قال وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، الأربعاء، إن الاتحاد الأوروبي لن يسمح لأي دولة بـ”الاعتداء على حدوده السيادية”، رداً على تهديدات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، ضد الدنمارك ورفضه استبعاد استخدام القوة لضم جرينلاند.
وذكرت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية، أن التحذير الفرنسي، جاء في وقت تتزايد فيه المخاوف بين قادة الاتحاد الأوروبي، بعد أن كشف ترمب عن نواياه تجاه جزيرة جرينلاند وقناة بنما خلال مؤتمر صحافي مساء الثلاثاء، في منتجعه بمارالاجو.
وجرينلاند، التي تُعد أكبر جزيرة في العالم، هي إقليم ذاتي الحكم تابع للدنمارك، لكنها ليست جزءاً من الاتحاد الأوروبي.
وقال بارو خلال مقابلة مع محطة “فرانس إنتر” الإذاعية، رداً على سؤال بشأن احتمال محاولة الولايات المتحدة الاستيلاء على جرينلاند من الدنمارك بالقوة: “من الواضح أنه لا يمكن للاتحاد الأوروبي أن يسمح لأي دولة في العالم، مهما كانت، وأود أن أقول بدءاً بروسيا، بالاعتداء على حدوده السيادية”.
وأضاف الوزير: “نحن قارة قوية، ونحتاج إلى تعزيز أنفسنا بشكل أكبر”.
ورغم خروج جرينلاند من الاتحاد الأوروبي عقب استفتاء عام 1985، لا تزال الدنمارك تتحكم في سياستها الخارجية والأمنية.
“أوروبا بحاجة إلى الاستيقاظ”
وقال بارو إنه لا يتوقع أن يغزو ترمب جرينلاند، لكنه يرى أن أوروبا بحاجة إلى “الاستيقاظ” على عالم غير آمن، مكرراً التصريحات التي أدلى بها الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، في وقت سابق هذا الأسبوع.
وخلال المؤتمر الصحافي الذي عُقد الثلاثاء، هدد ترمب بفرض “رسوم جمركية مرتفعة للغاية” على الدنمارك؛ ما لم تتخل عن سيطرتها على جرينلاند. كما اقترح إمكانية ضم الولايات المتحدة لكندا، ودعا أعضاء حلف شمال الأطلسي (الناتو) إلى إنفاق 5% من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، أي أكثر من ضعف الهدف الحالي.
وعند سؤاله عما إذا كان سيستبعد استخدام القوة العسكرية أو الإكراه الاقتصادي للاستحواذ على جرينلاند أو السيطرة على قناة بنما، أجاب ترمب: “لا، لا أستطيع أن أؤكد لكم أياً من الأمرين. ولكن يمكنني أن أقول هذا: نحن بحاجة إليهما لأسباب تتعلق بالأمن الاقتصادي… نحن بحاجة إلى جرينلاند لأسباب تتعلق بالأمن القومي”.
“تصرفات إمبريالية”
وفي فترة رئاسته الأولى في عام 2019، قال ترمب إن الولايات المتحدة يجب أن تسيطر على جرينلاند، الأمر الذي وصفته رئيسة الوزراء الدنماركية ميته فريدريكسن، حينها بأنه “سخيف”.
ويعتقد بارو أن أي تصرفات “إمبريالية” تجاه جرينلاند، أو كندا، أو قناة بنما سيتم “استقباله بشكل سيئ للغاية من قبل الشعب الأميركي”.
وقال مسؤول رفيع في الاتحاد الأوروبي، شارك في محادثات بين العواصم الوطنية خلال الأيام الأخيرة، للصحيفة إن “قادة الاتحاد يشعرون بقلق عميق من تصريحات ترمب”.
وأضاف أن الزيارة التي قام بها نجل ترمب إلى جرينلاند، الثلاثاء، أثارت دهشة المسؤولين، الذين بدأوا يتعاملون مع تصريحات الرئيس المنتخب بجدية أكبر.
وتابع المسؤول: “كل يوم يظهر مصدر جديد للقلق بالنسبة لنا (من ترمب)”، مشيراً إلى أن قادة الاتحاد على تواصل مستمر لبحث أفضل طريقة للرد بشكل جماعي.
تدخل ماسك في السياسة الأوروبية
ويحتوي ميثاق الاتحاد الأوروبي على بند دفاع مشترك ينص على أنه إذا كان أي عضو “ضحية لعدوان مسلح على أراضيه”، فإن الدول الأخرى “ملزمة بتقديم المساعدة والدعم بكافة الوسائل المتاحة لها”. وقد تم تفعيل هذا الإجراء مرة واحدة فقط من قبل فرنسا بعد هجمات باريس الإرهابية عام 2015.
كما دعا بارو المفوضية الأوروبية إلى اتخاذ إجراءات ضد ما وصفته فرنسا بأنه تدخل في السياسة الأوروبية من قبل إيلون ماسك، رئيس شركة تسلا والمقرب من ترمب، الذي دعم حزب “البديل من أجل ألمانيا” اليميني المتطرف قبيل الانتخابات الألمانية، وانتقد حكومة حزب العمال في بريطانيا.
وقال الوزير الفرنسي: “لا يمكن نقل النقاش العام إلى منصات التواصل الاجتماعي المملوكة لمليارديرات أميركيين دون أي إشراف تنظيمي”، مشيراً إلى تشريعات أوروبية حديثة تهدف إلى تنظيم المحتوى عبر الإنترنت.
وأضاف بارو أنه “دعا المفوضية الأوروبية عدة مرات إلى استخدام الأدوات التي مُنحت لها ديمقراطياً لردع هذا السلوك”، مضيفاً أنه إذا عجزت بروكسل عن التحرك، فعليها “إعادة تلك الصلاحيات إلى الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وإلى فرنسا”