قال وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، الأربعاء، إن باريس ستسضيف اجتماعاً دولياً بشأن سوريا في يناير، معتبراً أن رفع العقوبات الدولية عن سوريا يتوقف على مدى التزام القيادة الحالية.
وأعلن بارو، خلال جلسة استماع في البرلمان الفرنسي بشأن الوضع في سوريا، أن فرنسا ستستضيف اجتماعاً بشأن سوريا “مع الشركاء العرب والأتراك والغربيين” في يناير 2025.
وشدد على أن “مساعدات إعادة الإعمار ورفع العقوبات عن سوريا ستعتمد على التزامات سياسية وأمنية واضحة من جانب السلطات الجديدة”.
وقال وزير الخارجية الفرنسي: “لن يكون الحكم على السلطات الانتقالية الجديدة في سوريا من خلال الأقوال، بل على أساس الأفعال بمرور الوقت”.
الأكراد وتركيا
وقال بارو إن فرنسا تعمل على التوصل إلى تفاهم بين تركيا والأكراد في شمال شرق سوريا، مشدداً على ضرورة أن يكون الأكراد جزءاً من أي عملية انتقال سياسي، لافتاً إلى أهمية ضمان حقوقهم، وكونهم عنصراً مهماً للغاية في محاربة تنظيم “داعش”.
وطالب الوزير الفرنسي بوقف القتال في مدينتي منبج وكوباني، شمال شرق سوريا، على الفور، وأضاف: “نحن مقتنعون بإمكانية التوصل لتفاهم يراعي مصالح الجميع.. نعمل على ذلك”.
وقال إن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أوضح هذه النقطة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان عندما تحدثا، في وقت سابق الأربعاء.
بدوره، أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لنظيره الفرنسي على أهمية الحفاظ على وحدة أراضي سوريا واستقلالها.
وذكرت الرئاسة التركية، في بيان، أن أردوغان رحب، خلال اتصال هاتفي مع ماكرون، بقرار فرنسا إعادة فتح سفارتها في دمشق، لافتاً إلى بدء الجهود من أجل عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، مشدداً على ضرورة تعاون المجتمع الدولي من أجل خلق ظروف مستدامة تمكن السوريين من البقاء ببلدهم وتنفيذ أعمال إعادة الإعمار وإعادة التأهيل.
دعم الانتقال السياسي
وأعلنت باريس، الثلاثاء، رفع العلم الفرنسي فوق سفارتها في العاصمة السورية دمشق بعد 12 عاماً من قطع العلاقات مع نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد، فيما التقى دبلوماسيون فرنسيون بمسؤول من الفريق الانتقالي في البلاد.
وذكرت وزارة الخارجية الفرنسية أن فريقاً من الدبلوماسيين الفرنسيين التقى بمسؤول من السلطات الحاكمة الجديدة في العاصمة السورية، دون أن تحدد هوية المجتمعين.
وقالت الوزارة، في بيان، إن البعثة “أبلغته بأن فرنسا تتمنى للسوريين انتقالاً سياسياً سلمياً يمثل كل مكونات المجتمع السوري، استناداً لمبادئ ثورة 2011 التي دعمتها”.
وفي تصريحات سابقة لـ”الشرق”، قال المبعوث الفرنسي الخاص إلى سوريا جان فرنسوا إن بلاده ستساهم في الملاحقة القضائية للمسؤولين عن الانتهاكات خلال عهد نظام الأسد، ولإعادة الأموال المنهوبة من السوريين، وبشكل خاص تلك المتعلقة برفعت الأسد (عم الرئيس السابق).
رفع العقوبات
ورحبت فرنسا بسقوط الأسد، وقالت إنها ستدعم الانتقال السياسي في سوريا، لكنها في الوقت نفسه أشارت إلى أنها تدرس ما إذا كان بوسعها العمل مع فصائل المعارضة السورية التي أطاحت بالنظام السابق، بما في ذلك “هيئة تحرير الشام”، وهي جماعة يصنفها الاتحاد الأوروبي “منظمة إرهابية”.
وقال دبلوماسيون فرنسيون إنهم “يريدون رؤية كيفية تعامل الجماعة مع عملية الانتقال قبل اتخاذ قرارات مهمة مثل تلك المتعلقة بالعقوبات، وإلغاء تصنيف هيئة تحرير الشام جماعة إرهابية، وتقديم الدعم المالي لسوريا في نهاية المطاف”.
وكان وزير خارجية فرنسا وصف سقوط نظام الأسد أنه يُمثل “هزيمة مذهلة لروسيا”، معتبراً أن “موسكو قد تفقد الآن القدرة على الوصول إلى الأصول العسكرية التي تمتلكها في الدولة العربية”.
وكانت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس أعربت عن “استعداد التكتل لتخفيف العقوبات في حال اتخذت القيادة السورية الجديدة خطوات إيجابية عبر تشكيل حكومة شاملة وممثلة لجميع فئات المجتمع، واحترام حقوق المرأة والأقليات.
وذكرت كالاس أنها أرسلت دبلوماسياً كبيراً للقاء مسؤولين من “هيئة تحرير الشام” التي يتزعمها أحمد الشرع المعروف بـ”أبو محمد الجولاني”.
وبخلاف نظام العقوبات الصارم الذي يفرضه الاتحاد الأوروبي على سوريا، تخضع أيضاً “هيئة تحرير الشام”، التي قادت فصائل المعارضة المسلحة للإطاحة بنظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد، والمدرجة في قوائم “الإرهاب”، لعقوبات منذ سنوات، ما يجعل الأمور معقدة أمام المجتمع الدولي.
ويبحث الاتحاد الأوروبي، المكون من 27 دولة، كيفية التعامل مع قادة “هيئة تحرير الشام” التي سبق أن اتهمها بـ”احتجاز” و”تعذيب” و”قتل” مدنيين يعيشون في المناطق التي كانت خاضعة تحت سيطرتها “بشكل غير قانوني”، وكانت تعبر أن ذلك “قد يرقى إلى جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية”.