وصل الرئيس الإيراني مسعود بيزشكيان إلى موسكو، الجمعة، لإجراء محادثاتٍ مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، وتوقيع اتفاقية شراكة استراتيجية بين البلدين، قبل أيام من تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، في تزامن تصر موسكو على أنه غير مقصود.
ومن المقرر أن يجري بيزشكيان، الذي يزور الكرملين لأول مرة منذ توليه الرئاسة في يوليو الماضي، بعد وفاة سلفه إبراهيم رئيسي، في حادث تحطم طائرة هليكوبتر مايو الماضي، محادثاتٍ مع بوتين تركز على العلاقات الثنائية، والقضايا الدولية، قبل التوقيع على المعاهدة.
ووطدت روسيا علاقاتها مع إيران، ودول أخرى معادية للولايات المتحدة، مثل كوريا الشمالية، منذ بداية الحرب في أوكرانيا، ولديها اتفاقيات استراتيجية مع بيونج يانج، وحليفتها الوثيقة بيلاروس، فضلاً عن اتفاقية شراكة استراتيجية مع الصين.
تعاون دفاعي بين روسيا وإيران
ومن المرجَّح أن يثير الاتفاق بين موسكو وطهران، الذي سيمتد 20 عاماً، ويتضمن بنوداً بشأن تعزيز التعاون الدفاعي، قلق الغرب.
وتقول موسكو وطهران إن توطيد علاقاتهما ليس موجهاً ضد أي دولة أخرى، ولكن استخدام روسيا لطائرات مسيّرة إيرانية، بشكل مكثف، خلال الحرب في أوكرانيا، أثار مخاوف أوروبا وأميركا.
واتهمت واشنطن طهران، في سبتمبر، بتسليم صواريخ باليستية قصيرة المدى إلى موسكو، لاستخدامها في الحرب. وتنفي إيران إمداد روسيا بطائرات مسيّرة، أو صواريخ.
وأحجم الكرملين عن تأكيد حصوله على صواريخ إيرانية، لكنه أقرَّ بأن تعاونه مع طهران يشمل “المجالات الأكثر حساسية”.
شراكة استراتيجية
ويأتي توقيع طهران وموسكو على معاهدة الشراكة الاستراتيجية قبيل تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، في العشرين من الشهر الجاري، في تزامنٍ لا يراه الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف ذي صلة تجمع بين الحدثين.
وقال بيسكوف، في تصريحات لوكالة “إرنا” الإيرانية: “التكهنات العديدة حول اختيار موعد توقيع معاهدة الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين إيران وروسيا عشية صعود ترمب إلى السلطة، لا تثير سوى الابتسامة، دعوا منظري المؤامرة يستمتعون”.
لكن مدير المركز العربي للدراسات الإيرانية، الدكتور محمد صالح صدقيان، يرى أن هناك “عاملين مهمين في الاتفاقية” المرتقبة، وهما “المضمون والتوقيت”، لافتاً إلى سعي البلدين لإعادة صياغة العلاقات بينهما، بشكل يخدم المصالح المشتركة، إلى جانب الأمن والاستقرار في المنطقة.
وفي حديث إلى “الشرق”، قال: “المضمون يتمثل في الاتفاقية الاستراتيجية التي استفادت من اتفاقية سابقة قبل أكثر من عقدين، أخذت في الاعتبار الظروف الجديدة التي تحيط بالمنطقة وبروسيا وإيران”، مشيراً إلى أن هذه الاتفاقية تشمل مجالات متعددة أمنية وسياسية واقتصادية، وقضايا أخرى.
أما عامل التوقيت، وفقاً لصدقيان، يكمن في تزامن الاتفاق مع دخول ترمب البيت الأبيض في 20 يناير. وقال: “بالتالي هذه رسالة واضحة للولايات المتحدة، حيث إن ترمب ربما يريد الضغط على إيران أو روسيا، لكن البلدين يسعيان إلى إعادة صياغة العلاقات بينهما بالشكل الذي يستطيع أن يخدم المصالح المشتركة والأمن والاستقرار في المنطقة”.
تفاصيل معاهدة روسيا وإيران
في حين لم تُعلَن بعد بنود الاتفاقية الروسية الإيرانية الجديدة، أوضح المسؤولون الروس أنها ستغطي كامل نطاق العلاقات الروسية الإيرانية متعددة الأوجه، بما في ذلك تعزيز التعاون في المجالات العسكرية والسياسية والتجارية والاقتصادية، وتطوير العلاقات الثنائية في المجالات العلمية والتعليمية والثقافية والإنسانية.
وأشار السفير الإيراني لدى روسيا، كاظم جلالي، إلى أن الاتفاقية تتضمن 47 مادة، وتغطي جميع مجالات التعاون الثنائي. وقالت الخارجية الإيرانية إن الاتفاقية تشمل قضايا التعاون في مجالات الاقتصاد والشحن والسكك الحديدية والنقل البحري والجوي والمواصلات والطاقة، والرعاية الصحية، والزراعة، والحد من آثار الكوارث الطبيعية، ومكافحة التحديات المشتركة، والجريمة المنظمة و”مكافحة الإرهاب”، والتعاون في الصناعة والاستثمار، والتبادل التكنولوجي والعلمي في مختلف المجالات.
وأضافت أن اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة تهدف إلى أن تصبح مرحلة حاسمة في تطور العلاقات بين روسيا وإيران.
كان بوتين التقى مع بيزشكيان على هامش قمة مجموعة بريكس في مدينة قازان الروسية في أكتوبر، وعلى هامش منتدى ثقافي في تركمانستان في الشهر نفسه.
ويرافق بيزشكيان في زيارته إلى موسكو وزير النفط، ومن المرجَّح مناقشة العقوبات الغربية على القطاع خلال الزيارة.