تعد حركة “حماس” للعودة إلى إدارة غزة في اليوم التالي لوقف الحرب الإسرائيلية، في ظل عدم توافق الفلسطينيين على بديل يملأ الفراغ الحكومي الناجم في القطاع عن الحرب، بحسب مسؤولين لـ”الشرق”.
وقال مسؤولون في “حماس”، لـ”الشرق”، إن “الحركة لن تترك أيّ فراغ إداري في غزة، وستعمل من اليوم الأول لوقف إطلاق النار على ضبط الأمن العام، ومنع التعديات على المساعدات الإنسانية ومنع الاخلال بالنظام”.
وأضاف أحد المسؤولين: “نحن منفتحون على التعاون مع مختلف الأطراف من أجل إدارة قطاع غزة، وتوفير الأمن الداخلي، ومختلف أشكال الإغاثة والإيواء، وقد وافقنا على اقتراح مصري بتشكيل لجنة محلية من الشخصيات المهنية المستقلة، لكن السلطة الفلسطينية لن توافق، وعليه نجري اتصالات مع الإخوة المصريين لإنشاء هذه اللجنة بأسرع وقت، وفي حال تجنبت مصر ذلك بسبب امتناع السلطة الفلسطينية عن المشاركة، سنتولى أمر إدارة غزة بدون تردد، بالتعاون مع القوى والجهات المحلية الفاعلة في القطاع، ولن نترك فراغاً تملأه الفوضى والعصابات”.
وتُصرّ الحكومة الإسرائيلية على أن أحد أهم أهداف الحرب هو إبعاد حركة “حماس” عن حكم قطاع غزة، وتجريد القطاع من السلاح، لكن الكثير من السياسيين في إسرائيل يُقرّون اليوم بأن هذا الهدف لم يتحقّق، وأن من الصعب تحقيقه دون خلق بديل للحركة.
وتُعارض إسرائيل بشدّة عودة السلطة الفلسطينية إلى إدارة قطاع غزة، معتبرة أنها لا تقل خطورة عن حركة “حماس” بسبب تطلعاتها السياسية الرامية إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة.
الموقف الأميركي
وأعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن عن خطة لإدارة قطاع غزة بعد الحرب، مشيراً إلى أنها تتضمن وجود مهمة أمنية مؤقتة تضم قوات دولية وفلسطينيين.
وأضاف بلينكن، في خطاب ألقاه بالمجلس الأطلسي بواشنطن، الثلاثاء، أن “السلطة الفلسطينية، التي سيتم إصلاحها، ستقود غزة بموجب الخطة، وستدعو الشركاء الدوليين للمساعدة في إنشاء وإدارة مؤقتة للقطاع”.
وقال إنه “يتعين على إسرائيل القبول بوجود غزة والضفة الغربية موحدتين تحت قيادة السلطة الفلسطينية بعد إصلاحها”، مشدداً على حق الفلسطينيين في وجود أفق سياسي واضح وقريب لتقريب المصير.
وأضاف أنه سيسلم خطة “ما بعد الحرب في غزة” إلى إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.
السلطة في حال انتظار
ويقول مسؤولون في السلطة الفلسطينية إنهم يميلون إلى انتظار تسلم الإدارة الأميركية الجديدة مهامها في 20 يناير، قبل التحرك لبحث ملف إدارة قطاع غزة.
وعن الاقتراح المصري بتشكيل لجنة إدارة محلية للقطاع، قال مسؤول فضل عدم ذكر اسمه، إن “الخيار الأمثل الذي يمكن أن يحظى بدعم دولي هو تولي الحكومة الفلسطينية إدارة قطاع غزة، وليس لجنة محلية”.
وأضاف: “مسألة إدارة غزة تتطلب تدخلاً دولياً، أولاً، من أجل الضغط على إسرائيل للتوقف عن معارضة دخول السلطة الفلسطينية إلى غزة، وثانياً من أجل تمويل إعادة إعمار قطاع غزة، والتي تتطلب عشرات مليارات الدولارات، ولا قبل لدولة بعينها على التكفل بها بمفردها”.
الحل السياسي
وترى الكثير من الدول والأطراف في الحل السياسي مساراً إلزامياً لإعادة إعمار قطاع غزة، وذلك لتوفير ضمانات بعدم العودة إلى الحرب مرة أخرى.
وقال المسؤول الفلسطيني إن السلطة الفلسطينية تنتظر من الإدارة الأميركية الجديدة خطة سياسية تقوم على حل سياسي يضمن وحدة الأراضي الفلسطينية ووحدة النظام السياسي الفلسطيني.
“حماس” أمام امتحان صعب
وتواجه حركة “حماس” بعد الحرب امتحاناً صعباً في مسألة إدارة قطاع غزة، وتوفير تمويل لإعادة الاعمار.
ويرجح الكثير من المراقبين أن تمتنع غالبية دول العالم عن تقديم تبرعات لإعادة الإعمار قبل حل مشكلة إدارة غزة، وتوفير الحد المطلوب من الاستقرار السياسي للقيام بذلك.
ويرى البعض أن إسرائيل قد تستغل بقاء “حماس” في إدارة غزة لوضع عقبات في طريق إعادة الإعمار منها مواصلة فرض حصار على القطاع لحين خروج الحركة من إدارته وتجريدها من السلاح وإبعاد من تبقى من المسؤولين عن هجوم السابع من أكتوبر خارج القطاع.
ويقول مسؤولون في الحركة إنهم يدركون الخطط والأهداف الإسرائيلية، ولهذا السبب هم منفتحون على أي اقتراح دولي او إقليمي أو فلسطيني لإدارة القطاع وإعادة إعماره، وإنهم مستعدون للتنحي جانباً فور توفر بديل فلسطيني أو أيّ شكل من أشكال التعاون الفلسطينية الإقليمية والدولية.