قالت 3 مصادر مطلعة، الأحد، إن إدارة الرئيس دونالد ترمب أطاحت باثنين من كبار المسؤولين الأمنيين بالوكالة الأميركية للتنمية الدولية USAID في مطلع الأسبوع بعد أن حاولا منع ممثلين لوزارة الكفاءة الحكومية التي يقودها إيلون ماسك من دخول أجزاء محظورة داخل المبنى.
تضاف هذه الخطوة إلى سلسلة من عمليات الإقالة لعشرات الموظفين في الوكالة من مناصبهم، في إطار تحرك فريق ترمب لإلغاء استقلال الوكالة وربما وضعها تحت سيطرة وزارة الخارجية.
وأوضحت المصادر لوكالة “رويترز” أن ما يقرب من 30 موظفاً في مكتب الشؤون التشريعية والعامة بالوكالة لم يتمكنوا من الدخول إلى بريدهم الإلكتروني الليلة الماضية، ما يرفع العدد الإجمالي لكبار موظفي الوكالة الذين جرى منحهم إجازة مؤقتة خلال الأسبوع الماضي إلى 100 تقريباً.
وتأتي هذه التحركات عقب فوضى منذ أكثر من أسبوع داخل الوكالة بعد أوامر أصدرها ترمب بتجميد كل المساعدات الخارجية الأميركية تقريباً، قائلاً إن إدارته ستراجع الإنفاق لضمان توزيع الأموال بما يتماشى مع سياسته “أميركا أولاً” فيما يتعلق بالشؤون الخارجية.
واعتبر الديمقراطيون في الكونجرس هذه التغييرات انتهاكاً للقوانين الأميركية التي تأسست بموجبها الوكالة التي يجري تمويلها كوكالة مستقلة.
وأفاد اثنان من كبار مساعدي الأعضاء الديمقراطيين في مجلس الشيوخ، بأن المشرعين والموظفين اجتمعوا الأحد وسوف يجتمعون مرة أخرى الاثنين، لبحث خطوات أخرى بما في ذلك اتخاذ إجراءات قانونية.
وأرسل كبار الأعضاء الديمقراطيين في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، ومن بينهم رئيسة اللجنة جين شاهين، رسالة إلى وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، الأحد، يطلبون فيها توضيحاً بشأن الواقعة. وقالت شاهين إنها تعمل على جمع الديمقراطيين والجمهوريين لطلب إجابات.
وذكر رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي بريان ماست، الأحد، أنه سيدعم نقل الوكالة الأميركية للتنمية الدولية تحت إشراف وزارة الخارجية وأنه هناك حاجة إلى “مزيد من القيادة والسيطرة”.
ولم يرد ماست على سؤال في برنامج FACE THE NATION على قناة CBS عما إذا كانت الموافقة على طلب الكونجرس ضرورية أو ما إذا كان بإمكان ترمب التصرف من جانب واحد. وقال إن “تطهير وزارة الخارجية والوكالات الأخرى” وتجميد المساعدات “كانت كلها خطوات مهمة وضرورية للغاية لضمان تأمين أميركا”.
ولم ترد وزارة الخارجية والوكالة الأميركية للتنمية الدولية على طلبات من “رويترز” للتعقيب.
تعطل الموقع الإلكتروني
توقف موقع الوكالة الأميركية للتنمية الدولية USAID عن العمل دون تفسير، السبت، بعدما تم تسريح آلاف الموظفين وإجبار آخرين على أخذ إجازة وإيقاف البرامج الحكومية، وفق “أسوشيتد برس”.
وقالت الوكالة الأميركية، الأحد، إن المواجهة بين الديمقراطيين في الكونجرس وإدارة ترمب تصاعدت بشكل علني، إذ أعربوا عن قلقهم من أن الرئيس قد يسعى إلى إنهاء الوكالة الأميركية للتنمية الدولية كهيئة مستقلة ودمجها في وزارة الخارجية.
ويقول الديمقراطيون إن ترمب لا يملك الصلاحيات القانونية لإلغاء وكالة مستقلة ممولة من الكونجرس، وإن دور الوكالة حيوي للأمن القومي.
وفي المقابل، يعتبر ترمب والجمهوريون في الكونجرس أن العديد من برامج المساعدات الخارجية والتنمية تعد إهداراً للموارد، مشيرين إلى برامج يرون أنها تدعم أجندات اجتماعية ليبرالية، بحسب الوكالة.
وتصاعدت المخاوف من احتمالية اتخاذ إدارة ترمب إجراءات أكثر صرامة ضد الوكالة بعد أسبوعين من تجميد مساعدات إنسانية، وتنموية وأمنية أميركية بمليارات الدولارات.
أداة دبلوماسية
وتُعد الولايات المتحدة أكبر مانح للمساعدات الإنسانية عالمياً، رغم أن إنفاقها على المساعدات الخارجية لا يتجاوز 1% من ميزانيتها، وهي نسبة أقل مقارنة ببعض الدول الأخرى، وفق “أسوشيتد برس”.
وقالت الوكالة إن مسؤولين بالإدارة رفضوا التعليق، السبت، على مخاوف المشرعين وغيرهم بشأن احتمال إلغاء استقلالية USAID.
وكان الرئيس جون كينيدي قد أسس الوكالة في ذروة الحرب الباردة لمواجهة النفوذ السوفيتي، بينما باتت اليوم في قلب المواجهة الأميركية لنفوذ الصين المتزايد، إذ تدير بكين برنامج مساعدات خارجية ناجحاً هي الأخرى ضمن مبادرة “الحزام والطريق”، بحسب الوكالة.
وأقر الكونجرس قانون المساعدات الخارجية عام 1961، ووقّع كينيدي القانون إلى جانب أمر تنفيذي جعل USAID وكالة مستقلة.
وفي منشور على منصة إكس، قال السيناتور الديمقراطي كريس مورفي، إن الرؤساء لا يمكنهم القضاء على الوكالات الفيدرالية التي أسسها الكونجرس بأمر تنفيذي، مشيراً إلى أن ترمب على استعداد “لمضاعفة الأزمة الدستورية”.
وأضاف مورفي: “هذا ما يفعله المستبد – الذي يريد سرقة أموال دافعي الضرائب لإثراء عصابته المليارديرية”.
وأيد الملياردير إيلون ماسك، الذي يقدم المشورة لترمب في إطار حملته لتحسين كفاءة الحكومة الفيدرالية، منشورات على منصة “إكس” التي يملكها، تدعو إلى حل الوكالة الأميركية للتنمية الدولية.
وكتب ماسك على “إكس” في إشارة إلى الوكالة الأميركية للتنمية الدولية: “عش بأمر تنفيذي، ومت بأمر تنفيذي”.
حالة ارتباك
وفرض ترمب تجميداً غير مسبوق لمدة 90 يوماً على المساعدات الخارجية في أول يوم له بمنصبه في 20 يناير، هو ما أدى إلى إغلاق آلاف البرامج في جميع أنحاء العالم وأجبر آلاف الموظفين على أخذ إجازات في حين تم تسريح آخرين
ومنذ ذلك الحين، تحرك وزير الخارجية ماركو روبيو لضمان استمرارية بعض برامج الطوارئ المنقذة للحياة خلال فترة التجميد. وتقول الجماعات الإنسانية إن هذا الارتباك تسبب في شلل داخل المنظمات العالمية التي تقدم المساعدات.
وقال روبيو، في أول تعليقاته العامة بشأن هذه المسألة، الخميس، إن برامج الوكالة الأميركية للتنمية الدولية قيد المراجعة لإزالة أي برامج لا تخدم المصلحة الوطنية للولايات المتحدة، لكنه لم يقل شيئاً عن إلغائها كوكالة.
ولطالما شكلت الوكالة نقطة خلاف بين الجمهوريين والديمقراطيين، إذ يختلفون بشأن ما إذا كانت المساعدات الإنسانية والتنموية تحمي الولايات المتحدة من خلال المساعدة في استقرار البلدان الشريكة واقتصاداتها، أم أنها مضيعة للمال.
ويدفع الجمهوريون عادة لإعطاء الدولة المزيد من السيطرة على سياسة وأموال الوكالة الأميركية للتنمية الدولية. بينما يتشبث الديمقراطيون عادة باستقلالية الوكالة وسلطتها.
وحاول ترمب فرض إجراءات مشابهة خلال ولايته الأولى، بعدما حاول تخفيض ميزانية العمليات الخارجية بمقدار الثلث، وعندما رفض الكونجرس، لجأت إدارة ترمب إلى التجميد وتكتيكات أخرى لتعطيل تدفق الأموال التي خصصها الكونجرس بالفعل للبرامج الأجنبية.