في الأتيلييه الخاص به في قلب القاهرة، يقضي الفنان جلال جمعة وقته في إبداع منحوتات فنية، بواسطة الأسلاك المعدنية، وينقل لنا مشاهد وبورتريهات لشخصيات مهمة، ومنحوتات للطيور والحيوانات.
بدأت موهبته في ثمانينات القرن الماضي، خلال عمله كمهندس ديكور، حين عثر على مجموعة من الأسلاك المتشابكة في المخلّفات، وقام بإعادة تشكيلها، صانعاً منها غزالة، تلك البداية كانت حافزاً له على تطوير موهبته، وبمرور السنوات انتشر فنه في دول عدّة .
استضاف جاليري “passion” في منطقة الزمالك، أحدث معارض الفنان في يناير، بعنوان “ديك الصباح”، قدّم فيه 27 منحوتة تجسّد “الديكة”، فضلاً عن عرض مجموعة من الاسكتشات المرسومة بألوان المياه.
نحت الكائنات
اختار جمعة الديك ليكون موضوع معرضه الأخير، إذ تنوّعت المشاهد التي تنقل حركة ذلك الطير بطريقة ثلاثية الأبعاد، كما تنوّعت أشكال الأسلاك التي استخدمها في منحوتاته، وجسّدت بدورها عالم “الديكة” وأشكالها.
أتقن الفنان على مدار تلك العقود نحت الحيوانات بمختلف أشكالها، ويقول في هذا الصدد: “عشقت نحت هذه الكائنات بالأسلاك، وحرصاً مني على تطوير مهاراتي، ذهبت إلى كلية الطب البيطري وحضرت محاضرات عن تشريح الحيوانات، ثم بدأت بدراسة الحصان ومعرفة كل شيء عنه وعن طباعه ونسبه التشريحية، وعن هيكله العظمي أيضاً”.
بجوار تلك المنحوتات، يعرض جمعة مجموعة من الاسكتشات المرسومة بألوان المياه، لمشاهد هندسية وبورتريهات ومناظر طبيعية، وأوضح أنجزها رسمها خلال فترة ابتعاده عن النحت بالسلك .
تخلى عن الهندسة
يستخدم الفنان أدوات بسيطة في تشكيل السلك المعدني، كالزرديات والأدوات المخصّصة لتشكيل الأسلاك، ويعمل من دون استخدام أدوات التلحيم، كما تتميّز أعماله بالأسلوب التجريدي في النحت، وتنتمي إلى مدرسة الخط الواحد، الذي يعطي تجسيم وشكل ثلاثي الأبعاد. عام 2010، ترك جمعة عمله كمهندس ديكور وتفرّغ لموهبته، حيث يقضي وقتاً طويلاً في الأتيلييه الخاص به، ويعرض فيه أعماله الفنية التي أبدعها على مدار تلك العقود.
يستخدم جمعة أشكال مختلفة للأسلاك المعدنية في النحت، بداية بالسلك الرابط الذي يُستخدم في الخرسانة، وصولاً إلى السلك الـ 10 ملم.
وحول القواعد والنسب في النحت، يرى جمعة أنه “من الضروري دراسة القواعد في البداية، فضلاً عن إتقان التشريح، وبعد ذلك يترك للفنان مطلق الحرية في كسر القاعدة”.
لم يقف إبداع جمعة عند حدود النحت بالسلك، بل قام بتشكيل منحوتات عبر استخدام الزلط، حيث أبدع في تشكيل بورتريهات لشخصيات مؤثّرة أبرزها بورتريه للأديب الكبير نجيب محفوظ، وعميد الأدب العربي طه حسين.
وبحكم عمله في مجال الديكور، تعامل جمعة مع جميع الخامات المتاحة في البيئة، وقام بدراستها للاستفادة منها في التصميمات الهندسية.
تخرّج جمعة من كلية الفنون التطبيقية في جامعة حلوان عام 1974، ونظّم معارض في مصر وروما وتايوان والكويت والسودان، وقام بجولات فنية في دول عدّة.