أعلن رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا بايرو، الثلاثاء، فتح الباب لإعادة التفاوض بشأن إصلاح نظام التقاعد، في محاولة لكسب المشرعين اليساريين الذين يحتاجهم لتمرير ميزانية 2025.
واعترف بايرو، خلال خطاب أمام الجمعية العامة، بحجم الاضطرابات السياسية في فرنسا، التي تهدد استمرار حكومته، وسط ضغوطات أقصى اليمين وأقصى اليسار حول مسألة التقاعد.
وأوضح بايرو عزمه إعادة النظر في إصلاح نظام التقاعد المثير للجدل، معلناً عن خطط لعقد مشاورات مع الشركاء الاجتماعيين، إلى جانب تكليف محكمة الحسابات بإعداد تقرير سريع لتقييم الوضع الحالي.
وقال بايرو إن “مسؤولية تدهور المالية العامة في فرنسا كانت مشتركة بين العديد من الحكومات السابقة”، لكنه حذر من أن “حجم الديون المتنامية في فرنسا يمثل تهديداً للأجيال القادمة”.
“حافة الهاوية”
واعتبر بايرو أن “كل من طالب بإنفاق إضافي شارك في هذا الوضع القاتل الذي أوصلنا إلى حافة الهاوية”، مشيراً إلى أن فرنسا، ثاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو، “تتعرض لضغوط من وكالات التصنيف والمستثمرين الماليين، الذين طالبوا بعلاوات أعلى للاحتفاظ بالديون الفرنسية”، منذ قرار ماكرون الدعوة إلى انتخابات مبكرة.
وكان رفع سن التقاعد، الذي اعتبره العديد من خبراء الاقتصاد خطوة أساسية لتكييف المالية العامة الفرنسية مع مجتمع يتقدم في السن بسرعة، الإصلاح الاقتصادي الأساسي في فترة ماكرون الثانية، وتم إقراره على الرغم من الاحتجاجات الكبرى في الشوارع.
واقترح بايرو تكليف النقابات العمالية ومجموعات أصحاب العمل بمهمة مدتها 3 أشهر لإيجاد صيغة جديدة بشأن إصلاح نظام التقاعد.
وقال إن الحد الأدنى لسن 64 عاماً للحصول على تقاعد كامل، وهو الجزء الأكثر إثارة للجدل، “لا ينبغي أن يكون من المحرمات”.
وتحاول حكومة الأقلية التي شكلها بايرو الشهر الماضي بعد انهيار إدارة سلفه، تأمين ضمانات من بعض أحزاب المعارضة، خصوصاً “الجبهة الشعبية الجديدة”، بأنهم لن يصوتوا ضد ميزانية 2025، أو يسعوا إلى إخراج إدارته الهشة عن مسارها.
وأدى تصويت “الجبهة الشعبية الجديدة” اليسارية ضد مقترحات الميزانية السابقة في ديسمبر بالاشتراك مع المشرعين اليمينيين المتطرفين، إلى سقوط حكومة ميشيل بارنييه، وأعلنوا أن التنازل عن إصلاح نظام التقاعد لعام 2023 شرط أساسي للحصول على الدعم.
ويرفع الإصلاح السن الأدنى للحصول على معاش تقاعدي كامل تدريجياً إلى 64 عاماً من 62 عاماً، من أجل توفير 17 مليار يورو (17.44 مليار دولار) سنوياً للخزانة، التي تعاني من نقص السيولة.
وعُيّن بايرو، الشهر الماضي، بعد الإطاحة بسلفه بارنييه، ويقود بايرو ائتلافاً هشاً من أعضاء البرلمان الوسطيين والمحافظين بدون أغلبية برلمانية.
وقال رئيس الحزب الاشتراكي أوليفييه فوري، الثلاثاء، إن حزبه ربما يقترب من التوصل إلى اتفاق مع بايرو، حيث سيدعم الحكومة في مقابل تعليق الإصلاح المثير للجدل لنظام التقاعد.
ومع ذلك، فإن احتمال إجراء تصويت آخر بحجب الثقة لا يزال يلوح في الأفق.
ويرفض حزب “فرنسا الأبية”، الحزب الرئيسي في “الجبهة الشعبية الجديدة”، الدخول في محادثات مع الحكومة، وأعلن بالفعل أنه سيقدم اقتراحاً بحجب الثقة، فيما لا يزال اليمين المتطرف متردداً بشأن دغم هذه الخطوة في الأمد القريب.
وفشلت حكومة بارنييه السابقة في اعتماد موازنة سنوية لعام 2025، عندما حاول دفع 60 مليار يورو (61.2 مليار دولار) في زيادات ضريبية وتخفيضات في الإنفاق عبر البرلمان لخفض العجز إلى 5% من الناتج الاقتصادي من حوالي 6.1% في عام 2024.
وسيقوم المستثمرون بتقييم خيارات بايرو عن كثب بعد أشهر من التخلص من الأصول الفرنسية بسبب المخاوف بشأن اتساع العجز وعدم الاستقرار السياسي.
ويستهدف وزير المالية الجديد إريك لومبارد، تعديلاً أصغر قليلاً يعتمد على 50 مليار يورو من المدخرات لخفض العجز إلى 5% من الناتج الاقتصادي.
لكن هامش المناورة محدود على عدة جبهات، إذ لا تستطيع الحكومة إجراء تغييرات شاملة، كما أنها تخطط لإعادة النظر في مشاريع القوانين المالية لحكومة بارنييه التي لا تزال في مجلس الشيوخ. وهناك أيضاً قيود دستورية على إنشاء قوانين ضريبية تنطبق بأثر رجعي، وفق “بلومبرغ”.