قالت مصادر روسية وسورية، الجمعة، إن إمدادات القمح الروسية إلى سوريا تم تعليقها بسبب الضبابية بشأن الحكومة الجديدة هناك، وتأخر سداد المدفوعات، فيما أبدت أوكرانيا استعدادها لتصدير القمح إلى دمشق.
ولم تصل سفينتان محملتان بالقمح الروسي كانتا متجهتين إلى سوريا إلى وجهتهما.
وكانت روسيا، وهي أكبر مصدر للقمح في العالم، داعمة بشدة للرئيس السابق بشار الأسد، وزودت سوريا بالقمح من خلال ترتيبات مالية ولوجستية معقدة، والتفت حول العقوبات الغربية المفروضة على كل من البلدين.
وقال مصدر روسي مقرب من الحكومة إن الإمدادات إلى سوريا جرى تعليقها، لقلق المصدرين حيال الغموض بشأن من سيدير واردات القمح على الجانب السوري بعد تغيير السلطة في دمشق.
وذكر المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية الموقف: “أعتقد أنه لا أحد يجرؤ على توريد القمح إلى سوريا في ظل الظروف الحالية”.
وتظهر بيانات الشحن أن السفينة “ميخائيل نيناشيف” راسية قبالة الساحل السوري، بينما تتجه السفينة “ألفا هيرميس” نحو ميناء الإسكندرية المصري بعد أن بقيت قبالة الساحل السوري لعدة أيام.
وكانت المؤسسة العامة لتجارة وتخزين الحبوب (السورية للحبوب) تجري مناقصات لشراء القمح، لكنها اعتمدت بشكل متزايد على شبكة من الوسطاء الدوليين للحصول على الإمدادات الروسية رغم العقوبات.
عدم اليقين إزاء المدفوعات
وتؤكد المعارضة التي أطاحت بالأسد عبر حملة خاطفة في دمشق الأسبوع الماضي سلطتها على الدولة السورية، من خلال نشر شرطة وتشكيل إدارة مؤقتة.
ومع ذلك، لم تنشئ بعد إدارة جديدة في المؤسسة أو هيئة أخرى لاستيراد السلع، وفقاً لمصادر سورية تحدثت طالبة عدم الكشف عن هوياتها.
وقال مصدر سوري إن الشحنات تأجلت بسبب عدم اليقين إزاء المدفوعات، وإن روسيا والحكومة المؤقتة على اتصال بشأن تلك المسألة. وذكر مصدر بالقطاع في روسيا أن المُصدرين الروس على اتصال بالجانب السوري.
من جانبه، قال نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوجدانوف، الجمعة، إن روسيا أجرت اتصالاً مباشراً مع هيئة تحرير الشام بهدف الاحتفاظ بقواعدها العسكرية في سوريا. ولم يعلق على تجارة القمح.
وذكر مصدر بالقطاع في روسيا أن 60 ألف طن من القمح مُحملة على السفينتين قد تُباع لمشتر آخر، نظراً لعدم سداد الجانب السوري لمدفوعات مقابل قمح جرى تسليمه.
ويمكن للسفينتين تحميل 33 ألف طن من القمح في المجمل. ومع ذلك، تجري تجارة الحبوب الروسية مع سوريا باستخدام سفن سورية خاضعة للعقوبات، والتي لا يمكن رؤيتها على أنظمة التتبع.
واردات القمح السورية
وقال إدوارد زيرنين رئيس اتحاد منتجي ومصدري الحبوب في روسيا هذا الأسبوع، إن مصدري الحبوب الروس لا يعتزمون وقف توريد القمح إلى سوريا من جانب واحد.
وقدر زيرنين واردات سوريا من القمح بنحو مليوني طن سنوياً، وقال إنها ليست مستهلكاً رئيسياً. ومع ذلك فإن أي خلل في إمدادات القمح الروسي قد يتسبب في مجاعة في البلاد التي يزيد عدد سكانها على 23 مليون نسمة.
وقال دميتري ريلكو من شركة” إيكار” للاستشارات إن صادرات القمح إلى سوريا بلغت نحو 300 ألف طن منذ بداية الموسم الحالي، إذ جاءت في المرتبة 24 بين مشتري القمح الروسي. وتختلف الواردات السورية من عام إلى آخر حسب محصولها.
وتنتج سوريا ما يصل إلى أربعة ملايين طن من القمح في المواسم الجيدة، وهو ما يكفي للاحتياجات المحلية ويسمح ببعض الصادرات.
ومع ذلك أدت الحرب والجفاف المتكرر إلى تراجع حجم محصولها، ما دفع البلاد إلى الاعتماد على الواردات من البحر الأسود للحفاظ على دعم الخبز الضروري لسكانها.
أوكرانيا تعرض خدماتها
إلى ذلك، قال وزير الزراعة الأوكراني فيتالي كوفال، الجمعة، إن أوكرانيا مستعدة لإمداد سوريا بالغذاء بعد سقوط نظام الرئيس بشار الأسد.
وأوكرانيا هي منتج ومصدر عالمي للحبوب والبذور الزيتية.
وقال كوفال: “حيثما كانت الأمور صعبة، يتعين علينا أن نكون هناك بغذائنا. نحن منفتحون على توريد غذائنا وإذا احتاجت سوريا إليه، فسوف نلبي الطلب”.
وتأثرت صادرات أوكرانيا بالغزو الروسي في فبراير 2022، إذ حد بشدة من الشحنات المرسلة عبر البحر الأسود. وكسرت أوكرانيا منذ ذلك الحين ما كان حصاراً بحرياً بحكم الأمر الواقع، وأعادت إرسال الصادرات من موانئ أوديسا جنوب البلاد.
وتصدر كييف القمح والذرة عادة إلى دول في الشرق الأوسط، لكنها لا تصدرهما إلى سوريا.
ويقول متعاملون إن نحو 6 آلاف طن فقط من الذرة الأوكرانية وصلت إلى السوق السورية في موسم 2023-2024 من حجم صادرات الذرة الإجمالي الذي سجل 29.4 مليون طن.
لكن محللين قالوا إن كميات صغيرة من الحبوب أوكرانية المنشأ ربما تكون وصلت إلى سوريا من دول مجاورة، ولم تشملها هذه الإحصاءات.
ومنذ سقوط الأسد، الحليف المقرب من روسيا، تعبر كييف عن رغبتها في إعادة العلاقات مع سوريا.
وقال وزير الخارجية أندريه سيبيها إن كييف مستعدة “لتمهيد الطريق لإعادة العلاقات في المستقبل وتأكيد دعمنا للشعب السوري”.