أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، الأربعاء، ترشيح السيناتور ماركو روبيو لتولي منصب وزير الخارجية، ما يجعل السياسي المولود في ولاية فلوريدا أول لاتيني يتولى منصب كبير الدبلوماسيين في الولايات المتحدة بمجرد تولي ترمب منصبه في يناير المقبل.
واعتبر ترمب في بيان، أن روبيو “قائد يحظى باحترام كبير، وصوت قوي للحرية”، مضيفاً: “سيكون مدافعاً قوياً عن أمتنا، وصديقاً حقيقياً لحلفائنا، ومحارباً شجاعاً لن يتراجع أمام خصومنا”.
وتابع: “أتطلع للعمل مع ماركو لجعل أميركا والعالم آمنين وعظيمين مرة أخرى”.
وفي المقابل، قال روبيو (53 عاماً) في بيان عقب إعلان ترشيحه للمنصب، إن “قيادة وزارة الخارجية الأميركية مسؤولية كبيرة، وأنا فخور بالثقة التي وضعها بي الرئيس ترمب”، مضيفاً: “سنحقق السلام من خلال القوة، وسنضع دائماً مصالح الولايات المتحدة والأميركيين فوق كل شيء”.
ويأتي اختيار روبيو وسط تصاعد المخاوف من إمكانية انسحاب إدارة ترمب من عدة تحالفات دولية، ومنها حلف شمال الأطلسي “الناتو”، في ظل استمراره على نهج “أميركا أولاً” في ملفات عدة ومنها الشؤون الخارجية.
من الانتقاد إلى الدعم
وكان السيناتور الجمهوري روبيو أحد أشد المنتقدين لترمب في السابق، قبل أن يعود ويصبح من أشد المدافعين عنه، كما ظهر معه في الحملة الانتخابية خلال الأسابيع الأخيرة.
ووفقاً لوكالة “رويترز”، روبيو بلا شك الخيار الأكثر تشدداً ضمن القائمة الصغيرة وضعها ترمب للمرشحين لمنصب وزير الخارجية، ودعا في السنوات الماضية إلى سياسة خارجية قوية مع أعداء الولايات المتحدة ومنهم الصين وإيران وكوبا.
لكن على مدى السنوات القليلة الماضية، خفف روبيو بعض مواقفه لتتماشى بشكل أكبر مع آراء ترمب الذي يتهم رؤساء الولايات المتحدة السابقين بالزج بالبلاد في حروب مكلفة وغير مجدية، ويدفع باتجاه سياسة خارجية أكثر تحفظاً.
وستواجه الإدارة الجديدة أوضاعاً عالمية أكثر تقلباً وخطورة مما كانت عليه عندما تولى ترمب منصبه في عام 2017، وسط الحروب في أوكرانيا والشرق الأوسط واصطفاف الصين بشكل أوثق مع عدوتي الولايات المتحدة روسيا وإيران، فيما ستكون الأزمة الأوكرانية على رأس أجندة روبيو، وفقاً للوكالة.
وشدد روبيو خلال مقابلات عدة في الآونة الأخيرة، على حاجة أوكرانيا إلى السعي إلى تسوية عبر التفاوض مع روسيا بدلاً من التركيز على استعادة كل الأراضي التي سيطرت عليها موسكو خلال العقد الماضي.
وكان روبيو أيضاً واحداً من 15 جمهورياً في مجلس الشيوخ صوتوا ضد حزمة مساعدات عسكرية بقيمة 95 مليار دولار لأوكرانيا وإسرائيل وشركاء آخرين للولايات المتحدة، والتي تم تمريرها في أبريل.
وانتقد ترمب عدة مرات المساعدة العسكرية المستمرة التي يقدمها الرئيس جو بايدن لأوكرانيا في محاربتها ضد الروس.
وقال روبيو لشبكة NBC NEWS، في سبتمبر الماضي: “أنا لست في صف روسيا، لكن للأسف الواقع هو أن الطريقة التي ستنتهي بها الحرب في أوكرانيا هي التوصل إلى تسوية بالتفاوض”.
ومن المرجح أن يُطمئن ترشيح روبيو إسرائيل، بشأن دعم إدارة ترمب المقبلة القوي لتل أبيب، في ولايته الثانية، في ظل مخاوف بشأن تيار داخل الحزب الجمهوري يدفع نحو نهج مقاربة أكثر انعزالية.
واعتبر روبيو حركة “حماس” الفلسطينية “منظمة إرهابية، يجب القضاء عليها”، مضيفاً أن “دور الولايات المتحدة هو إعادة إمداد إسرائيل بالموارد العسكرية اللازمة لإنهاء المهمة”.
واختيار روبيو لتولي دور سياسي رئيسي قد يساعد ترمب في تعزيز المكاسب بين اللاتينيين، وإظهار أن لديهم مكاناً على أعلى المستويات في إدارته.
ويعد روبيو من أبرز الصقور المناهضين للصين في مجلس الشيوخ، وفرضت عليه بكين عقوبات في عام 2020 بسبب موقفه المتعلق بهونج كونج بعد احتجاجات مطالبة بالديمقراطية.
وعام 2019، دعا روبيو وزارة الخزانة إلى إطلاق مراجعة للأمن القومي لاستحواذ تطبيق التواصل الاجتماعي الصيني الشهير “تيك توك” على موقع Musical.ly، ما أدى إلى إجراء تحقيق وإصدار أمر بسحب الاستثمارات.
وبصفته أبرز جمهوري في لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ، فقد واصل أيضاً الضغط على إدارة بايدن، مطالباً إياها بمنع جميع المبيعات لشركة “هواوي” في وقت سابق من هذا العام، بعد أن أطلقت شركة التكنولوجيا الصينية الخاضعة للعقوبات جهاز كمبيوتر محمولاً جديداً يعمل بشريحة معالج الذكاء الاصطناعي من تصنيع شركة “إنتل” الأميركية.
كما أن روبيو، الذي فر والداه من كوبا إلى الولايات المتحدة في عام 1956، معارض صريح لتطبيع العلاقات مع الحكومة الكوبية، وهو الموقف الذي يوافقه فيه ترمب.