أقرّ “الكنيست” الإسرائيلي بالأغلبية الساحقة، الاثنين، حظراً على عمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة “الأونروا”، في المناطق الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية.
ووافق أعضاء “الكنيست” على تشريعين، الأول يمنع “الأونروا” من ممارسة “أي نشاط” أو تقديم أي خدمة داخل الأراضي التي تسيطر عليها إسرائيل، بينما الثاني يقطع العلاقات الدبلوماسية مع هذه الوكالة الأممية.
وتم تمرير التشريع الأول بأغلبية 92 صوتاً مقابل 10، بدعم من أحزاب المعارضة، فيما تمت الموافقة على التشريع الثاني بأغلبية 87 صوتاً مقابل 9.
ومن شأن هذا القرار أن يهدد عمل الوكالة الأممية في تقديم المساعدات الإنسانية للفلسطينيين في قطاع غزة، الذين يواجهون أوضاعاً إنسانية مزرية مع شح المساعدات.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في منشور على منصة “إكس”، بعد الموافقة على هذا القرار، إنه يتعين “محاسبة موظفين بالأونروا بعد تنفيذهم أنشطة ضد إسرائيل”.
وأثار التشريع قلق الأمم المتحدة وبعض حلفاء إسرائيل من القوى الغربية، التي قالت إنها تخشى من أن يؤدي إلى تفاقم الوضع الإنساني المتردي بالفعل في غزة.
“عقاب جماعي للفلسطينيين”
واعتبر المفوض العام لـ”الأونروا” فيليب لازاريني أن القرار الإسرائيلي “غير مسبوق ويشكل سابقة خطيرة”، مشيراً إلى أنه “يعارض ميثاق الأمم المتحدة، وينتهك التزامات إسرائيل بموجب القانون الدولي”.
وأضاف أن “هذا التصويت يأتي كأحدث خطوة في الحملة المستمرة لتشويه سمعة الأونروا ونزع الشرعية عن دورها في تقديم خدمات المساعدة والتنمية البشرية للاجئي فلسطين”.
وشدد لازاريني على أن “هذه القوانين لن تؤدي إلا إلى تعميق معاناة الفلسطينيين، خاصة في غزة، حيث يعاني الناس هناك منذ أكثر من عام في جحيم لا يوصف”.
وأضاف أن “هذه القوانين ستمنع أكثر من 650 ألف طفل وطفلة من حقهم في التعليم، مما يعرّض جيلاً كاملاً من الأطفال للخطر”، كما “تزيد هذه القوانين من معاناة الفلسطينيين، وهي لا تقل عن كونها عقاباً جماعياً”.
والعلاقات بين “الأونروا” وإسرائيل متوترة منذ فترة طويلة، لكنها تدهورت منذ بدء الحرب على غزة. ودعت إسرائيل مراراً إلى حل “الأونروا” ونقل مهامها إلى وكالات أخرى تابعة للأمم المتحدة.
“دور لا يمكن الاستغناء عنه”
وقبل إقرار الحظر، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر، الاثنين، إن الولايات المتحدة أوضحت لإسرائيل أنها تشعر بقلق عميق إزاء التشريع الإسرائيلي، مشيراً إلى أن “الأونروا” تقوم بـ”دور لا يمكن الاستغناء عنه” في توصيل المساعدات الإنسانية إلى القطاع.
وأضاف ميلر في إفادة صحفية يومية، أن “أحد تقديراتنا… أن الناس في جباليا لا يحصلون على الغذاء والمياه والدواء الذي يجب إيصاله لهم. ونريد أن نرى ذلك يتغير”.
وأكد ميلر أن واشنطن “سترفض بوضوح أي جهد لعمل حصار أو تجويع المدنيين أو عزل شمال غزة عن بقية الجيب”.
وقال الدفاع المدني الفلسطيني، الاثنين، إن نحو 100 ألف شخص تقطعت بهم السبل في جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون بلا إمدادات طبية أو غذائية.
وقال وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي، إن “مشاريع القوانين التي أقرها الكنيست الإسرائيلي اليوم، والتي تقيد عمل الأونروا، خاطئة تماماً”.
وأشار لامي إلى أن “الممكلة المتحدة أكدت بوضوح إلى جانب الشركاء الدوليين، أن إسرائيل يجب أن تضمن قدرة الأونروا على تقديم المساعدات بالسرعة والحجم اللازمين، لمعالجة حالة الطوارئ الإنسانية في غزة”.
بدوره اعتبر مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، أن هذا التشريع “يتناقض بشكل صارخ مع القانون الدولي، والمبدأ الأساسي للإنسانية”.
واعتبر أن “جميع وكالات الأمم المتحدة تجسد النظام الدولي القائم على القواعد”، و”يتعين على جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة الالتزام بها”.
“خطوط حمراء”
وأفادت الرئاسة الفلسطينية في بيان، بأن القرار يهدف إلى “تصفية قضية اللاجئين وحقهم في العودة والتعويض، وهذا لن نسمح به”، معتبرة أن “قضية اللاجئين هي جوهر القضية الفلسطينية، وتمثل خطوطاً حمراء لأي حل”.
وقال المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، إن هذا التصويت “يدل على تحوّل إسرائيل إلى دولة فاشية، وأن ذلك لم يعد مقتصراً على عدد من الوزراء، وإنما ما يسمى دولة إسرائيل”، داعياً دول العالم إلى “التعامل مع إسرائيل كدولة عنصرية، وأن يتم إخراجها من الشرعية الدولية”.
ودانت وزارة الخارجية الأردنية بأشد العبارات الحظر الإسرائيلي، ووصفته بأنه “انتهاك صارخ للقانون الدولي، ولالتزامات إسرائيل باعتبارها القوة القائمة بالاحتلال في الأرضي الفلسطينية المحتلة”.