قالت وزارة الدفاع الأميركية “البنتاجون”، في تقريرها السنوي بشأن الصين، إن جيش التحرير الشعبي الصيني ضاعف ترسانته من الرؤوس الحربية النووية ثلاث مرات تقريباً منذ عام 2020، وهو في طريقه إلى امتلاك 1000 رأس حربي تشغيلي بحلول عام 2030، فيما ردت بكين بأنها “تلتزم دائماً باستراتيجية نووية للدفاع عن النفس”، وتحافظ على قدراتها النووية عند الحد الأدنى المطلوب للأمن القومي.
وذكر البنتاجون في تقريره، الذي يرصد التطورات الأمنية والعسكرية في الصين، التي يسعى جيشها إلى تحقيق أهداف التحديث العسكري لعام 2027، أن الصين تمتلك حالياً، أكثر من 600 رأس نووي تشغيلي إلى حدود شهر مايو الماضي، وتتوقع الولايات المتحدة أن يزيد عددها عن 1000 بحلول عام 2030.
وفي عام 2020، قدر البنتاجون أن مخزون الصين النووي كان في حدود 200 رأس نووي.
وقدر تقرير البنتاجون أن الصين ستواصل زيادة قواتها النووية حتى عام 2035 على الأقل. لكنه لم يكرر توقعاته لعام 2022 بأن جيش التحرير الشعبي في طريقه إلى امتلاك 1500 رأس حربي بحلول منتصف العقد المقبل، وهو رقم يكاد يطابق العدد الذي تمتلكه الولايات المتحدة وروسيا.
وذكر مسؤول أميركي كبير للصحافيين، أن “الترسانة النووية الصينية لا تنمو من حيث الحجم فقط، بل تنمو أيضاً في التنوع والتطور”. وكان البنتاجون قال في تقرير العام الماضي، إن لدى الصين أكثر من 500 رأس نووي.
وقدر التقرير أن جيش التحرير الشعبي زاد أيضاً من عدد حقول الصوامع النووية، التي يبلغ مجموعها الآن أكثر من 320 عبر مواقع صحراوية نائية في غرب الصين ومنغوليا.
وردًا على ذلك، قالت السفارة الصينية في الولايات المتحدة، إن بكين “تلتزم دائماً باستراتيجية نووية للدفاع عن النفس”، وتتبع سياسة عدم الاستخدام النووي أولاً وتحافظ على قدراتها النووية عند الحد الأدنى المطلوب للأمن القومي، حسبما نقلت “أسوشيتد برس”.
وقال ليو بينجيو، المتحدث باسم السفارة، إن مثل هذه التقارير السنوية التي يصدرها البنتاجون “مليئة بتفكير الحرب الباردة” و”عقلية التفكير الصفري”، و”هو ما تعارضه الصين بشدة”.
الفساد يبطئ التقدم
وفي سياق آخر، قال البنتاجون في التقرير الذي يتكون من 166 صفحة، إن حملة الصين على الفساد، التي طالت كبار المسؤولين العسكريين والعديد من وحدات جيش التحرير الشعبي الرئيسية، أثرت على بناء الدفاع في البلاد، لكنها مستمرة بوتيرة سريعة.
وأشار التقرير إلى أن الفضائح ربما هزت ثقة بكين في القيادات العسكرية العليا في سباقها لتحديث قواتها المسلحة في السنوات المقبلة.
وذكر التقرير الموسع، أن الفترة من يوليو 2023 إلى ديسمبر من العام نفسه، شهدت إقالة ما لا يقل عن 15 من ضباط الجيش الصيني رفيعي المستوى والمديرين التنفيذيين في قطاع الدفاع من مناصبهم.
وأشار إلى أن الجيش الصيني شهد عام 2023 موجة جديدة من التحقيقات المتعلقة بالفساد، وإقالة كبار القادة، والتي ربما قد عطلت تقدمه لتحقيق أهداف التحديث لعام 2027.
وذكر التقرير، أن عدة إقالات تمت لمسؤولين في قوة الصواريخ العسكرية الصينية، المعروفة باسم “قوة الصواريخ لجيش التحرير الشعبي”، وهي الذراع النخبوي لجيش الذي يشرف على أكثر الصواريخ تطوراً.
وخضع الجيش الصيني، منذ العام الماضي، لحملة شاملة تهدف لمكافحة الفساد. وفي الشهر الماضي، أعلنت وزارة الدفاع في بكين، إيقاف مسؤول عسكري كبير عن العمل والتحقيق معه بسبب “انتهاكات خطيرة لقواعد الانضباط”، بحسب وكالة “رويترز”.
وفي إفادة صحفية، يرى مسؤول دفاعي أميركي كبير طلب عدم كشف هويته، أن “الفساد كان له بالفعل تأثير على الجيش الصيني لأن إبعاد مسؤولين كبار يمكن أن يكون مزعجاً، كما أن السعي إلى الكشف عن الفساد نفسه يمكن أن يؤدي إلى إبطاء المشروعات العسكرية بما في ذلك في صناعة الدفاع”.
ولا يزال حتى الآن مصير وزير الدفاع الصيني السابق دونج جون غير واضح، فيما أشار بعض المسؤولين الأميركيين مؤخراً إلى أنه “يخضع للتحقيق بتهم فساد”، لكن الصين وصفت التقارير بشأن التحقيق مع دونج بأنها “مطاردة ظل”.
ووفقاً لـ”رويترز”، سيكون دونج ثالث وزير دفاع صيني يتم التحقيق معه بتهمة الفساد.
التوحد مع تايوان
ولفتت وزارة الدفاع الأميركية، إلى أن أهداف التحديث الرسمية للصين بحلول عام 2027 تشمل تسريع تكامل الاستخبارات والقطاعات الأخرى مع تعزيز سرعة التحديث في الخطط العسكرية والأفراد والأسلحة والمعدات.
وبحسب التقرير الأميركي، حقق الجيش الصيني “تقدماً غير متوازن” نحو هدفه المتمثل في تحديث قدراته بحلول عام 2027، والذي في حال تحقق، قد يجعل الجيش أداة عسكرية أكثر موثوقية للحزب الشيوعي الصيني (الحاكم) في جهوده للتوحد مع تايوان.
وذكر مسؤولون أميركيون من بينهم رئيس المخابرات المركزية الأميركية CIA، وليام بيرنز، أن الرئيس الصيني شي جين بينج أمر الجيش بالاستعداد لغزو تايوان بحلول عام 2027.
وأظهر استطلاع للرأي أجرته أكبر مؤسسة بحثية عسكرية في تايوان ونُشر في أكتوبر الماضي، أن معظم التايوانيين يعتقدون أنه من غير المرجح أن تغزو الصين تايوان خلال السنوات الخمس المقبلة، لكنهم يرون في بكين “تهديداً خطيراً للجزيرة الديمقراطية”.
وخلال السنوات الخمس الماضية، كثف الجيش الصيني أنشطته بشكل كبير حول تايوان التي تعتبرها بكين جزءاً من أراضيها.
وفي الأسبوع الماضي، قال مسؤولون دفاعيون تايوانيون، إن الصين نشرت أكبر أسطول من السفن البحرية منذ ما يقرب من ثلاثة عقود، في تدريب مفاجئ لأكثر من 90 سفينة عسكرية وخفر سواحل بالقرب من تايوان والجزر اليابانية الجنوبية وبحر الصين الشرقي والجنوبي.
القدرات الجوية والصاروخية
وتعمل القوات الجوية الصينية على تطوير معاييرها التكنولوجية، وفق تقرير البنتاجون الذي قال إن بكين بشكل عام تقترب “بسرعة” من مستوى التكنولوجيا الأميركية.
وأشار التقرير، إلى أن الصين مستمرة في تحديث وتطوير قدرات طائراتها المسيرة، فيما قال المسؤول الأميركي، إنه “على الرغم من التحسينات، إلا أن القوات الجوية الصينية لم تتمكن من الاقتراب من مستوى قدرات القوات الجوية الأميركية أو تجاوزها”.
وتعمل الصين حالياً على تطوير صواريخ باليستية جديدة عابرة للقارات من شأنها أن “تحسّن بشكل كبير” من قوتها الصاروخية ذات القدرة النووية، بحسب التقرير الذي توقع أن تتطلع بكين لتطوير أنظمة صاروخية تقليدية عابرة للقارات.
السفن الحربية والغواصات
وتمتلك الصين، بحسب البنتاجون، أكبر قوة بحرية في العالم، إذ من المتوقع أن يرتفع عدد السفن إلى 395 بحلول عام 2025، و435 سفينة في عام 2030.
وذكر التقرير الأميركي، أن البحرية الصينية تمتلك حالياً 6 غواصات تعمل بالطاقة النووية ومزودة بصاروخية باليستية، و6 غواصات أخرى هجومية تعمل بالطاقة النووية، و48 غواصة هجومية تعمل بالديزل أو بقوة الدفع المستقلة عن الهواء.
العلاقة مع كوريا الشمالية وروسيا
ويرى التقرير، أن الصين تنأى بنفسها بشكل علني عن طبيعة العلاقات الدفاعية المتنامية بين روسيا وكوريا الشمالية، ربما لأنها تعتبر العلاقات “خطراً على سمعتها المنشودة كقوة عظمى مسؤولة”.
وأضاف التقرير، أن الصين لا تزال تعمل على تعميق علاقاتها مع كوريا الشمالية، في محاولة للموازنة مع روسيا.