي “إكس” عن الزيارة: “رسالتنا إلى القيادة السورية الجديدة: احترام المبادئ المتفق عليها مع الأطراف الإقليمية وضمان حماية جميع المدنيين والأقليات أمر بالغ الأهمية”.
رفع العقوبات المفروضة على سوريا
ورداً على سؤال عن احتمال بدء الاتحاد الأوروبي قريباً في رفع العقوبات المفروضة على سوريا، قالت بيربوك إن هذا يتوقف على التقدم السياسي، وأشارت إلى “بعض العلامات الإيجابية” لكنها أضافت أنه من السابق لأوانه اتخاذ أي إجراء.
وتابعت: “أظهرت الأسابيع القليلة الماضية مقدار الأمل هنا في سوريا بأن المستقبل سيكون للحرية.. الحرية للجميع، بغض النظر عن أصلهم العرقي أو نوعهم أو دينهم.. لكن أن تمضي الأمور على هذا النحو، ليس مؤكداً”.
ومنذ الإطاحة بالأسد، سعى حكام سوريا الجدد إلى طمأنة المجتمع الدولي بأنهم سيحكمون لصالح جميع السوريين وأنهم “لن يصدروا ثورة إسلامية”.
قالت بيربوك إنها تتوجه إلى سوريا “بيد ممدودة”، و”توقعات واضحة” من الإدارة الجديدة، مضيفة أن الحكم على هذه الإدارة سيكون من خلال أفعالها.
وذكرت، في بيان، قبل أن تتوجه لسوريا “نعلم الانتماء الأيديولوجي لهيئة تحرير الشام، وما فعلته في الماضي”.
كما عبر بارو عن أمله في أن تصبح سوريا دولة “ذات سيادة يسودها الأمن” لا مكان فيها للإرهاب أو الأسلحة الكيماوية أو الأطراف الأجنبية الخبيثة، وذلك خلال اجتماع مع ممثلين لمنظمات المجتمع المدني في سوريا.
وقال بارو للصحافيين إن ألمانيا وفرنسا تعتزمان تقديم المساعدة الفنية والمشورة إلى سوريا لصياغة دستور جديد للبلاد، مضيفاً أن الأمل في الانتقال الديمقراطي في البلاد “هش لكنه حقيقي”.
ودعا إلى حل سياسي يتمثل في دمج المقاتلين الأكراد في الدولة السورية، قائلاً إنه لا بد من التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، لكنه لم يرد عند سؤاله عن التوقيت المحتمل لرفع الاتحاد الأوروبي العقوبات عن سوريا.
وذكرت مصادر دبلوماسية فرنسية أن بارو زار السفارة الفرنسية المغلقة منذ 2012، وقال إن فرنسا ستعمل على عودة التمثيل الدبلوماسي بما يتماشى مع الظروف السياسية والأمنية، كما تجول الوزيران أيضاً في سجن صيدنايا سيئ السمعة في إطار زيارتهما.