أطلقت فصائل بقيادة ما يسمى “الجيش الوطني” في سوريا، المدعوم من تركيا، عملية عسكرية قالت إنها تهدف للسيطرة على مدينة منبج في ريف حلب الشمال الشرقي.
وذكرت هذه الفصائل التي شكلت غرفة عمليات أطلقت عليها “فجر الحرية”، أن عناصرها “بدأت التقدم باتجاه المدينة بهدف السيطرة عليها، وإخراج قوات سوريا الديمقراطية (قسد) منها”.
واندلعت مواجهات بين الطرفين في أرياف منبج والباب، وصولاً إلى مسكنة بريف حلب، مع استخدام قذائف الهاون والمدافع والطائرات المسيرة، بهدف الضغط على “قسد” عسكرياً.
وأعلنت غرفة عمليات “فجر الحرية”، السيطرة على ناحية تل رفعت بريف حلب الشمالي وعدد من القرى والبلدات التابعة لها، والتي كانت تسيطر عليها “قسد”، التي تشكل “الوحدات الكردية” عمودها الفقري، مع نقاط مشتركة مع الجيش السوري، مع إظهار نوايا ميدانية لمهاجمة كل من منبج والطبقة بهدف إبعاد “قسد” عن غرب نهر الفرات باتجاه شرق الفرات.
وشكّلت هذه الفصائل المدعومة من تركيا، غرفة عمليات “فجر الحرية” بعد يومين من إطلاق “هيئة تحرير الشام” وفصائل متحالفة معها ما سمتها معركة “ردع العدوان” ضد الجيش السوري.
ضغط تركي على مناطق سيطرة “قسد”
ويعتقد أن تركيا ساهمت في إنشاء غرفة عمليات “فجر الحرية” بهدف العمل على استكمال خطة تسميها “الحزام الآمن”، الهادف لفرض سيطرة الفصائل المسلحة التابعة لها على امتداد الشريط الحدودي الشمالي مع مناطق سيطرة “قسد”، المدعومة من الولايات المتحدة، وبعمق يصل إلى 30 كيلومتراً.
وقالت مصادر ميدانية لـ”الشرق”، إن قوات سوريا الديمقراطية تلقت تهديدات عسكرية من تركيا بضرورة الانسحاب إلى شرق الفرات، وإخلاء مدينة منبج وريفها، لكن “قسد” رفضت الانسحاب.
وتشير المصادر نفسها إلى أن الأتراك رفضوا فتح أي قنوات تواصل مع “قسد”، رغم وجود وساطة روسية بشأن ذلك، لأن أنقرة لا ترى في “قسد” إلا “جناحاً سورياً لحزب العمال الكردستاني”، الذي تصنفه أنقرة “تنظيماً إرهابياً”.
ورأت المصادر، أن تركيا ستعمل في الأيام القادمة للضغط على مناطق سيطرة “قسد” على حدودها، لاستثمار التطورات الميدانية المتسارعة الحاصلة في سوريا لصالحها. وأشارت إلى أن موقف تركيا كشفته تصريحات متواصلة للمسؤولين الأتراك، وعلى رأسهم الرئيس رجب طيب أردوغان، الذي شدد على ضرورة “استمرار محاربة العناصر الكردية” في سوريا.
وكان الرئيس التركي قال في تصريحات، السبت، إن “حزب العمال الكردستاني يستغل التطورات في سوريا لصالحه”، وشدد على أن تركيا “لن تسمح بتعريض أمنها القومي للخطر”.
ترقب في منبج
وأصدرت الإدارة الذاتية التابعة لـ”قسد” في منطقة منبج بياناً، أكدت فيه أنها على استعداد تام “للوقوف في وجه العدوان”.
وقالت في البيان: “الهجمات المسلحة على طول جبهاتنا من قبل الفصائل المدعومة من النظام التركي الفاشي، هدفها القضاء على مسيرة البناء والتقدم والتحرير، وضرب أواصر الأخوة بيننا”.
أما في دير الزور، فشهدت المحافظة تغييرات ميدانية سريعة، بعد ساعات من الإعلان غير الرسمي عن اتفاق بين الجيش السوري و”قسد”، على نشر نقاط مشتركة على امتداد طريق حمص ديرالزور من أطراف السخنة وصولاً إلى البوكمال على الحدود مع العراق.
وتجسدت التطورات بظهور مجموعات مسلحة من مدنيي ريفي دير الزور الشرقي والغربي، والتي أعلنت رفضها دخول “قسد” إلى دير الزور، وأكدت استعدادها للتعاون مع فصائل “ردع العدوان” و”فجر الحرية”، لإخراج “قسد”.
حظر تجوال في دير الزور
وشهدت مدينة دير الزور حالة “انفلات أمني”، بعد إخلاء عناصر الشرطة الحكومية عدداً من المقار، بينها السجن المركزي الذي هاجمه مسلحون مجهولون وأطلقوا سراح سجناء قضايا جنائية، ما أدى لاحقاً لانتشار الفوضى وظهور حالات سرقة، ومهاجمة المقار الخدمية الحكومية، ونهب محتوياتها.
وقالت مصادر حكومية لـ”الشرق”، إن الجهات الحكومية وقوات من “قسد” أعلنت حظراً للتجوال في مدينة دير الزور من السادسة مساءً إلى السابعة صباحاً، من أجل ضبط الأمن في المدينة، والحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة.
وكشفت المصادر، أن مسلحين مجهولين استولوا على مقار حكومية في ريفي دير الزور الشرقي والغربي، وأكدت أن “العمل يجري على ضبط الأمن وفق الواقع الميداني الجديد، بعد انتشار عناصر من قسد في أرياف المحافظة”.
“لا تغيرات ميدانية في الحسكة”
وفي الحسكة، نفى محافظها لؤي صيوح في تصريح لـ”الشرق” وجود أي تغييرات ميدانية في مدينتي الحسكة والقامشلي، وذلك رداً على أنباء بشأن نية القوات الحكومية الانسحاب من مركز المدينتين، حيث تمتلك وجوداً داخل مربعات أمنية.
وقال المحافظ إن “المدينة تعيش هدوءاً، وتعمل الجهات الحكومية على استمرار تسيير الخدمات للأهالي من دون تغيير”، داعياً المجتمع المحلي في الحسكة للتكاتف في ظل الظروف التي تعيشها البلاد.
وتحافظ عناصر من الوحدات العسكرية التابعة للجيش السوري على انتشارها العسكري إلى جانب عناصر من “قسد”، على امتداد الشريط الحدودي الشمالي في سوريا، من المالكية بريف الحسكة الشمالي، مروراً بعين عيسى بريف الرقة الشمالي، ووصولاً إلى عين العرب ومنبج بريف حلب الشمالي الشرقي، مع استمرار بقاء نقاط روسية، بما فيها مركز المصالحة الروسي في مطار القامشلي الدولي، شمال محافظة الحسكة.