نددت شخصيات دولية، الأحد، بنسف الجيش الإسرائيلي لأحياء سكنية في مخيم جنين ومحاولات التهجير التي يقوم بها في الضفة الغربية وقطاع غزة، إذ طالب الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بعقد جلسة طارئة وعاجلة لمجلس الأمن الدولي لوقف العدوان الإسرائيلي.
وتصاعد العنف في الضفة الغربية، وخاصة في جنين المضطربة، منذ التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة الشهر الماضي، إذ دمر الجيش الإسرائيلي قرابة 20 مبنى في سلسلة من التفجيرات المتزامنة، حسبما ذكرت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية “وفا”.
وقالت الوكالة: “دمرت قوات الاحتلال مربعات سكنية كاملة في مخيميْ جنين وطولكرم، وفجرت عشرات المنازل وأجبرت المواطنين على النزوح من منازلهم في طمون ومخيم الفارعة في طوباس، كما دمرت البنى التحتية بشكل ممنهج، بالإضافة إلى تنفيذها سياسة القتل التي أدت إلى استشهاد عشرات المواطنين، وجرح المئات، واعتقال الآلاف، وإرهاب المستوطنين، وحرق منازل وممتلكات المواطنين، التي تهدف جميعها إلى تهجير شعبنا من أرضه ووطنه”.
وطالبت الرئاسة الفلسطينية مجلس الأمن الدولي، بالتدخل العاجل وتحمل مسؤولياته بتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، والضغط على إسرائيل لوقف جرائمها الخطيرة المتمثلة بعمليات تهجير المواطنين، وتنفيذ سياسة التطهير العرقي التي تعتبر جريمة حرب وإبادة جماعية وفقاً للقانون الدولي.
كما طالبت الرئاسة، الإدارة الأميركية بالتدخل الفوري، وإجبار دولة الاحتلال على وقف عمليات التدمير والتهجير، منعاً للتصعيد والتوتر جراء هذه السياسة التي ستنعكس آثارها المدمرة على المنطقة بأسرها.
وأشارت الرئاسة إلى أن الجيش الإسرائيلي “يستكمل مخططاته التي بدأها بقطاع غزة لتهجير الشعب الفلسطيني، من خلال نسفه للمنازل والأحياء السكنية، بهدف فرض مخططاته المرفوضة والمدانة والتي سيقابلها شعبنا بالصّمود على أرضه دفاعاً وحفاظاً على تاريخه ومقدساته”.
وأضافت أن “الشعب الفلسطيني قادر على إفشال هذه المخططات التهجيرية، كما أفشل بالسابق جميع المشاريع التي استهدفت نضاله وحقوقه المشروعة وثوابته التي لن يحيد عنها”.
وحذرت الرئاسة، مرة أخرى، من خطورة هذه الأعمال المدمرة، وانعكاساتها الخطيرة على الشعب الفلسطيني والمنطقة برمتها التي لن تحقق السلام والأمن لأحد، مشددة على أن الشعب الفلسطيني سيبقى صامداً على أرضه، وسيفشل هذه المخططات.
إبادة وممارسات إجرامية
بدورها، وصفت المقررة الأممية المعنية بفلسطين فرانشيسكا ألبانيز، الممارسات الإسرائيلية في الضفة الغربية بـ”الإجرامية”، محذرة من أن “نية الإبادة الجماعية واضحة في الطريقة التي تستهدف بها إسرائيل الفلسطينيين”.
ودعت المسؤولة الأممية عبر حسابها بمنصة “إكس”، المجتمع الدولي إلى التدخل ووقف عمليات التدمير، التي قالت إنها “توسعت لتشمل جميع الأراضي المحتلة وليس غزة فحسب”.
وكتبت ألبانيز: “تصرفات إسرائيل في الضفة الغربية إجرامية، إذ إنها توسّع نطاق الدمار ليشمل جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة، وليس غزة فحسب”، لافتة إلى أنها حذرت الجمعية العامة للأمم المتحدة من حدوث ذلك في تقريرها الأخير خلال أكتوبر الماضي.
وأضافت أن “نية الإبادة الجماعية واضحة في الطريقة التي تستهدف بها إسرائيل الشعب الفلسطيني بأسره وكامل الأراضي الفلسطينية المحتلة، التي تدعي إسرائيل أنها مخصصة حصرياً لتقرير المصير اليهودي”.
واختتمت المقررة الأممية المعنية بفلسطين قائلة: “لقد حان الوقت، بل تأخر، للتدخل لوقف ذلك”.
الهجوم بعد “اتفاق غزة”
وبدأت قوات إسرائيلية مدعومة بطائرات هليكوبتر وجرافات مدرعة، الهجوم على جنين في 21 يناير الماضي، وذلك بعد يومين فقط من توصل إسرائيل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة مع حركة “حماس”.
والأحد، شوهدت سحب كثيفة من الدخان تتصاعد من مدينة جنين، حيث تنفذ القوات الإسرائيلية عملية واسعة النطاق منذ ما يقرب من أسبوعين، إذ قال الجيش الإسرائيلي إن العملية “تستهدف مسلحين فلسطينيين إلى جانب ضبط مخزونات أسلحة”.
ورداً على سؤال بشأن هدم عدد من المباني في جنين خلال وقت واحد، قال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي إنه “جرى تفكيك عدة منشآت كانت تُستخدم بنية تحتية للإرهاب”، مضيفاً أنه “سيتم الكشف عن مزيد من التفاصيل في وقت لاحق”.
وقال مدير مستشفى جنين الحكومي وسام بكر لوكالة “وفا”، إن “أضراراً لحقت ببعض أقسام المستشفى بسبب الانفجارات، دون أن تسجل إصابات”.
بدورها، دعت حركة “حماس”، إلى “تصعيد المقاومة” ضد إسرائيل في أعقاب هدم المباني في جنين، إذ تمارس السلطة الفلسطينية حكماً محدوداً في الضفة الغربية، حيث يعيش نحو 3 ملايين فلسطيني، في ظل فرض إسرائيل سيطرة عسكرية كاملة عليها، كما تشتبك قوات إسرائيلية مع مسلحين في الضفة منذ بدء العملية.
وقال وزير الدفاع يسرائيل كاتس، الأربعاء الماضي، إن قوات الأمن ستبقى حتى انتهاء العملية، دون أن يحدد موعداً لذلك.
ووفقاً لمسؤولين فلسطينيين، قُتل ما لا يقل عن 25 فلسطينياً منذ بدء العملية العسكرية الإسرائيلية، من بينهم 9 أعضاء في جماعات مسلحة ورجل يبلغ من العمر 73 عاماً وطفلة تبلغ من العمر عامين.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه “قتل ما لا يقل عن 35 مسلحاً، وألقى القبض على ما يزيد على 100 مطلوب”، فيما دمرت القوات الإسرائيلية عشرات المنازل والطرق في حملتها الأحدث.