شددت الصين وكندا، الثلاثاء، على أهمية استمرار التعاون الاقتصادي مع الولايات المتحدة، واصفين هذه التعاون بأنه “مفيد للطرفين”، وذلك بعدما تعهد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بفرض رسوم جمركية على المكسيك وكندا والصين، في اليوم الأول لولايته في يناير المقبل، وسط تصاعد المخاوف من اشتعال “حرب تجارية” واسعة.
وقال المتحدث باسم السفارة الصينية في واشنطن، ليو بينجيو، على منصة “إكس” أن بكين “تعتقد أن التعاون الاقتصادي والتجاري مع الولايات المتحدة مفيد بطبيعته للطرفين. لن يفوز أحد في حرب تجارية أو حرب رسوم جمركية”، بينما وصفت نائبة رئيس الوزراء الكندي، كريستيا فريلاند، ووزير السلامة العامة، دومينيك لوبلانك، في بيان مشترك، مستوى العلاقات بين كندا والولايات المتحدة بأنها “واحدة من أقوى العلاقات وأوثقها”، خاصة في مجالي “التجارة وأمن الحدود”.
وأشار المسؤولان الكنديان، إلى أن العلاقات حالياً بين واشنطن وأوتاوا “متوازنة ومفيدة للطرفين، وخاصة بالنسبة للعمال الأميركيين، فاليوم تشتري كندا من الولايات المتحدة أكثر مما تشتريه الصين واليابان وفرنسا وبريطانيا مجتمعة”.
واعتبرا أن “كندا ضرورية لإمدادات الطاقة المحلية في الولايات المتحدة”، لافتين إلى أن “العام الماضي كانت 60% من واردات الولايات المتحدة من النفط الخام تأتي من كندا”.
السفارة الصينية في واشنطن، أشارت في تعليقها على إعلان الرئيس الأميركي المنتخب إلى خطوات قالت إن بكين اتخذتها منذ اجتماع أميركي صيني في عام 2023، وافقت بعده على التصدي لتصدير المواد التي تدخل في إنتاج مادة الفنتانيل الأفيونية، وهي السبب الرئيسي وراء حالات تلقي جرعات زائدة من المخدرات في الولايات المتحدة.
وبعدما تعهد ترمب بفرض الرسوم الجمركية، أجرى محادثة مع رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، ناقشا خلالها التجارة وأمن الحدود، حسبما نقلت “رويترز” عن مصدر كندي مطلع.
ووصف المصدر المباحثات بأنها “جيدة”، مشيراً إلى أنهما “سيظلان على تواصل”.
وفي المكسيك، شدد رئيس مجلس النواب ريكاردو مونريال، عضو حزب مورينا الحاكم، على أهمية “استخدام الآليات الثنائية والمؤسسية لمكافحة تهريب بالبشر والمخدرات والأسلحة”.
وقال مونريال على منصة “إكس”، إن “تصعيد الإجراءات الانتقامية التجارية سيؤدي فقط للإضرار بأموال المواطنين وهو بعيد عن حل المشكلات الأساسية”.
وكان ترمب تعهد بفرض تعريفات جمركية كبيرة على أكبر 3 شركاء تجاريين للولايات المتحدة وهم كندا والمكسيك والصين، موضحاً بالتفصيل كيف سينفذ وعود حملته الانتخابية التي من المتوقع أن تؤدي لـ”حروب تجارية”.
وقال ترمب، الذي سيتولى منصبه في 20 يناير 2025: “وفي إطار أوامري التنفيذية الأولى العديدة، سأوقع على جميع الوثائق اللازمة لفرض رسوم جمركية بنسبة 25% على جميع المنتجات القادمة من المكسيك وكندا إلى الولايات المتحدة”.
وأكد ترمب، أن الرسوم الجمركية ستظل سارية حتى تتخذ الدولتان إجراءات صارمة ضد تجارة المخدرات، وخاصة الفنتانيل، والمهاجرين الذين يعبرون الحدود بشكل غير قانوني.
ووصلت اعتقالات المهاجرين غير الشرعيين إلى الولايات المتحدة لمستوى قياسي خلال فترة الرئيس الحالي جو بايدن، ما تسبب في إجهاد قوات حرس الحدود.
وانخفضت عمليات العبور غير القانونية بشكل كبير هذا العام، بعدما فرض بايدن قيوداً جديدة، كما كثفت المكسيك جهودها للحد من أعداد المهاجرين غير الشرعيين.
تهديدات منتظرة لاتفاقيات التجارة
وبعد إعلان ترمب، انخفض الدولار الكندي بنسبة 1.2% مقابل الدولار الأميركي، كما انخفض البيزو المكسيكي بنسبة 2% مقابل الدولار. أما اليوان الصيني، على الرغم من خضوعه لسيطرة الحكومة، فقد ارتفع سعره أكثر من 7.6% في الأسواق الخارجية، بحسب شبكة CNN الأميركية.
وتستورد الولايات المتحدة أكثر من 83% من صادرات المكسيك، بالإضافة إلى 75% من صادرات كندا خلال العام الماضي، وسط توقعات بأن تتسبب التعريفات الجمركية المنتظرة في مشكلات للشركات الأجنبية مثل مصنعي السيارات والإلكترونيات الآسيويين الذين يستخدمون المكسيك كبوابة للسوق الأميركية.
وسبق أن طرح ترمب خططاً بفرض رسوم جمركية شاملة تصل إلى 20% على جميع الواردات تقريباً القادمة للولايات المتحدة، لافتاً إلى أنه سيفرض رسوماً جمركية تقارب الـ200% على كل سيارة تمر عبر الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك.
وتحصل الولايات المتحدة على أغلب سياراتها وقطعها من المكسيك، التي تجاوزت الصين كأكبر مصدر لأميركا عام 2023، وفق وزارة التجارة الأميركية.
وتعد المكسيك كذلك مورداً رئيسياً للإلكترونيات والآلات والنفط والأجهزة البصرية، كما تصدر كمية كبيرة من الأثاث والكحول إلى الولايات المتحدة.
وأشارت وكالة “رويترز”، إلى أن التعريفة الجمركية التي هدد بها ترمب، تنتهك شروط اتفاقية التجارة بين الولايات المتحدة والمكسيك وكندا.
ودخلت الاتفاقية التي وقعها ترمب، حيز التنفيذ في عام 2020، وأدت لاستمرار التجارة المعفاة بشكل كبير من الرسوم الجمركية بين الدول الثلاث.
ويرى ويليام رينش، الرئيس السابق للمجلس الوطني للتجارة الخارجية، أن “ترمب ربما يعتمد على التهديد بالرسوم الجمركية للدفع باتجاه إعادة التفاوض على اتفاقية الولايات المتحدة والمكسيك وكندا”.
إجراءات انتقامية متوقعة
واتهم الرئيس الأميركي المنتخب ترمب، الاثنين، الصين، بعدم اتخاذ إجراءات قوية بما يكفي لوقف تجارة المخدرات غير المشروعة التي تتدفق إلى المكسيك وبالتالي عبر الحدود إلى الولايات المتحدة.
وتابع: “حتى يوقفوا ذلك، سنفرض على الصين رسوماً جمركية إضافية بنسبة 10%، فوق أي رسوم جمركية إضافية، وعلى جميع منتجاتها الكثيرة التي تأتي إلى الولايات المتحدة”.
وكان ترمب تعهد في وقت سابق بإنهاء وضع الصين باعتبارها الدولة الأكثر أهمية في عمليات التبادل التجاري، وفرض رسوم جمركية على صادراتها تصل إلى 60%، وهي أعلى بكثير من التي فرضها خلال ولايته الأولى (2017-2021).
وترى وكالة “رويترز”، أن الاقتصاد الصيني في وضع “هش” حالياً في ظل استمرار التراجع في قطاع العقارات وارتفاع مخاطر الديون وضعف الطلب المحلي.
وتوقعت CNN، أن تؤدي الرسوم الجمركية الأميركية لـ”إجراءات انتقامية من جانب البلدان المستهدفة”، مما يتسبب بـ”اشتعال حرب تجارية”و هذا ما حدث خلال ولاية ترمب الأولى.
وقد أدت تلك “الحرب التجارية” إلى إضعاف تأثير الرسوم الجمركية على الصناعات المحلية في الولايات المتحدة، بحسب الشبكة التي قالت إن السلع الأميركية أصبحت أقل جاذبية للمشترين في الخارج.