تعمل كل بريطانيا وفرنسا على وضع خطة لنشر ما يصل إلى 30 ألف جندي لحفظ السلام في أوكرانيا، حال توصلت موسكو وكييف إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، حسبما نقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” عن مسؤولين أوروبيين.
وقال المسؤولون إن نجاح هذا المقترح الأوروبي يعتمد على إقناع الرئيس الأميركي دونالد ترمب بالموافقة على دور عسكري أميركي محدود يُطلق عليه مسمى “الداعم الخلفي”، لضمان حماية القوات الأوروبية، حال تعرضها للخطر، وردع روسيا عن انتهاك أي اتفاق لوقف إطلاق النار.
وتوقعت “وول ستريت جورنال” أن تشهد الأيام المقبلة أول اختبار لرغبة ترمب في تقديم ضمانات أمنية لأوكرانيا، عندما يجتمع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع ترمب في البيت الأبيض.
ومن المقرر أن يناقش ستارمر مع ترمب الخطوط العريضة للخطة الخميس، لكن دون تقديم طلب رسمي بالمساعدة الأميركية في الوقت الحالي، أما ماكرون، الذي يلتقي ترمب، الاثنين، في الذكرى السنوية للغزو الروسي عام 2022، فسيعرض رؤية الحلفاء بشأن الحرب وسبل طمأنة أوكرانيا.
ما تفاصيل الخطة الأوروبية؟
أوضح المسؤولون أن الخطة الأوروبية المطروحة لا تتطلب نشر قوات أميركية في أوكرانيا، وهو أمر استبعدته إدارة ترمب بالفعل، لكنها تسعى إلى الاستفادة من القدرات العسكرية الأميركية التي تفتقر إليها الجيوش الأوروبية.
وتتضمن الخطة إمكانية تشغيل الولايات المتحدة أنظمة دفاع جوية في دول مجاورة، لتغطية أجزاء واسعة من أوكرانيا، إلى جانب تزويد الأوروبيين بأنظمة دفاع جوي إضافية، كما يمكن إبقاء القوة الجوية الأميركية المتمركزة خارج أوكرانيا في حالة تأهب لحماية القوات الأوروبية عند الحاجة.
وستشكل القوات البريطانية والفرنسية، مدعومة بقوات بحرية وقوة جوية، العمود الفقري لما يُسمى “قوة الطمأنة”، إذ لن تُنشر هذه القوة على الخطوط الأمامية في شرق أوكرانيا، بل ستُكلف بحماية البنية التحتية الحيوية والمدن والموانئ، بما في ذلك في البحر الأسود. كما ستستخدم الطائرات المُسيرة والأقمار الاصطناعية لمراقبة التزام روسيا بوقف إطلاق النار.
وبموجب الخطة، ستستمر الجهود الدولية لمساعدة أوكرانيا في بناء جيش قوي قادر على الدفاع عن نفسه، حيث لن يكون الهدف من القوة الأوروبية أن تحل محل القوات الأوكرانية، حسبما ذكرت “وول ستريت جورنال”.
لماذا تتحفظ أميركا على الخطة؟
يرى المسؤولون أن المخطط الأوروبي لإرسال قوات حفظ السلام إلى أوكرانيا سيواجه “مساراً صعباً” من دون دعم ترمب للخطة.
وأثار بعض المسؤولين العسكريين الأميركيين السابقين تساؤلات حول الخطة الأوروبية المقترحة، مشددين على ضرورة أن تتمتع قوات حفظ السلام بقدرات عسكرية متكاملة لردع أي عدوان روسي.
وقال بن هودجز، وهو جنرال متقاعد شغل منصب قائد القوات الأميركية في أوروبا بين عاميْ 2014 و2018، إن القوة يجب أن تكون “مشتركة، تمتلك قدرات الطائرات المُسيرة والمعدات المضادة لها، وتنفيذ ضربات بعيدة المدى، وكل ما يلزم لمنع روسيا من انتهاك وقف إطلاق النار”.
وأضاف: “نشر مجموعة من القوات البريطانية والفرنسية في مدن وسط وغرب أوكرانيا لن يمنع روسيا من القيام بأي شيء، ربما باستثناء قصف تلك المدن بالصواريخ”.
ورجح أوروبيون أن يحتاج إنشاء قوة أوروبية قوية لحفظ السلام إلى مساعدة أميركية في مجالات الدفاع الجوي والصاروخي واللوجستيات والاستخبارات والقوة الجوية، لكن موقف إدارة ترمب من تقديم مثل هذا الدعم لا يزال غير واضح.
وكان مستشار الأمن القومي الأميركي مايك والتز حث الأوروبيين على وضع خطة لحماية أوكرانيا، لكنه لم يتحدث عن دور عسكري أميركي محتمل.
وأضاف: “هناك مناقشات من رئيس الوزراء ستارمر والرئيس ماكرون حول ضمانات أمنية تقودها أوروبا، ونحن بالتأكيد نرحب بالمزيد من المساعدة الأوروبية”.
ما تحديات أوروبا؟
وقد يتمثل أحد التحديات الرئيسية أمام الأوروبيين في مساعي ترمب لتحسين العلاقات مع روسيا، وتردده في وضع الجيش الأميركي في مواجهة محتملة مع القوات الروسية في أوكرانيا، وفق “وول ستريت جورنال”.
وسبق أن وصف ترمب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بأنه “ديكتاتور”، واتهم أوكرانيا بالتسبب في اندلاع الحرب، لكنه تراجع عن تصريحاته، الجمعة، قائلاً: “روسيا هي من هاجمت، لكن كان ينبغي عليهم منع الهجوم”.
وضغط مسؤولون أميركيون على زيلينسكي لتوقيع اتفاق يمنح الولايات المتحدة حقوقاً لموارد معدنية ثمينة، وهو اتفاق لن يعود بفائدة اقتصادية كبيرة على واشنطن إلا إذا انتهى الصراع في أوكرانيا وأصبحت البلاد آمنة.
ورغم زيادة الدول الأوروبية إنفاقها العسكري في السنوات الأخيرة، قلصت بريطانيا وألمانيا ودول رئيسية أخرى في حلف شمال الأطلسي (الناتو) حجم جيوشها منذ نهاية الحرب الباردة، وأصبحت أكثر اعتماداً على الولايات المتحدة، وحالياً تتجه واشنطن إلى الابتعاد عن حلفائها.
ويعتقد مسؤولون بريطانيون أن المشاركة الأميركية ستكون ضرورية لردع الهجمات الروسية، وتشجيع دول أوروبية أخرى على إرسال قوات، وتعزيز قدرات القوة المتعددة الجنسيات بقدرات عسكرية تفتقر إليها الجيوش الأوروبية.