قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، السبت، إن إدارة الرئيس جو بايدن أمضت أشهراً في وضْع خطة اليوم التالي للحرب في غزة مع العديد من البلدان، وتحديداً من وصفهم بـ”الشركاء العرب”، مشيراً إلى أنه سيتم تسليمها لإدارة الرئيس المنتخب دونالد ترمب إذا لم تسنح فرصة لتنفيذها خلال الأسبوعين المقبلين.
وأوضح بلينكن في مقابلة مع صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية: “إذا لم تتح لنا الفرصة للبدء في محاولة تنفيذها (خطة ما بعد حرب غزة) من خلال اتفاق وقف النار وإطلاق سراح المحتجزين في غضون الأسبوعين المقبلين، فسنسلمها إلى إدارة ترمب القادمة، ويمكنها أن تقرر ما إذا كانت ستمضي قدماً في ذلك”.
وتوقَّع انتهاء الحرب في غزة وفقاً للشروط الموضوعة في مقترح اتفاق وقْف إطلاق النار الذي طرحه بايدن في مايو 2024، والذي يشمل 3 مراحل مقترنة بإطلاق سراح المحتجزين في غزة بـ”وقف إطلاق نار كامل وشامل”.
سبيل واحد لإنهاء الحرب
أكد بلينكن أن التوصل لاتفاق وقف النار وتبادل الأسرى والمحتجزين، هو السبيل الأسرع والأكثر ديمومة لإنهاء حرب غزة، معتبراً أن أكبر عائقين يحولان دون التوصل إلى إنهاء الحرب في غزة يتعلقان بالدافع الذي يحرك “حماس”.
وتابع: “هناك عقبتان رئيسيتان أمام الاتفاق وكلاهما يتعلقان بما يحرك حماس، الأولى كانت كلما برزت خلافات علنية بين الولايات المتحدة وإسرائيل وأدركت الحركة الفلسطينية أن الضغوط على تل أبيب تتزايد، تتراجع عن الموافقة على وقف إطلاق النار وإطلاق سراح المحتجزين”، على حد قوله.
أما العقبة الأخرى، بحسب بلينكن، فتتمثل في “اعتقاد حماس وأملها في أن يكون هناك نطاق أوسع للصراع، يتسبب في إشغال إسرائيل عبر هجمات متعددة من قِبَل جماعة حزب الله وإيران، لذلك عملنا بجد للتأكد من عدم استمرار حدوث ذلك”.
ودافع بلينكن عن الحكومة الإسرائيلية قائلاً إن “رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لم يرفض اتفاق وقف إطلاق النار في يوليو الماضي”، لكنه استدرك بالقول إن “إسرائيل سبق وأن اتخذت إجراءات أدَّت إلى جعْل المفاوضات أصعب”، معتبراً أنه “كان هناك مبرر لتلك الإجراءات حتى لو كانت تزيد من صعوبة الوصول إلى نتائج”.
وأقرَّ وزير الخارجية الأميركي بأن اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” يحيى السنوار، أدى إلى “غياب صانع قرار واحد، إذ حدث هذا في اللحظة التي اعتقدنا فيها أننا قد نكون قادرين على الوصول بهذا الاتفاق إلى خط النهاية، وفجأة لم يعد هناك صانع قرار واحد، وبات من الصعب للغاية الحصول على قرار من حماس”.
الالتزام بقواعد الحرب
بشأن احترام إسرائيل لقواعد الحرب خلال العمليات العسكرية في غزة، برر بلينكن الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل في دفاعها، الذي وصفه بـ”العادل”، من أجل التأكد من عدم تكرار هجمات السابع من أكتوبر 2023″، مضيفاً: “قلنا منذ اليوم الأول إن الطريقة التي تقوم بها إسرائيل لتحقيق ذلك مهمة”.
وكان وزير الدفاع الإسرائيلي السابق موشيه يعلون، اعتبر ما حدث في القطاع الفلسطيني “جرائم حرب وتطهير عرقي”.
وتحدَّث بلينكن عن أنه كان هناك إجماع في إسرائيل على مستوى القيادات والمجتمع لـ”منع وصول المساعدات ولو حتى إلى فلسطيني واحد داخل غزة”، مبرراً ذلك بأن “هناك حالة من الصدمة على خلفية ما حدث في السابع من أكتوبر 2023”.
وأضاف: “أمضيت في أول رحلة قمت بها إلى إسرائيل بعد 5 أيام من هجمات السابع من أكتوبر، 9 ساعات برفقة فريقي في مقر الجيش الإسرائيلي في تل أبيب، بحضور رئيس الوزراء، للتباحث بشأن الاقتراح الأساسي المتمثل في ضرورة وصول المساعدات الإنسانية إلى الفلسطينيين في غزة”.
وكشف بلينكن عن أنه استخدم ورقة زيارة بايدن إلى إسرائيل، وتحديداً في أعقاب هجمات 7 أكتوبر 2023، للضغط على نتنياهو للسماح بإدخال المساعدات إلى غزة، مبيّناً أنه أخبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بأنه سيبلغ الرئيس الأميركي بألا يأتي إلى تل أبيب إذا لم يتم السماح بتدفق المساعدات إلى القطاع الفلسطيني.
وأضاف:” أطلعت الرئيس على المناقشات، وبالفعل حصلنا على الموافقة لبدء إدخال المساعدات عبر معبر رفح، ثم قمنا بتوسيعها لتشمل معبر كرم أبو سالم”.
واستكمل حديثه قائلاً: “حاولنا طوال الوقت تلبية احتياجات الذين وقعوا في مرمى نيران الحرب، لا سيما وأن لدينا شعب فلسطيني يعيش صدمة من هول ما حدث”، مطالباً بضرورة التفريق بين القصْد والنتيجة، إذ كانت إسرائيل تنوي في بادئ الأمر العمل على منع وصول المساعدات كلياً، لافتاً إلى أنها وصلت حتى وإن لم تكن بالنتيجة الكافية.
وعن استمرار الولايات المتحدة في تزويد إسرائيل بالأسلحة، شدد بلينكن على أنه “كنا وما زلنا ملتزمين بشكل أساسي بالدفاع عن إسرائيل، ومن المؤسف أنها تواجه خصوماً من كل الاتجاهات، لذلك فإن الدعم الذي تقدمه واشنطن على مدار سنوات عبر الإدارات السابقة من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، هو دعم حيوي”.
واعتبر أن “هذا الدعم لضمان قدرة إسرائيل على الدفاع عن نفسها، وردْع أي عدوان من إيران أو وكلائها سواء حزب الله، أو الحوثيين”، منبهاً إلى أن “كان من الضروري الحفاظ على دعم إسرائيل لمنع توسع الصراع بما ينتج عنه من موت ودمار”.
معاناة غزة
ذكر وزير الخارجية الأميركي أن المعاناة في غزة كانت هي الدافع لإيجاد طريقة لإنهاء الصراع من خلال استعادة المحتجزين والوصول إلى وقف لإطلاق النار في القطاع الفلسطيني.
وعن مدى قلقه بأنه كان يشرف على ما قد يراه العالم “إبادة جماعية” قال بلينكن: “لا. ليس الأمر كذلك، ولا أستطيع الإجابة عما يتعلق برؤية العالم، لكن على الجميع أن ينظروا إلى الحقائق، ثم يستخلصوا استنتاجاتهم الخاصة منها”.
وأوضح: “استنتاجاتي واضحة، أعتقد على الرغم من المعاناة المروعة، إلا أن هناك أيضاً ضوء يمكن للمرء أن يراه، ويقدم احتمالات لمستقبل مختلف تماماً وأفضل كثيراً”.
وعن تصريحات مايك كيسي، الذي كان نائباً للمستشار السياسي لوزارته، التي قال فيها إن الخارجية الأميركية كانت تستسلم في كثير من الأحيان لإسرائيل، وتتجاهل تقاريره عن الضحايا المدنيين في غزة. قال بلينكن: “نحن على اطلاع بكل ما يجري ونركز في القضية لإنهاء الصراع على نحو يضمن عدم تكرار ما حدث في السابع من أكتوبر، وينهي معاناة الناس ويعيد المحتجزين”.
وأردف بالقول: “قد لا يعيد حياة الضحايا في غزة وإسرائيل، لكنه يقدم طريقاً مختلفاً للمضي قدماً. وقد قمنا بجهود غير عادية من العمل لبناء الأساس لذلك”.