نفى مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان وجود اتفاق حتى الآن بين لبنان وإسرائيل بشأن وقف إطلاق النار، فيما وصل عاموس هوكستين، مبعوث الرئيس الأميركي جو بايدن، إلى بيروت، مساء الثلاثاء، في رحلة تصفها تقارير بأنها “مصيرية”.
وقال جيك سوليفان في لقاء مع قناة PBS الأميركية بشأن المفاوضات الجارية لوقف الحرب في لبنان: “ليس لدينا اتفاق (..) لكننا نعتقد أننا نشهد تقدماً ونعتقد أن كلا الجانبين، اللبناني والإسرائيلي، قد أبديا استعداداً لإنجاز ذلك وإنجازه في إطار زمني قصير”.
وأضاف مستشار الأمن القومي الأميركي: “لذلك سنواصل العمل على هذا حتى نتمكن من دفع كلا الجانبين على التوقيع”.
زيارة هوكستين ودلالتها
ووصل عاموس هوكستين، مبعوث الرئيس الأميركي جو بايدن، إلى بيروت، الثلاثاء، وسط تقديرات بوجود فرصة تزيد عن 50% للتوصل إلى اتفاق بين لبنان وإسرائيل.
وذكرت الوكالة الوطنية للإعلام في لبنان أن حقائب هوكستين خضعت للتفتيش الدقيق عملاً بالاجراءات المتبعة في مطار رفق الحريري في بيروت.
بحسب الأنباء الواردة حتى الآن، سيجتمع هوكستين مع رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي ورئيس البرلمان اللبناني نبيه بري. وبعد بيروت، من المتوقع أن يصل إلى إسرائيل يوم الأربعاء أو الخميس.
ونقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية عن مسؤول إسرائيلي، قالت إنه “كبير مطلع على التفاصيل”، قوله إن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لا تسعى إلى المغامرة بشأن أمور لا تحظى بفرصة، معتبراً أن وصول هوكستين في حد ذاته إلى المنطقة دليل على وجود فرصة للتوصل إلى ترتيب أو اتفاق لوقف الحرب في لبنان.
وأضاف المسؤول الإسرائيلي: “لا يمكننا أن نقول إن هناك يقيناً بشأن التوصل إلى اتفاق.. هناك تفاهم كبير جداً بيننا وبين الأميركيين، وذهاب هوكستين إلى إسرائيل يعتمد، بالطبع، على نتيجة محادثاته هناك (في لبنان)”.
واعتبرت الصحيفة الإسرائيلية أن وصول هوكستين إلى لبنان يعني أن “الاتفاقات قريبة، ويمكن الإعلان عنها في غضون فترة زمنية قصيرة نسبياً”، وقالت إنه جاء لسد الثغرات وليس لجولة أخرى من المفاوضات، وإنه تم إنجاز الكثير من العمل خلف الكواليس ولم تكن هناك فجوات كبيرة جداً في المفاوضات غير المباشرة الجارية بين “حزب الله” وإسرائيل.
وذكرت أن من غير الواضح ما إذا كان هوكستين سيعلن وقف إطلاق النار من لبنان أو إسرائيل، وأضافت أن هناك تقديرات في إسرائيل بأن إيران أعطت “حزب الله” الضوء الأخضر للموافقة على وقف إطلاق النار، على ما يبدو من أجل إرسال رسالة إيجابية إلى الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.
أبرز نقاط الاتفاق
بحسب صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية يقضي الاتفاق المتبلور بين لبنان وإسرائيل على فترة اختبار لوقف إطلاق النار مدتها 60 يوماً، من المفترض أن ينسحب خلالها “حزب الله” إلى ما وراء نهر الليطاني.
كما تتضمن المسودة انتشار الجيش اللبناني في الجنوب اللبناني مع بقاء قوات حفظ الشلام التابعة للأمم المتحدة (يونيفيل) هناك.
وينص الاتفاق كذلك على أنه بعد فترة الـ60 يوماً، ينسحب الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان.
وورد في مسودة الاتفاق، بحسب مصادر إسرائيلية، أن كلاً من بريطانيا وألمانيا وفرنسا وأطرافاً أخرى ستشارك في مراقبة وقف إطلاق النار.
كما تتضمن الصياغة الحالية بنداً يسمح لإسرائيل بحرية العمل في لبنان، في حالة وقوع انتهاكات لاتفاق وقف إطلاق النار من جانب “حزب الله”.
وفي حال التوصل إلى اتفاق، سيعلن الأميركيون وقف إطلاق النار على الفور، وقد يكون للفرنسيين أيضاً بعض المشاركة في الإعلان، باعتبارهم شبه ضامنين من جانب لبنان، بحسب الصحيفة.
وكانت القناة 13 بالتليفزيون الإسرائيلي ذكرت أن إسرائيل، في حال التوقيع على اتفاق لوقف إطلاق النار، ستحصل على خطاب ضمانات من الولايات المتحدة، ينص على أن “لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها وضمان أمنها على الحدود الشمالية، وإن الولايات المتحدة ملتزمة بمساعدة إسرائيل في الدفاع عن نفسها، وإن الولايات المتحدة تدعم حق إسرائيل في اتخاذ إجراءات ضد أي تهديدات مباشرة لها في لبنان”.
وأشارت “يديعوت أحرونوت” إلى أن التوصل إلى وقف لإطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله سيعني في الواقع فصلاً بين ساحتي الحرب في لبنان وغزة، ويعني كذلك تخلي حزب الله عن مطلبه الأساسي لوقف إطلاق النار وهو وقف الحرب في غزة.
وتريد إسرائيل الاستفادة من وقف إطلاق النار في لبنان لإرسال رسالة إلى حماس، مفادها أن الوقت قد حان لصفقة لتبادل الأسرى في غزة.
تعديلات ومطالب لبنان
في المقابل، ذكرت تقارير إعلامية لبنانية أن قائمة المطالب والتعديلات التي طلبها لبنان وحزب الله على مسودة الاتفاق المطروح مع إسرائيل، تشمل المطالبة بامتثال إسرائيل للقرار 1701ووقف الغارات الإسرائيلية على لبنان.
ويطالب لبنان بالتزام دولي، خاصة من جانب الولايات المتحدة من قبل إدارة بايدن المنتهية ولايتها وإدارة ترمب المقبلة، بأن تحترم إسرائيل الاتفاق، وذلك خوفاً من تفاهم مستقبلي بين إسرائيل والولايات المتحدة بأن توافق واشنطن على أن يواصل الجيش الإسرائيلي العمل في المجال الجوي اللبناني.
وتؤكد إحدى فقرات المسودة اللبنانية على أن كلا الطرفين لهما الحق في الدفاع عن النفس فقط في حالة التهديد. ويطالب لبنان بإضافة هذا الشرط لمنع إسرائيل من اختلاق ذرائع لتنفيذ هجمات في لبنان.
ويطالب لبنان كذلك بأن تكون لجنة المراقبة مسؤولة عن التعامل مع أي نزاع، بالتنسيق مع الطرفين.
وتتضمن المطالب اللبنانية كذلك عدم توسيع اللجنة المسؤولة عن مراقبة وتنفيذ تنفيذ القرار 1701، لتشمل فقط الولايات المتحدة وفرنسا ولبنان وإسرائيل والأمم المتحدة، دون إضافة بريطانيا أو فرنسا أو أي دولة أخرى.
وكان رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري أعرب في حديث مع “الشرق الأوسط” عن اندهاشه من “كل ما أشيع عن إلغائها وتسبب في تبديد التفاؤل الذي ساد الأجواء الإيجابية التي يبنى عليها لتقديم الحل السياسي على الخيار العسكري”.