يستعد الكثير من المسافرين والموظفين في الولايات المتحدة لاحتمالية قضاء موسم عطلات مرتبك، يشمل أوقات انتظار أطول للمسافرين في المطارات؛ وانقطاع رواتب شريحة واسعة من الموظفين “غير الأساسيين” في الحكومة الفيدرالية، وسط الاستعداد لمواجهة إغلاق حكومي جزئي وشيك سيدخل حيز التنفيذ بعد منتصف ليل السبت، وفق صحيفة “نيويورك تايمز”.
ورفض مجلس النواب الأميركي، الخميس، مشروع قانون معدل دعمه الرئيس المنتخب دونالد ترمب لتجنب الإغلاق الحكومي “المؤقت”، فيما طالب الديمقراطيون بإجراء تعديلات على المشروع بشأن الحد من سقف الدين، ما ترك الكونجرس بدون خطة واضحة لتجنب الإغلاق الفيدرالي قبل عطلة الكريسماس.
وصوّت المجلس بأغلبية 235 مقابل 174 صوتاً ضد حزمة الإنفاق، التي أعدها زعماء الحزب الجمهوري على عجل بعد أن ألغى ترمب، والملياردير إيلون ماسك اتفاقاً سابقاً بين الحزبين. ورغم دعم ترمب لمشروع القانون، صوت 38 جمهورياً ضد الحزمة إلى جانب جميع الديمقراطيين باستثناء اثنين.
ومن المقرر أن ينتهي التمويل الحكومي منتصف ليل السبت. وإذا فشل المشرعون في تمديد هذا الموعد النهائي، ستبدأ الحكومة الأميركية إغلاقاً جزئياً من شأنه أن يقطع التمويل عن كل شيء من حرس الحدود إلى المتنزهات الوطنية، وكذا رواتب أكثر من مليوني موظف فيدرالي.
وذكرت الصحيفة الأميركية في تقرير، الجمعة، أن الولايات المتحدة عانت أكثر من 20 فجوة في تمويل الحكومة الفيدرالية منذ عام 1976، وشهدت مستويات متفاوتة من الإغلاق أثرت على الوكالات الفيدرالية والجمهور، بأشكال مختلفة.
وأشارت إلى أنه خلال الفترة الرئاسية الأولى للرئيس المنتخب دونالد ترمب، اُستبعد ما يقرب من 800 ألف موظف من بين أكثر من مليوني موظف في الحكومة الفيدرالية لأكثر من شهر بدءاً من ديسمبر 2018، فيما تلقى الاقتصاد ضربة كبيرة.
ورجحت “نيويورك تايمز”، استمرار حركة السفر دون انقطاعات كبيرة، حيث يستمر عمل معظم موظفو إدارة أمن النقل (وكالة تابعة لوزارة الأمن الداخلي الأميركية)، ومراقبو الحركة الجوية؛ لكن كما حدث أثناء إغلاق أواخر عام 2018، ربما يواجه المسافرون تأخيرات في المطارات.
وقال المتحدث باسم إدارة أمن النقل كارتر لانجستون، الخميس، إن 59 ألف موظف من أصل 62 ألفاً في الوكالة يعتبرون “ضروريين”، ما يعني أنهم سيستمرون في العمل بدون أجر أثناء الإغلاق، فيما تتوقع الوكالة فحص 40 مليون مسافر خلال فترة العطلات.
وأضاف أنه “في حين استعد موظفونا للتعامل مع أعداد كبيرة من المسافرين، وضمان سفر آمن، فإن الإغلاق لفترة طويلة، ربما يعني أوقات انتظار أطول في المطارات”.
ولفتت الصحيفة إلى أن الإغلاق ربما يسبب ضغوطاً هائلة على موظفي الحكومة، الذين مُنحوا إجازات مؤقتة، وأولئك المطلوب منهم الاستمرار في العمل، والذين سيفعل معظمهم ذلك بدون أجر حتى يجري استعادة التمويل.
كيف تستعد الحكومة لسيناريو الإغلاق؟
يحتفظ مكتب الإدارة والميزانية في البيت الأبيض بمجموعة من الخطط، التي أعدتها وكالات فيدرالية في حالة الإغلاق. كما وضعت مؤسسات أخرى في واشنطن، مثل المعرض الوطني للفنون، خططاً ضمن تلك القائمة.
وتنظم الوكالات الفيدرالية موظفيها حسب الطابع الملح لأعمالهم في حالة الإغلاق، وذلك باستخدام فئات مثل: “ضروري لأداء أنشطة مسموح بها صراحة بموجب القانون”، و”ضروري لأداء واجبات وصلاحيات الرئيس الدستورية”، و”ضروري لحماية الأرواح والممتلكات”.
كما تقدم الإدارات تقديرات لعدد الموظفين ضمن تلك الفئات، الذين من المرجح أن يعملوا أثناء فترة الإغلاق.
وتحرص وزارة الصحة والخدمات الإنسانية على أن يواصل نحو 50 ألفاً من موظفيها عملهم أثناء الإغلاق، وستمنح إجازات مؤقتة لأكثر من 40 ألف شخص بحلول اليوم الثاني من انقطاع التمويل. وسيستمر العمل في أقسام الوزارة، التي تضم موظفين يتسم عملهم بطابع “أكثر إلحاحاً” بالنسبة لصحة الإنسان.
وسيتولى المركز الطبي التابع لمعاهد الصحة الوطنية رعاية واستقبال المرضى الجدد “الذين يعد هذا ضرورياً بالنسبة لهم من الناحية الطبية”، في حين ستعمل إدارة الغذاء والدواء على الرصد والتصدي للأمراض المنقولة بالغذاء، وتفشي الأنفلونزا. لكن بعض أعمال سلامة الغذاء الأساسية “ستقتصر على استجابات طارئة”. وكما حدث في عمليات إغلاق سابقة، ربما تغلق المختبرات الحكومية، ما يعطل الأبحاث.
كما سيواصل أكثر من 150 ألف شخص، أو أكثر من نصف قوة العمل في وزارة الأمن الداخلي، العمل، بسبب وضعهم، باعتبارهم “ضروريين لحماية الأرواح والممتلكات”.
كيف تتأثر حياة العاملين الفيدراليين؟
سوف يتلقى الموظفون الفيدراليون، بما في ذلك أولئك الذين مُنحوا إجازات مؤقتة، رواتب متأخرة بمجرد توقيع الرئيس على التشريع الذي يموّل الحكومة. ويمكن للموظفين الذين عملوا ساعات إضافية المطالبة بأجور إضافية بعد انتهاء الإغلاق.
لكن مثل تلك الإجراءات للحماية غير مضمونة بالضرورة للعديد من المتعاقدين الذين يحافظون على تشغيل الوكالات الحكومية، مثل عمال النظافة وعمال الكافيتريا. مع ذلك، ربما يظلوا مؤهلين للحصول على تعويض بطالة، إذا سُرحوا، أو لم يتمكنوا من العمل.
ومن المتوقع أن يؤثر توقف الأجور على شريحة واسعة من العمال، ما يؤدي إلى تأخير رواتب أفراد الجيش. والعديد من الموظفين الفيدراليين يؤدون أعمالاً كتابية، أو إدارية تحافظ على عمل الوكالات، ولا يتقاضون رواتب كبيرة.
وبعض حالات الإغلاق السابقة تسببت في مشاهد “ألم ويأس” بين العمال الفيدراليين الذين يعانون من أجل تحمل تكاليف الغذاء والأساسيات. ففي عام 2019، ومع استمرار الإغلاق الذي دام أكثر من شهر حتى بعد يوم رأس السنة الجديدة، وقفت طوابير طويلة أمام بنوك الطعام في منطقة واشنطن، حيث كان العاملون الفيدراليون ينتظرون أكياس الوجبات بنية اللون.
ووفقاً للصحيفة، نشر مكتب إدارة الموظفين في الولايات المتحدة دليلاً حول الإغلاق الحكومي للعاملين الفيدراليين.
كيف يؤثر الإغلاق على الأميركيين؟
بعض جوانب الإغلاق ستكون ملموسة بشكل أكبر للأميركيين، مثل التغييرات في عمليات المتنزهات الوطنية والمتاحف. وبعضها سيكون أصعب في اكتشافه؛ ففي حالات إغلاق سابقة، توقفت عمليات تفتيش المصانع الكيميائية ومحطات الطاقة ومحطات معالجة المياه، في حين توقفت بعض عمليات التفتيش الروتينية لسلامة الأغذية.
في حين تستمر مزايا الضمان الاجتماعي والرعاية الطبية دون توقف، وكذلك الرعاية الطبية للمحاربين القدامى. وستستمر عمليات البريد العادية، وذلك بسبب طبيعة تمويل هيئة البريد.
واعتماداً على طول فترة الإغلاق، ربما لا يتمكن الأميركيون من ذوي الدخل المنخفض الذين يعتمدون على كوبونات الطعام، أو برنامج التغذية التكميلية الخاص للنساء والرضع والأطفال من الحصول على تلك الإعانات.