أثارت الاستقالة “المفاجئة” لوزيرة المالية الكندية كريستيا فريلاند، وانتقادها العلني لرئيس الوزراء جاستن ترودو، صدمة في كندا تهدد بتفكيك حكومة دولة “معروفة بالاستقرار”، بحسب شبكة CNN الأميركية.
وأصبحت قبضة ترودو “الهشة بالفعل” على البلاد “أكثر ضعفاً” الآن مع تصاعد الضغوط الرامية إلى دفعه للاستقالة.
وانتُخب ترودو، المعلم السابق وابن رئيس الوزراء الكندي الأسبق بيير ترودو، الذي يعد من أبرز الشخصيات السياسية في كندا، في عام 2015 بأغلبية برلمانية حاسمة لصالح حزبه الليبرالي.
ويعتبر ترودو من أصغر القادة في تاريخ كندا، وسرعان ما أصبح رمزاً للقيم التقدمية الكندية على الساحة الدولية، وكان يشكل نقيضاً للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، خلال فترة رئاسته الأولى، بحسب CNN.
وفاز ترودو بالانتخابات في عامي 2019 و2021، إلا أن شعبيته بدأت في التراجع بشكل مستمر منذ ذلك الحين، حيث أصبح الكنديون يشعرون بالإحباط جراء الفضائح السياسية، والوعود غير المنفذة، والأوضاع الاقتصادية، بالإضافة إلى قضايا أخرى.
وانتشر مقطع فيديو بسرعة يظهر “نقاشاً مشحوناً” بين ترودو وعامل في قطاع الصلب يشتكي من ارتفاع تكاليف المعيشة. وأصبح هذا الفيديو رمزاً للاستياء المتزايد الذي يشعر به العديد من الكنديين تجاه رئيس الوزراء، إذ يُظهر العامل وهو يقول: “أنت لا تفعل شيئاً من أجلنا يا جاستن”.
وتعمقت أزمة ترودو السياسية في الأشهر الأخيرة بعد خسارة الحزب الليبرالي بعض المقاعد التي كانت تعد آمنة تاريخياً في الانتخابات الفرعية، ما دفع بعض أعضاء حزبه إلى دعوته للاستقالة.
وأظهرت استطلاعات رأي أُجريت مؤخراً أن نسبة من يفضلون ترمب (26%) تفوق أولئك الذين يفضلون ترودو (23%)، وفقاً لديفيد كوليتو، الرئيس التنفيذي لشركة “أباكوس داتا”. واعتبرت CNN ذلك مؤشراً واضحاً على تراجع شعبية رئيس الوزراء.
وكان آخر استطلاع لآراء الكنديين عن ترمب قد أظهر في نوفمبر 2020 أن 11% فقط من الكنديين كانوا ينظرون إليه بشكل إيجابي.
ما الذي أثار الأزمة؟
استقالت كريستيا فريلاند من منصبها كوزيرة للمالية، الاثنين، قبل ساعات من الموعد المقرر لتقديم بيانات مالية سنوية. وجاء إعلان استقالتها المفاجئ بعد أن قالت فريلاند إن ترودو حاول تقليص سلطاتها، إثر خلاف بينهما بشأن طريقة تعامل كندا مع تهديدات ترمب بفرض رسوم جمركية.
وتُعَدُّ كندا، التي يبلغ عدد سكانها نحو 40 مليون نسمة، واحدة من أكبر الشركاء التجاريين للولايات المتحدة وأقرب حلفائها.
واختلفت فريلاند وترودو في الأسابيع الأخيرة بشأن فرض إعفاءات ضريبية على المبيعات لمدة شهرين وخصومات قدرها 250 دولاراً كندياً (175 دولاراً أميركياً) لمعظم العمال، وهي سياسات يُنظر إليها على نطاق واسع كتكتيك لاستعادة أصوات الناخبين، بحسب CNN.
وكانت فريلاند، التي عملت صحفية سابقة في كل من “فايننشيال تايمز” و”رويترز” و”جلوب آند ميل”، من أبرز المفاوضين مع إدارة ترمب الأولى، وشاركت في مفاوضات اتفاقية الولايات المتحدة والمكسيك وكندا.
ويتمسك ترودو حتى الآن بموقفه في الاستمرار بمنصب رئيس الوزراء، ولم يصدر حتى الآن تعليقاً مباشراً على استقالة فريلاند، لكن خبراء يرون أن أمامه “طريقاً صعباً” للمضي قدماً.
ومن المقرر إجراء الانتخابات الفيدرالية الكندية المقبلة بحلول أكتوبر 2025 وفقاً للقانون، وقد تُجرى الانتخابات في وقت مبكر إذا قرر ترودو الدعوة إليها أو إذا فعّل المشرعون تصويتاً بحجب الثقة.
وتظهر الاستطلاعات أنه إذا جرت الانتخابات في الوقت الحالي، فإن حزب المحافظين المعارض بقيادة بيير بويليفر سيحقق فوزاً حاسماً.