في ظل خطر الإغلاق الحكومي الوشيك في الولايات المتحدة، ورفض مشروع قانون التمويل الحكومي المؤقت، يكافح رئيس مجلس النواب مايك جونسون لتلبية مطالب الرئيس المنتخب دونالد ترمب المفاجئة، والاحتفاظ بمنصبه، إذ تنامى شعور متزايد بين المشرعين الجمهوريين ومساعديهم، بأن مصير مشروع القانون، ووظيفة جونسون باتا يعتمدان أكثر من أي وقت مضى على تأييد ترمب وحلفائه الرئيسيين.
ورفض مجلس النواب الأميركي، الخميس، مشروع قانون معدل دعمه ترمب لتجنب الإغلاق الحكومي، أعده زعماء الحزب الجمهوري على عجل بعد أن ألغى ترمب، والملياردير إيلون ماسك اتفاقاً سابقاً بين الحزبين. ورغم دعم ترمب لمشروع القانون، صوت 38 جمهورياً ضد الحزمة إلى جانب جميع الديمقراطيين باستثناء اثنين، في هزيمة مدوية لجونسون، ما طرح تساؤلات بشأن مستقبله على رأس المجلس.
وسيتعين على جونسون المحاولة مرة أخرى الجمعة، في حين يحاول أيضاً حشد التأييد قبل التصويت على منصب رئيس مجلس النواب في 3 يناير المقبل.
وأشارت مصادر لـ”بوليتيكو”، إلى أن على جونسون ألا يعتمد على تصريحات ترمب اللطيفة تجاهه علناً، إذ أن ترمب لم يكن “يحميه”، كما أنه لن يسارع لنجدته، إذا ما تحداه شخص آخر من بين الجمهوريين على رئاسة المجلس.
وكان ترمب قال قبل جلسة التصويت، إن جونسون “سيظل رئيساً” للكونجرس القادم إذا “تصرف بحزم وقوة”، وأزال “كل الفخاخ التي نصبها الديمقراطيون” في حزمة الإنفاق، وهو ما وضع رئيس مجلس النواب “المحاصر” في مأزق.
وبعد ساعات، أخبر ترمب قناة ABC NEWS أنه “سعيد للغاية بمايك”، وعاد إلى نبرته المجاملة المعتادة. وقال: “أعتقد أن مايك يقوم بعمل جيد. وسيبلي بلاءً حسناً. آمل ذلك”.
كما حذر الرئيس المنتخب من المتاعب التي تنتظر جونسون والجمهوريين في الكونجرس حال عدم التوصل إلى اتفاق بشأن القانون.
وقال ترمب إن أي شخص يدعم مشروع قانون لا يعالج “المستنقع الديمقراطي” المتمثل في سقف الديون، لن يحصل على دعمه في الانتخابات التمهيدية لعام 2026.
وبالنسبة لجونسون، الذي يواجه مشاكله الخاصة قبل تصويت مجلس النواب في 3 يناير للاحتفاظ بمنصبه، فإن مطالب ترمب جعلته يعمل حتى وقت متأخر من الليل للتوصل إلى صفقة جديدة.
وقال جونسون للصحافيين: “آمل أن يمر هذا التصويت الليلة؛ سنرسله إلى مجلس الشيوخ، وسنمدد [التمويل الحكومي]، وسنعود وسنجعل أجندة “أمريكا أولاً” تنطلق بقوة في يناير”.
سرعة تغير ولاءات ترمب
وعارض 38 جمهورياً في مجلس النواب خطة ترمب وجونسون للحفاظ على تمويل الوكالات الحكومية، وهي هزيمة مدوية لم تترك أي مسار واضح للمضي قدماً. وكان لدى جونسون مسار سهل للبقاء في منصب رئيس مجلس النواب. ولكن بعد ذلك خالف وعده، مما أثار غضباً كبيراً من زملائه الجمهوريين، وفق “واشنطن بوست”.
وقالت النائبة كات كاماك (جمهورية من فلوريدا): “أغلبية الأعضاء غير سعداء. لم يكن لزاماً أن يكون الأمر على هذا النحو”.
وعلى مدار 14 شهراً من توليه منصب رئيس مجلس النواب، حاول جونسون الوفاء بتعهده في اليوم الأول بالقيادة بشفافية لتجنب فخ المبالغة في الوعود، وهو درس تعلمه بعد طرد سلفه، عضو الكونجرس السابق كيفين مكارثي (جمهوري من كاليفورنيا)، من منصب رئيس مجلس النواب بعد سلسلة من الوعود التي لم يتمكن من الوفاء بها.
وتشير العديد من الأصوات المحافظة في مجلس النواب، فضلاً عن مستشاري ترمب وغيرهم من الأشخاص المقربين من الرئيس القادم، إلى أن طموح جونسون في الاحتفاظ بمنصبه بعيد كل البعد عن الواقع، في الوقت الذي يوشك فيه الجمهوريون على السيطرة على مجلس النواب ومجلس الشيوخ والبيت الأبيض، بحسب “بوليتيكو”.
وقال أحد مستشاري ترمب، إن جونسون يمكنه إنقاذ منصبه من خلال “فعل ما يريده ترمب”. لكن آخر قال إن ترمب لم يكن “يحميه” ولا ينبغي أن ينخدع بتصريحات الرئيس المنتخب “اللطيفة علناً”.
واعتبرت “بوليتيكو” أن هذا الانقلاب يمثل تذكيراً قاسياً بمدى سرعة تغير ولاءات ترمب واستعداده للانقلاب على الحلفاء الذين عملوا لفترة طويلة على تعزيز تأييده.
ويعلم جونسون أن إبقاء ترمب إلى جانبه أمر بالغ الأهمية لبقائه السياسي كرئيس لمجلس النواب، وهذا من شأنه أن يؤثر بشكل متكرر على كيفية عمل جونسون ليس فقط في الأسبوعين المقبلين، بل وأيضاً في العام المقبل، إذا كان قادراً على التمسك بالسلطة.
معركة الاحتفاظ بدعم ترمب
ولطالما دعم ترمب جونسون، إذ استضافه ليلة الانتخابات، وأحضره إلى مباراة كرة قدم نهاية الأسبوع الماضي، ودعمه بشكل خاص على الرغم من الشكاوى المحافظة بشأن تصرفات مجلس النواب.
لكن ترمب تراجع الآن عن الدفاع صراحة عن جونسون لمنصب رئيس مجلس النواب. حتى هذا الشهر، كان ترمب يحث أعضاء الحزب الجمهوري بشكل خاص، وفقاً لأحد الجمهوريين في مجلس النواب الذي تحدث معه، على عدم القيام بأي شيء يصرف الانتباه عن انطلاق ولايته.
واعتبر هذا الجمهوري أن هذا يعني أنه لا يريد معركة طويلة الأمد على منصب رئيس مجلس النواب. ولكن بعد فضيحة الإنفاق، يتساءل بعض الأعضاء عما إذا كان جونسون لا يزال قادراً على كسب الأصوات.
وقال النائب دان موزر (جمهوري من ولاية بنسلفانيا): “مايك صديقي. كنا أصدقاء لمدة ست سنوات، منذ اليوم الذي وصلت فيه إلى هنا. أعتقد أن الأخطاء قد ارتُكبت. لم يكن هناك تواصل كافٍ. ما حدث بالأمس كان لا ينبغي أن يحدث”.
وسيتعين على جونسون العمل لاستعادة أصوات الجمهوريين لانتخابه لمنصب رئيس مجلس النواب نظراً لأن الأغلبية الضئيلة.
وإذا صوت جميع المشرعين في مجلس النواب وحضروا في 3 يناير، فليس بوسع جونسون خسارة أكثر من صوت جمهوري واحد ليصبح رئيساً نظراً لأن من المتوقع أن يدعم جميع الديمقراطيين زعيم الأقلية حكيم جيفريز (ديمقراطي من نيويورك).
وحتى الآن، قال النائب توماس ماسي (جمهوري من كنتاكي) علناً إنه لن يصوت لصالح جونسون العام المقبل.
وحتى المشرعين المحافظين المتشددين الذين غضبوا من خطة جونسون قبل أن يتدخل ترمب وماسك بدوا محبطين عندما اعترفوا بأنهم لا يستطيعون إضعاف فرص جونسون في رئاسة مجلس النواب طالما وقف ترمب خلفه.
قال النائب تيم بورشيت (جمهوري من تينيسي) الثلاثاء: “الأمر يتعلق فقط بما يقوله ترمب. أعتقد أن ترمب سيقرر ذلك. أعتقد أنه سيتخذ قرارات بطريقة أو بأخرى”.