عقد فريقان من الولايات المتحدة وروسيا، الخميس، محادثات استمرت لست ساعات في تركيا، وذلك في محاولة لاستعادة العمل الطبيعي بسفارتيْ البلدين، وذلك بعد اتفاق وزيريْ خارجية البلدين على بدء محادثات حول القضايا التي تؤثر على عمليات البعثات الدبلوماسية بين البلدين.
وقالت الخارجية الأميركية في بيان، إنه “بعد الاتفاق بين وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو ونظيره الروسي سيرجي لافروف على بدء محادثات حول القضايا التي تؤثر على عمليات البعثات الدبلوماسية لكلا البلدين، التقى وفدان من الولايات المتحدة وروسيا في 27 فبراير في إسطنبول”.
ولفت البيان إلى أن الوفد الأميركي ترأسته سوناتا كولتر، نائبة مساعد وزير الخارجية لشؤون روسيا وأوروبا الوسطى، بينما ترأس الوفد الروسي ألكسندر دارشييف، مدير إدارة شمال الأطلسي بوزارة الخارجية الروسية.
وأضاف: “أثارت واشنطن مخاوف بشأن الوصول إلى الخدمات المصرفية والخدمات المتعاقد عليها، بالإضافة إلى الحاجة إلى ضمان مستويات توظيف مستقرة ومستدامة في السفارة الأميركية في موسكو، ومن خلال مناقشات بناءة، حدد الجانبان خطوات أولية ملموسة لتحقيق الاستقرار في عمليات البعثات الثنائية في هذه المجالات”.
وأشارت الخارجية الأميركية في بيانها، إلى أن المحادثات تناولت أموراً عدة مثل أعداد الموظفين في السفارتين والتأشيرات والخدمات المصرفية للدبلوماسيين، لافتة إلى اجتماع آخر قريب لمتابعة تنفيذ ما تم الاتفاق عليه”.
أوكرانيا خارج الاجتماع
بدوره، قال متحدث باسم الخارجية الأميركية، عشية الاجتماع: “لنكون واضحين، لا قضايا سياسية أو أمنية على جدول الأعمال. أوكرانيا ليست على جدول الأعمال”، مضيفاً: “سيتضح بسرعة كبيرة إلى أي مدى هذه المحادثات بناءة، إما أن تحل القضايا أو لا. وسنعرف قريباً ما إذا كانت روسيا مستعدة حقاً للمشاركة بحسن نية”.
بدوره، قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، إن نتيجة الاجتماع “ستظهر مدى السرعة والفعالية التي يمكن أن نتحرك بها”، فيما أقر لافروف بأن موسكو “خلقت ظروفاً غير مريحة للدبلوماسيين الأميركيين في موسكو”، فيما قال إنه “رد على معاملة الولايات المتحدة للدبلوماسيين الروس”.
بدورها، أكدت وكالة أنباء “تاس” الروسية، أن المحادثات التي عقدت الخميس في مقر إقامة القنصل العام الأميركي في إسطنبول، اختتمت بعد نحو 6 ساعات دون الإدلاء بأي تصريحات للصحافة.
وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، إن موسكو تتوقع أن تكون محادثات الخميس بين الدبلوماسيين الروس والأميركيين في إسطنبول “الأولى في سلسلة اجتماعات ستقرب البلدين من حل المشكلات المتعلقة بالعلاقات الثنائية”.
وعلى الرغم من نطاق تركيزها الضيق، فربما تؤدي المحادثات في نهاية المطاف إلى إحراز تقدم في العلاقات الروسية-الأميركية برمتها في مجالات مثل نزع السلاح النووي والتعاون الاقتصادي.
وفي مثال على التعاون، قال مكتب المدعي العام الروسي إن ديميتري كوشيليف، المطلوب من موسكو للاشتباه في سرقته 1.5 مليون دولار تحت تهديد السلاح في عام 2014، سيجري ترحيله من الولايات المتحدة، الخميس.
وتأتي المحادثات في إسطنبول، بعد مكالمة هاتفية جرت بين الرئيسيْن دونالد ترمب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 12 فبراير الجاري، وعقب اجتماع لمسؤولين كبار من البلدين في السعودية بعد ذلك بستة أيام.
ووفرت المحادثات، اختباراً مبكراً لقدرة البلدين على إعادة ضبط العلاقات الأوسع في غمرة جهود التواصل التي تبذلها إدارة الرئيس دونالد ترمب والتي تثير قلق حلفاء واشنطن الأوروبيين وأوكرانيا.
وتشعر أوكرانيا وحلفاؤها الأوروبيون بالقلق من احتمال أن يؤدي التقارب السريع بين الولايات المتحدة وروسيا إلى اتفاق لإنهاء الحرب يهمشهم ويقوض أمنهم.
وعبر بوتين هذا الأسبوع عن توقعه التوصل إلى اتفاق سريع، وشدد على أهمية إعادة بناء الثقة بين روسيا والولايات المتحدة قبل إنجاز أي شيء، لكنه قال لأعضاء جهاز الأمن الاتحادي الروسي في تصريحات أذاعها التلفزيون: “لاحظت أن الاتصالات الأولى مع الإدارة الأميركية الجديدة تثير آمالاً معينة”.
وأضاف: “هناك ميل متبادل للعمل على استعادة العلاقات بين الحكومات وحل العدد الهائل من المشكلات المنهجية والاستراتيجية التي تراكمت تدريجياً في بنية الأمن العالمي”.
علاقات متوترة
ووصف الكرملين العام الماضي العلاقات بين البلدين بأنها “تحت الصفر” في ظل إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن، الذي مد كييف بالمساعدات والسلاح وفرض مجموعة عقوبات على روسيا لغزوها أوكرانيا.
لكن ترمب غير هذه السياسة تماماً، وتحرك بسرعة منذ توليه المنصب الشهر الماضي، لبدء محادثات مع روسيا، وتعهد بالوفاء بوعده إنهاء الحرب سريعاً.
وانخفض مستوى العلاقات بين البلدين، بعد أن تبادلت روسيا والولايات المتحدة طرد الدبلوماسيين وقيدتا تعيين موظفين جدد في بعثتي كل منهما في إجراءات متبادلة على مدى العقد الماضي، ما أدى إلى انخفاض عدد الموظفين في سفارتيهما.
ويرى الجانبان احتمالات لإقامة مشروعات تجارية مربحة، إذ قال بوتين هذا الأسبوع إن موسكو مستعدة لدعوة الولايات المتحدة للدخول في مشروعات مشتركة، لاستخراج مخزونات المعادن النادرة في روسيا وفي الأجزاء التي تدعي السيادة عليها في أوكرانيا.
في حين، قال الناطق باسم الكرملين، ديميتري بيسكوف، إنه من الممكن أن يكون هناك تنمية مشتركة للموارد الطبيعية في القطب الشمالي، رغم عدم وجود محادثات جوهرية حول هذا الأمر حتى الآن.