هدّد الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي، الحليف الوثيق للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، بعرقلة البيان المشترك المقرر أن يصادق عليه زعماء مجموعة العشرين في اجتماع ريو دي جانيرو، الذي يبدأ الاثنين، بسبب اعتراضه على فرض الضرائب على الأثرياء، وقضايا المناخ وغيرها، وفق ما نقلت صحيفة “فاينانشيال تايمز” عن أشخاص مطلعين على المفاوضات.
واعتبرت الصحيفة في تقريرها، الأحد، أن انتخاب ترمب رئيساً للولايات المتحدة يهدد بالفعل المبادرات الدولية بشأن تغير المناخ والضرائب، في حين يكافح الدبلوماسيون من مجموعة العشرين للحفاظ على “إجماع هش” عشية قمة مجموعة العشرين في البرازيل.
وقال الأشخاص المطلعون إن الدبلوماسيين يتسابقون من أجل للوصول إلى إجماع نهائي بشأن البيانات المتعلقة بتمويل المناخ والقضايا الجيوسياسية، مثل حرب روسيا ضد أوكرانيا، بينما بدأ زعماء مجموعة العشرين في الوصول إلى المدينة البرازيلية.
ولفت مفاوضون من الدول العشرين، بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي، إلى أن نص البيان المشترك الذي تم تداوله للموافقة الأولية عليه، مساء الأحد، ليس من الواضح ما إذا كانت جميع الدول ستوافق عليه في النهاية.
وقال أحد الأشخاص المطلعين على المحادثات، إن المسؤولين البرازيليين يتوقعون مفاوضات ثنائية مع الوفد الأرجنتيني.
ويحاول المفاوضون الاتفاق على حجم مساهمة الدول النامية في الجهود المالية لمكافحة الانحباس الحراري، والتي تأتي انعكاساً لمفاوضات قمة المناخ COP29 في باكو.
وقال أربعة دبلوماسيين مشاركين في المحادثات لوكالة “رويترز”، إنهم وصلوا إلى طريق مسدود، إذ أن الدول المتقدمة تريد من بعض الدول النامية الأكثر ثراءً المساهمة في التمويل لمعالجة الانحباس الحراري العالمي، لكن العالم النامي يقول إن الأمر متروك لأغنى دول العالم لسداد الفاتورة.
اعتراضات الرئيس الأرجنتيني
واعترضت الأرجنتين على إدراج لغة حول الضرائب وافقت عليها حكومة ميلي الشهر الماضي في اجتماع وزراء مالية مجموعة العشرين ومحافظي البنوك المركزية، وفقاً لأشخاص مطلعين على المحادثات.
وتعهد المجتمعون في أكتوبر على “العمل معاً من أجل نظام ضريبي دولي أكثر عدالة وشمولاً واستقراراً وكفاءة، ومناسباً للقرن الحادي والعشرين، وإعادة التأكيد على الالتزام بالشفافية الضريبية، وتعزيز الحوار العالمي بشأن الضرائب الفعالة، بما في ذلك على الأفراد ذوي الثروات العالية للغاية”.
وقال المسؤولون إن ميلي عارض أيضاً الإشارة إلى اتفاق باريس، والالتزام بـ”البقاء متحدين في السعي لتحقيق أهداف الاتفاق”.
ومن النقاط التي عارضتها الأرجنتين أيضاً، هي الإشارة إلى أجندة الولايات المتحدة 2030 بشأن التنمية المستدامة.
وقال أحد المسؤولين البرازيليين: “تريد الحكومة الأرجنتينية أن تجعل من قمة العشرين في البرازيل اختباراً بين القوى القديمة والجديدة، فبعد عام من المفاوضات.. هم يخلقون الآن مشاكل على أشياء قبلوها من قبل، كلمة بكلمة”.
وسحب الرئيس الأرجنتيني فريق مفاوضيه من قمة COP29 هذا الأسبوع، بعد يوم من مكالمته الهاتفية مع ترمب.
والسبت، كتب رئيس المناخ في الأمم المتحدة سيمون ستيل رسالة يدعو فيها زعماء مجموعة العشرين إلى “إرسال إشارات عالمية واضحة للغاية”، حيث يكافح المفاوضون في باكو لإحراز تقدم في التوصل إلى اتفاق لجمع المزيد من الأموال العالمية لتمويل المناخ.
وسيقود الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا في قمة ريو دي جانيرو، مناقشات تركز على مكافحة الفقر وإصلاح الحكم في المؤسسات الدولية، والمناخ، ومن المقرر أن يطلق تحالفاً عالمياً ضد الجوع.
عودة ترمب.. اختبار جديد
وأدى موقف ميلي، وفق الصحيفة، إلى زيادة مخاوف العديد من الدبلوماسيين الغربيين الذين يخشون أن يشجع انتخاب ترمب حلفائه المحافظين، ويشعل شرارة هجرة البلدان للاتفاقيات الطموحة بشأن قضايا مثل الانحباس الحراري.
وجاءت معارضة الأرجنتين لمسودة البيان الأولي التي أعدها ممثلو زعماء المجموعة في المدينة البرازيلية، في أعقاب اجتماع ميلي مع ترمب في فلوريدا، الخميس، وهو أول اجتماع للرئيس الأميركي المنتخب مع زعيم أجنبي منذ فوزه في الانتخابات.
وهذه القمة هي الأولى التي تجمع أقوى اقتصادات العالم منذ الانتخابات الأميركية، خصوصاً وأن قمة المناخ في باكو غاب عنها العديد منهم.
وقال مسؤول أوروبي شارك في مفاوضات البيان المشترك: “من المفترض أن نجلس جميعاً هناك ونتحدث عن مستقبل التعاون العالمي، ونتظاهر بأن هذا الرجل الذي لا يهتم، ليس هو من في طريقه إلى البيت الأبيض” في إشارة إلى ترمب.
وأضاف الخلاف على الاتفاق بشأن بيان مجموعة العشرين، “التوترات القائمة داخل المجموعة بشأن غزو روسيا لأوكرانيا والحرب في الشرق الأوسط”، وفق “فاينانشيال تايمز”.
ولن يحضر الرئيس الروسي فلاديمير بوتن قمة ريو، لكن من المتوقع أن يواصل نظيره الصيني شي جين بينج موقف بكين المعارض لفرض العقوبات على روسيا.
وستكون هذه القمة الأخيرة للرئيس الأميركي جو بايدن، الذي سعت إدارته إلى الاستفادة من المنظمات المتعددة الأطراف، مثل “حلف شمال الأطلسي” (الناتو)، و”مجموعة السبع” و”مجموعة العشرين”، لإيجاد ردود على قضايا مثل حرب أوكرانيا.
قال دبلوماسي أوروبي كبير: “لذا، كل هذا العمل الذي قمنا به مع الولايات المتحدة في عهد بايدن، ماذا نفعل به الآن؟”، مضيفاً: “لقد فقدنا المبادرة”.
وتابع قائلاً: “حاول بايدن دائماً التشاور معنا قدر الإمكان”، متوقعاً أن “يسير ترمب في طريقه الخاص”.