واجهت بام بوندي، مرشحة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لمنصب وزيرة العدل (المدعي العام)، مخاوف أعضاء مجلس الشيوخ بشأن تهديدات ترمب بملاحقة خصومه السياسيين، وذلك خلال جلسة استماع في الكونجرس قبل المصادقة على تعيينها.
وانصبت أسئلة أعضاء المجلس على مدى استقلالية بوندي كمسؤولة محتملة عن وزارة العدل، وإذا ما كانت ستقف في وجه الرئيس ترمب الذي سبق وأقال وزيري عدل عينهم بنفسه خلال ولايته الأولى.
ورفضت بوندي، التي شاركت في الجهود القانونية لإلغاء خسارة ترمب في انتخابات 2020، الإفصاح عما إذا كانت تعتقد أن انتخابات 2020 سُرقت، واكتفت بالرد بجواب شائع لدى الجمهوريين، قائلة ببساطة إن “جو بايدن هو رئيس الولايات المتحدة”.
وتابعت: “أقبل بالطبع أن بايدن هو الرئيس عبر انتخابات 2020. لكن ما رأيته بنفسي عندما ذهبت إلى بنسلفانيا كمدافعة عن حملة الرئيس ترمب كان سيئاً”.
ولم تقدم بوندي إجابة واضحة عندما سُئلت بشكل مباشر عما إذا كان بايدن قد فاز بولاية بنسلفانيا، علماً أنها سبق وزعمت فوز ترمب بها، بحسب شبكة NBC نيوز الأميركية.
وقالت المرشحة لمنصب وزيرة العدل إنها لم تستمع للتسجيل الخاص بحديث ترمب مع مسؤول الانتخابات بولاية جورجيا حول ضرورة العثور على أصوات لصالحه بالانتخابات الرئاسية عام 2020، مضيفة: “ما فهمته من الرئيس أن هذا لم يكن هو طلبه”.
وفي إجابتها بشأن نية ترمب العفو عمن اقتحموا الكونجرس عام 2021، قالت: “سأقدم النصيحة للرئيس حول قضاياهم، لكن سلطة العفو في النهاية من سلطة الرئيس”.
“تسييس” وزارة العدل
وأكدت بوندي أنها ستكافح استخدام وزارة العدل كـ”سلاح”، مستخدمة لغة خطاب حملة ترمب، وأوضحت أنها لن “تسيس” منصب وزير العدل، أو “تستهدف أشخاصاً فقط بسبب انتمائهم السياسي”.
وذكرت بوندي: “رأينا في السنوات الأربع الماضية استخداماً لوزارة العدل كسلاح ضد دونالد ترمب. لقد استهدفوه. لقد طاردوه في الواقع، بداية من عام 2016 استهدفوا حملته. لقد أطلقوا عدداً لا يحصى من التحقيقات ضده. ولن يكون هذا هو الحال إذا أصبحت وزيرة العدل”.
وقالت بوندي إنها لن تفعل أي شيء غير لائق إذا طُلب منها ذلك، وأكدت أن الشعب الأميركي، وليس ترمب، سيكون موكلها إذا تمت المصادقة على تعيينها.
وعبّر السيناتور الديمقراطي ريتشارد بلومنثال عن انزعاجه الشديد من إجابات بوندي، وتجنبها الرد على ما ما إذا كانت تستطيع قول “لا” للرئيس، وهو ما ردت عليه بقولها: “أنا أجلس هنا وأقول الحقيقة. لن أقول أي شيء فقط لأحصل على موافقة هذا المجلس. لا أحتاج إلى ذلك”.
مخاوف من ميل ترمب لـ”الانتقام”
واستغل الديمقراطيون التصريحات “التحريضية” التي أدلى بها ترمب بشأن خصومه السياسيين، في التحذير من أنه سيتولى منصبه وفي يده “قائمة أعداء” لتنفيذ “حملة انتقامية غير مسبوقة” في تاريخ السياسة الحديثة.
لكن الناخبين تجاهلوا هذه التحذيرات وانتخبوا ترمب، فيما يرى حلفاؤه أن المخاوف بشأن الانتقام كان “مبالغاً فيها”، حسبما ذكرت صحيفة USA Today.
ويقول حلفاء ترمب إنه يحب “التحدث بحزم”، لكن هذا الحديث لا تتبعه أفعال حقيقية في كثير من الأحيان، وأن الأمر أشبه بـ”التمثيل”. وأشاروا إلى هتافه ضد منافسته في انتخابات 2016، هيلاري كلينتون، “احبسوها”، وعدم اتخاذه أي إجراءات قضائية ضدها لاحقاً، بعد توليه السلطة.
ورغم ذلك، يشتهر ترمب بـ”ميوله الانتقامية”، إذ أشارت الصحيفة إلى سعيه لإخراج خصومه السياسيين من المناصب، وشن حملات شرسة ضد الجمهوريين الذين صوتوا لصالح التحقيق معه بهدف العزل مرتين.
كما تدخل ترمب في النظام القضائي سابقاً، إذ أقال مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI)، جيمس كومي، بسبب طريقة تعامل الوكالة مع التحقيق في مزاعم التواطؤ بين حملته الانتخابية لعام 2016 وروسيا، كما أقال ترمب وزير العدل جيف سيشينز، الذي أثار غضبه بعد أن تنحى عن الإشراف على التحقيق في قضية تحالفه المزعوم مع روسيا.
وتحدث ترمب خلال حملته الانتخابية عن اتخاذ إجراءات قانونية ضد الجميع، من الرئيس جو بايدن ومنافسته الديمقراطية في الانتخابات كامالا هاريس، إلى النائبة السابقة عن الحزب الجمهوري ليز تشيني والرئيسة السابقة لمجلس النواب نانسي بيلوسي.
وحتى أولئك الذين لا يعتقدون أن ترمب سيسعى إلى توجيه اتهامات ضد خصومه يتوقعون حدوث عملية “تطهير” في وزارة العدل، التي وجهت اتهامات جنائية ضد الرئيس المٌنتخب حالياً بسبب محاولاته لقلب نتائج انتخابات 2020، وسوء التعامل المزعوم مع وثائق سرية.
وتعهد ترمب بإقالة المستشار الخاص جاك سميث، الذي كان يتولى التحقيق في كلا القضيتين، قبل استقالته الأسبوع الماضي.
وكثيراً ما يزعم ترمب أن وزارة العدل كانت مُسيسة وشاركت في “حرب قانونية” ضده، على الرغم من عدم وجود أي دليل على تدخل بايدن في أي من قضاياه، وإصرار وزير العدل ميريك جارلاند على أن الوزارة تصرفت بشكل مستقل، وفق الصحيفة.
كما شن هجوماً حاداً ضد من وصفهم بـ”العدو في الداخل”. وهدد معارضيه بالملاحقات القضائية، ما أثار مقارنات مع أنظمة استبدادية وأدى إلى قلق عميق بشأن أسس الديمقراطية في البلاد.
ونشر ترمب رسالة عبر وسائل التواصل الاجتماعي اتهم فيها تشيني بـ”الخيانة”، وهي التهمة نفسها التي وجهها إلى رئيس هيئة الأركان المشتركة السابق مارك ميلي.