كشف باحثون من كلية الطب في Mount Sinai بالولايات المتحدة، عن تفاعلات جينية جديدة، قد تكون مسؤولة بشكل رئيسي عن مرض القلب الخلقي، وهو أحد أكثر العيوب الخلقية شيوعاً.
وفق الدراسة، حدَّد الباحثون تفاعلات جينية ثنائية، يمكن أن تسهم في الإصابة بمرض القلب الخلقي، مما يعمّق الفهم العلمي للأساس الجيني لهذا المرض.
وقال المؤلف المشارك في الدراسة، يوفال إيتان، الأستاذ المساعد في علم الوراثة والعلوم الجينومية بـ”Mount Sinai”، إن البحث يشير إلى أن “الإرث الثنائي الجينات” قد يكون مسؤولاً عن بعض حالات مرض القلب الخلقي، حيث يعمل جينان معاً للتسبب في المرض.
الإرث الثنائي للجينات
الإرث الثنائي للجينات نمط وراثي يحدث عندما تتسبب طفرتان في جينين مختلفين معاً في ظهور المرض، بينما لا تؤدي الطفرة في أحد الجينين بمفرده إلى ذلك.
يمكن تشبيه الأمر بمفتاحين يحتاجان إلى التشغيل معاً لفتح باب المرض، مما يعني أن العامل الوراثي لا يعتمد على جين واحد فقط، بل على تفاعل جينين في وقت واحد.
يساعد هذا الفهم الجديد في تحسين تشخيص الأمراض الوراثية؛ لأنه يكشف عن أسباب لم تكن واضحة عند التركيز على الجينات الفردية فقط، كما يفتح المجال لتطوير علاجات أكثر دقة، بناءً على التركيب الوراثي لكل شخص.
في الدراسة المنشورة في دورية الجمعية الأميركية للجينات البشرية، حلَّل الباحثون بيانات تسلسل الإكسوم لعينات مأخوذة من الأطفال المصابين وغير المصابين بمرض القلب الخلقي، وتمكنوا من تحديد 10 أزواج جينية جديدة قد تكون مرتبطة بتطور المرض.
مرض القلب الخلقي
مرض القلب الخلقي تشوّه في بنية القلب يحدث منذ الولادة، وقد يؤثر على جدران القلب، أو صماماته، أو الأوعية الدموية المتصلة به.
يختلف هذا المرض في شدته، فقد يكون بسيطاً لا يسبب أعراضاً، أو معقداً يعوق تدفق الدم بشكل طبيعي، ويمكن أن يؤدي إلى مشكلات مثل ضعف ضخ الدم، ونقص الأكسجين في الجسم، أو إرهاق القلب.
وفيما يمكن اكتشاف بعض الحالات عند الولادة، قد لا تظهر أعراض بعضها الآخر إلا في مراحل لاحقة من الحياة، وتعتمد أسباب المرض على عوامل وراثية وبيئية، ويشمل علاجه التدخل الجراحي، أو الأدوية، أو التدخلات الطبية الأخرى حسب الحالة.
ويُظهر البحث أن التفاعلات الجينية تلعب دوراً أساسياً في المرض، وليس فقط الطفرات في جين واحد كما كان يُعتقد سابقاً.
ألغاز جينية
ويقول الباحثون إن المنهجية الجديدة للكشف عن هذه التفاعلات توسّع نطاق البحث الجيني، وقد يؤدي إلى تحسينات كبيرة في التشخيص والتقييم الجيني للمرضى، وقد تحسِّن من دقة التشخيص الجيني، وتفتح الباب أمام علاجات مخصصة.
ومع تقدم تقنيات الاختبارات الجينية، يمكن أن يساعد دمج النماذج ثنائية الجينات في زيادة دقة التشخيص، مما يوفر للمرضى وأسرهم معلومات أوضح حول المرض.
يعتزم الباحثون توسيع نطاق أبحاثهم لتشمل أمراضاً أخرى، إذ يسعون إلى تطبيق النموذج الثنائي الجينات على اضطرابات وراثية أخرى غير مفهومة بالكامل.
كما يأملون في تطوير نموذج أكثر شمولاً لدراسة التفاعلات متعددة الجينات، مما قد يساعد في تفسير بعض الألغاز الجينية المتعلقة بأمراض معقدة أخرى.