تجري أوكرانيا وروسيا، مناقشات أولية بشأن وقف الضربات على منشآت البنية التحتية للطاقة لدى كل منهما، في ظل تحديات شديدة تواجهها كييف بسبب الهجمات الصاروخية الروسية المكثفة، التي دمرت ما يقرب من نصف قدرتها على توليد الطاقة، حسبما نقلته صحيفة “فاينانشيال تايمز” عن أشخاص مطلعين، فيما نفى الكرملين صحة هذه التقارير.
وقالت المصادر التي ضمت مسؤولين أوكرانيين كبار، إن كييف كانت تسعى إلى استئناف المفاوضات التي توسطت فيها قطر، والتي اقتربت من التوصل لاتفاق في أغسطس، قبل أن تخرج عن مسارها، بسبب هجوم أوكرانيا على كورسك.
وقال دبلوماسي مطلع على المفاوضات: “هناك محادثات مبكرة للغاية بشأن حماية مرافق الطاقة”. وسيمثل الاتفاق أكبر خفض للتصعيد في الحرب منذ أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالغزو الشامل لأوكرانيا في فبراير 2022، حسبما نقلته الصحيفة البريطانية.
وذكر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، هذا الشهر، أن الاتفاق على حماية مرافق الطاقة، قد يشير إلى استعداد روسيا للمشاركة في محادثات سلام أوسع.
بدوره ذكر مسؤول أوكراني كبير، أن موسكو وكييف قللتا بالفعل من وتيرة الهجمات على البنية التحتية للطاقة لدى كل منهما في الأسابيع الأخيرة، كجزء من التفاهم الذي توصلت إليه وكالات الاستخبارات.
ومع اقتراب فصل الشتاء، تواجه أوكرانيا تحديات شديدة بسبب الضربات الصاروخية الروسية المكثفة التي دمرت ما يقرب من نصف قدرتها على توليد الطاقة.
وتعتمد كييف الآن بشكل كبير على منشآت الطاقة النووية وواردات الطاقة من الشركاء الأوروبيين. وقبلت كل من كييف وموسكو سابقاً أن وقف الهجمات على شبكة الطاقة الأوكرانية وقدرة تكرير النفط الروسية “كان في مصلحتهما المشتركة”.
شروط موسكو
ولكن الصحيفة أشارت إلى أنه من غير المرجح أن يوافق بوتين على صفقة حتى تطرد القوات الروسية القوات الأوكرانية من منطقة كورسك، حيث لا تزال تسيطر على حوالي 600 كيلومتر مربع من الأراضي، وفقاً لمسؤول كبير سابق في الكرملين مطلع على المحادثات.
وقال المسؤول الروسي إنه “طالما أن الأوكرانيين يدوسون الأرض في كورسك، فإن بوتين سيضرب البنية التحتية للطاقة لزيلينسكي”.
ومع ذلك، تخطط أوكرانيا لمواصلة ضرب الأهداف، بما في ذلك مصافي النفط، للضغط على روسيا للدخول في المحادثات، وفقاً للمسؤول الأوكراني الكبير.
وبعيداً عن قدرات كييف الهجومية بعيدة المدى، والتي سمحت لها بضرب أهداف الطاقة والمرافق العسكرية داخل روسيا، أضاف المسؤول: “ليس لدينا الكثير من النفوذ (لإجبار الروس) على التفاوض”.
وأدى التوغل الأوكرني في كورسك الروسية إلى انسحاب موسكو من جولة سابقة من المحادثات في أغسطس. وبدأت قطر في التوسط في تلك المفاوضات في يونيو بعد أن عقد زيلينسكي قمة سلام في سويسرا، والتي لم تتم دعوة روسيا إليها.
كما فشلت محاولات أخرى للتوسط في صفقة في الماضي. وقال أربعة مسؤولين أوكرانيين لصحيفة “فاينانشال تايمز”، إن كييف وموسكو توصلتا إلى “اتفاق ضمني” في الخريف الماضي، بعدم ضرب منشآت الطاقة الخاصة بكل منهما.
ونتيجة لذلك، امتنعت روسيا في ذلك الشتاء، عن شن هجمات واسعة النطاق من هذا النوع الذي نفذته على البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا في عامي 2022 و2023، وفقاً لمسؤولين أوكرانيين وشخص في واشنطن مطلع على الوضع.
وقالت المصادر إن هذا الاتفاق الضمني كان من المفترض أن يمهد الطريق نحو اتفاق رسمي. ومع ذلك، استأنفت كييف هجمات الطائرات بدون طيار على منشآت النفط الروسية في فبراير ومارس من هذا العام، حيث سعت إلى زيادة الضغط على موسكو بعد هجومها المضاد الفاشل في عام 2023.
وعلى الرغم من طلب البيت الأبيض وقف الضربات، إلا أن كييف مضت قدماً، واعتبرت موسكو أن الاتفاق الضمني قد تم خرقه، وفقاً لأشخاص مطلعين على الوضع.
وصعدت روسيا، وأطلقت وابلاً من الصواريخ بعيدة المدى استهدفت محطات الطاقة في جميع أنحاء أوكرانيا، بما في ذلك محطة تريبيلسكا للطاقة الحرارية على بعد 40 كيلومتراً من كييف، والتي دمرت بالكامل.
وكجزء من الحملة الأوكرانية، تضررت 9 مصاف على الأقل من أصل 32 مصفاة رئيسية في روسيا منذ بداية عام 2024.
وقال سيرجي فاكولينكو من مركز كارنيجي روسيا أوراسيا إنه في ذروة الهجمات في مايو، تأثر 17% من طاقة التكرير في روسيا، ولكن تم إصلاح معظم منشآت الطاقة هذه منذ ذلك الحين.
وتصدر روسيا كمية صغيرة نسبياً من المنتجات النفطية المكررة، وتتجاوز طاقة التكرير في البلاد ضعف استهلاكها من الوقود.
وأدى رد روسيا على هجمات كييف إلى إغراق جزء كبير من أوكرانيا في ظلام مؤقت وخفض 9 جيجاوات من قدرة توليد الطاقة، نصف ما احتاجته أوكرانيا العام الماضي لتجاوز الشتاء. وقد أثبتت كييف عدم قدرتها على استعادة هذه القدرة بالكامل.