حثت إسبانيا الاتحاد الأوروبي، الاثنين، على كسر “أحد أكبر المحرمات” وإجبار الحكومات على تحمل مسؤولية ديون بعضها البعض، لمضاعفة القوة الشرائية للكتلة، مشيرة إلى أن السياق الجيوسياسي العالمي المعقد الذي أعقب عودة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى السلطة، يتطلب “ميزانية أوروبية أكثر طموحاً وجرأة”.
وطالبت حكومة بيدرو سانشيز، ضمن وثيقة موجّهة إلى الكتلة، وحصلت عليها “بوليتيكو” الاتحاد الأوروبي على مضاعفة الميزانية، على الأقل مرتين لمواجهة “الحرب التجارية” لترمب وتحدياته الدفاعية، من بين أمور أخرى.
ويريد سانشيز من الاتحاد الأوروبي زيادة إنفاقه “على الأقل إلى مبلغ سنوي قدره 2% من الناتج المحلي الإجمالي”، وهو ضعف الميزانية العادية للاتحاد، وفقاً لصحيفة “El País”.
ويبلغ إجمالي ميزانية الاتحاد الأوروبي حالياً 1.2 تريليون يورو، وهو ما يقل عن 1% من إجمالي الناتج الاقتصادي على أساس سنوي.
وذكرت “بوليتيكو” أن هدف مدريد هو تعزيز المرونة الأوروبية في مواجهة التدابير القاسية التي أعلنها ترمب، والتي تشمل، من بين أمور أخرى، رسوماً جمركية بنسبة 25% على جميع واردات الصلب والألمنيوم، والتي تؤثر أيضاً على القطاع في الاتحاد الأوروبي.
وتسعى إسبانيا إلى زيادة القدرة التنافسية للاتحاد الأوروبي في مواجهة، من بين أمور أخرى، الصين والولايات المتحدة لمواجهة تحدي التحولات البيئية والرقمية بشكل أفضل.
وحذر تقرير سابق قدّمه رئيس البنك المركزي الأوروبي السابق ماريو دراجي في سبتمبر الماضي، من أن الاتحاد الأوروبي سيحتاج إلى زيادة كبيرة في الاستثمار لرقمنة الاقتصاد وإزالة الكربون وزيادة قدرته الدفاعية إلى 800 مليار يورو سنوياً إذا كان له أن يظل قادراً على المنافسة مع واشنطن وبكين.
من ناحية أخرى، تشير مدريد إلى أن قطاعاً استراتيجياً آخر، وهو الدفاع، يحتاج أيضاً إلى المزيد من الإنفاق، وليس فقط فيما يتعلق بالتهديدات العسكرية المباشرة، بما في ذلك الحرب في أوكرانيا، ولكن أيضاً فيما يتعلق بالتحديات الجديدة للأمن الأوروبي.
وتشير حكومة سانشيز إلى أن “الأمن الأوروبي لا يتعلق بالتهديدات العسكرية فحسب. بل يتعلق أيضاً بالهجمات الإلكترونية وتغير المناخ والإرهاب ومكافحة المافيا والاتجار بالمخدرات. تتطلب هذه الجوانب أنواعاً أخرى من التدخلات والموارد غير العسكرية”.
وتنفق إسبانيا حالياً 1.8% من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع، وتعهدت بالوصول إلى 2% بحلول عام 2029. ومع ذلك، لا يزال هذا بعيداً عن نسبة 5% التي يطالب بها ترمب من حلفاء الناتو.
تأجيل سداد الديون
كما تدعو مدريد إلى تأجيل موعد سداد ديون الاتحاد الأوروبي البالغة 300 مليار يورو لمحاولة تحسين التدفق النقدي. وتهدف هذه الخطوة إلى خلق مساحة أكبر للمفوضية لتمويل الأولويات المشتركة بما في ذلك الانتقال “نحو اقتصاد أخضر” والذي يستحق المزيد من المال وفقاً لإسبانيا.
وتقول الوثيقة: “إن الخطة من شأنها أن تخفف الضغوط المالية قصيرة الأجل، وتضمن السيولة في سوق سندات الاتحاد الأوروبي، وتسمح بالاستثمارات المستمرة للنموذج الاقتصادي الأوروبي المستقبلي”.
ورفض مفوض الميزانية في الاتحاد الأوروبي هذا الخيار خلال جلسة الاستماع مع المشرعين في الاتحاد الأوروبي في نوفمبر.
وبدلاً من ذلك، اقترح فرض ضرائب على مستوى الاتحاد الأوروبي لسداد ديون الكتلة بعد فيروس كورونا.
وفي عام 2021، اقترحت المفوضية فرض رسوم جديدة على الانبعاثات الكربونية المحلية والأجنبية، وعلى أرباح الشركات المتعددة الجنسيات؛ ومن المتوقع أن تولد هذه التدابير مجتمعة 36 مليار يورو سنوياً اعتباراً من عام 2028.
وتدعم إسبانيا فرض ضرائب جديدة على مستوى الاتحاد الأوروبي “لا تنتقص من الإيرادات الحالية للدول الأعضاء” بل تزيد من حجم ميزانية الاتحاد الأوروبي.
للسماح بمزيد من الإنفاق، اقترحت مدريد استخدام جزء من 422 مليار يورو التي تحتفظ بها آلية الاستقرار الأوروبية، صندوق إنقاذ منطقة اليورو، لمعالجة التداعيات الاقتصادية الناجمة عن الغزو الروسي لأوكرانيا.
كتبت الحكومة الإسبانية: “كما أظهرت الجائحة وحرب روسيا العدوانية ضد أوكرانيا، فإن ما يشكل تهديدًا للاستقرار لا يقتصر على المجال المالي، بل موجود أيضاً في الاقتصاد الحقيقي”.