وجه فيفيك راماسوامي، الرئيس المشارك القادم للجنة المستحدثة في إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترمب للكفاءة الحكومية، والتي ستكون معنية بخفض الإنفاق الحكومي، انتقاداته إلى الأموال التي تقوم إدارة الرئيس جو بايدن بصرفها خلال أيامها الأخيرة، ومنها قرض رئيسي مُقدم لشركة Rivian المنافسة لشركة “تسلا” المملوكة للرئيس المشارك للجنة، إيلون ماسك.
وفي الأسبوع الماضي، أعلنت وزارة الطاقة عن التزام مشروط بقيمة 6.6 مليار دولار كقرض لشركة “ريفيان”، الناشئة في مجال السيارات الكهربائية والتي تعتبر منافساً ناشئاً لـ”تسلا” التي تبلغ قيمتها السوقية تريليون دولار، بحسب شبكة CNN.
واعتبر راماسوامي، أن هذا القرض وأمثاله “على رأس قائمة الأمور” التي يسعى لإلغاءها، واستعادة قيمة القرض، بمجرد أن تبدأ لجنة خفض التكاليف، المعروفة باسم “وزارة الكفاءة الحكومية”، عملها العام المقبل.
وقال راماسوامي لـCNN، إن “تلك الإجراءات المتخذة في اللحظات الأخيرة خلال الفترة الانتقالية تستحق تدقيقاً خاصاً للغاية”.
قروض اللحظة الأخيرة
ومنذ الانتخابات التي جرت في 5 نوفمبر الماضي، استمرت إدارة بايدن في توزيع مليارات الدولارات كقروض مدعومة من الحكومة وأموال فيدرالية، معظمها لتمويل مشاريع الطاقة النظيفة وتصنيع الرقائق المحلية.
ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان راماسوامي سينفذ وعده بسحب القرض، أو ما هي الأسس القانونية التي سيستخدمها لتبرير ذلك. فرغم التفويض الواسع للجنة الساعية لخفض الهدر الحكومي، إلا أنها تفتقر إلى سلطة قانونية، إذ تعد لجنة استشارية رئاسية تقدم توصيات فقط، في حين يمتلك الكونجرس وحده صلاحية سحب الأموال التي تمت الموافقة عليها مسبقاً.
ومع ذلك، تُعتبر تصريحات راماسوامي بمثابة تحذير واضح. فهي لا تفتح جبهة جديدة في معركة مرتقبة لتقليص حجم الحكومة الفيدرالية فحسب، بل تسلط الضوء أيضا على التعارضات المحتملة التي قد تنشأ مع تقاطع تخفيضات الإنفاق مع إمبراطورية ماسك التجارية الضخمة، والتي استفادت هي الأخرى من الدعم الحكومي.
وفي الوقت الحالي، تتخذ مجموعات الصناعة واللوبيات في واشنطن موقف الترقب، حيث أعرب البعض عن شكوكهم بشأن مدى جدية تهديدات راماسوامي. وقال مصدر في صناعة السيارات، إنه “لا تزال هناك خطوات عديدة قبل أن نضطر إلى التعامل مع هذا الأمر”، متسائلاً: “هل سيكون (راماسوامي) في الحكومة أصلاً؟”.
تضارب المصالح
وتم التحضير لقرض وزارة الطاقة لشركة “ريفيان” على مدى عامين، بهدف تمويل إنشاء مصنع جديد في ولاية جورجيا، والذي تقول الشركة إنه سيوفر حوالي 7 آلاف و500 وظيفة بدوام كامل.
ويأتي القرض ضمن 32 صفقة بقيمة إجمالية تقارب 55 مليار دولار قدمتها الوزارة في عهد بايدن، مع التعهد باسترداد هذه الأموال من الشركات، بشرط ألا تُعلن إفلاسها.
وفي حديثه مع شبكة CNN، أعرب فيفيك راماسوامي عن شكوكه في قدرة دافعي الضرائب على استرداد أموالهم، ملمحاً إلى أن توقيت منح القرض بعد الانتخابات يحمل “طابعاً سياسياً”.
وتابع: “لا يوجد أي احتمال لاسترداد تلك الأموال. وإذا لاحظتم زيادة في معدل النفقات بعد الانتخابات، فإن ذلك يشير إلى تسييس العملية وتغير في المعايير، وهو أمر نعتبره غير ملائم من منظور حماية دافعي الضرائب”.
قرض مماثل لتسلا
المفارقة تكمن في أن “تسلا” تلقت قرضاً مشابهاً من وزارة الطاقة بقيمة 465 مليون دولار عام 2010، عندما كانت بحاجة ماسة للسيولة قبل طرحها العام الأولي. وأثبت القرض حينها أنه نقطة تحول للشركة التي تمكنت من سداده بالكامل عام 2013، قبل الموعد المحدد بنحو 10 سنوات.
وقال مدير برامج القروض في وزارة الطاقة جيجار شاه في بيان، إنه سيكون “من غير المسؤول أن تتخلى أي حكومة عن الشركات الخاصة والمجتمعات التي تتلقى القروض من المكتب”.
وعلى الرغم من أن مصادر في صناعة السيارات الكهربائية تقول إنها ليست قلقة للغاية بشأن قدرة لجنة خفض الإنفاق على استرجاع ضمانات القروض الفيدرالية، إلا أن قرار راماسوامي باستهداف قرض “ريفيان” أثار قلق البعض.
وقال مصدر في صناعة السيارات: “إذا كنت ستسترجع الأموال بناء على الانطباع بأنها تذهب لمنافس لرئيسك المشارك، فإن ذلك سيؤدي في النهاية إلى فقدان الشرعية لموقعك في هذا النظام بأكمله”.
وأشار محاميان مطلعان على برنامج القروض الحكومية، إلى أن وزارة الطاقة في عهد ترمب قد تتمكن من إلغاء التزام القرض المقدم لشركة “ريفيان” في ظل ظروف معينة، موضحين أنه “لن يتم تأكيد القرض حتى تفي الوزارة و(ريفيان) بشروط محددة”.
ومع ذلك، سيكون من الصعب إلغاء الاتفاق دون سبب وجيه، بحسب ما ذكرته ماري آن سوليفان، المحامية السابقة بوزارة الطاقة خلال إدارة الرئيس السابق بيل كلينتون.
وأضافت سوليفان: “هناك مساحة واسعة للتقدير في ما إذا كانت شروط الالتزام قد تم الوفاء بها، وكذلك في تحديد ما إذا كانت الافتراضات المالية التي تقوم عليها ضمانات القرض قد تغيرت”.
تسريع إنفاق الأموال
وقضى البيت الأبيض في عهد بايدن جزءاً كبيراً من العام الماضي، في صرف الأموال الناتجة عن سلسلة من مشاريع الإنفاق المحلي التي وقعها الرئيس أثناء توليه المنصب عام 2021.
ومنذ أكتوبر الماضي، لا يزال هناك نحو 288 مليار دولار من قانون البنية التحتية لعام 2021 لن تكون متاحة حتى السنة المالية 2025 أو ما بعدها، بالإضافة إلى 14.8 مليار دولار من قانون خفض التضخم لعام 2022، والذي يغطي العديد من مشاريع الطاقة النظيفة الممولة في عهد بايدن.
وقال ترمب في خطاب ألقاه خلال المؤتمر الوطني الجمهوري: “سنوجه كل تريليونات الدولارات التي لم تُنفق بعد نحو مشاريع هامة مثل الطرق والجسور والسدود، ولن نسمح بإنفاقها على الأفكار عديمة الجدوى مثل مشاريع الطاقة الخضراء الجديدة”.
يمكن أن يؤدي ذلك إلى مواجهة مباشرة مع المشرعين من كلا الحزبين، وقد يؤدي أيضاً إلى معركة قضائية خطيرة.
وبدأ الرئيس المنتخب بالفعل باتخاذ خطوات لتحقيق هذا التعهد من خلال ترشيح راسل فوت لإدارة مكتب الإدارة والموازنة. وكان فوت، الذي شغل منصب مدير المكتب خلال فترة ترمب الأولى، قد كتب فصلاً من 25 صفحة يوضح رؤية واسعة لسلطة التنفيذ في كتاب “مشروع 2025” المحافظ الذي أثار جدلاً كبيراً.
وقد يحاول البيت الأبيض الاعتماد على الجمهوريين في الكونجرس، حيث يمكن للمشرعين استرداد الأموال التي تمت الموافقة عليها مسبقاً طالما لم يتم الالتزام بها من قبل البيت الأبيض.
على سبيل المثال، في العام الماضي، وافق الديمقراطيون على إلغاء 20 مليار دولار من أصل 80 مليار دولار كانوا قد خصصوها لمصلحة الضرائب كجزء من صفقة معالجة سقف الديون.
وقد يواجه هذا الجهد مقاومة، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بأموال الطاقة النظيفة المضمنة في قانون خفض التضخم. وعلى الرغم من أن الجمهوريين لم يصوتوا لصالح هذا القانون، إلا أن حوالي 80% من الاستثمارات المعلنة في مجال الطاقة النظيفة تقع في المناطق التي يمثلها الجمهوريون.
وفي مؤتمر لوزارة الطاقة في واشنطن، الأربعاء، تحدث جون بوديستا، كبير مستشاري البيت الأبيض، عن الحاجة إلى “مواصلة صرف الأموال” حتى يوم التنصيب المقررة في يناير المقبل.