يتوجه وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الخميس، إلى نيويورك لحضور آخر جلسة له في مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، متوجاً بذلك ارتباطاته بالهيئة العالمية بعد 4 سنوات مضطربة، شهدت عودة الحرب إلى أوروبا وأزمات متعددة في الشرق الأوسط، وفق ما أوردته “أسوشيتد برس”.
وفي ظل انقسام مجلس الأمن أكثر من أي وقت مضى، سيرأس بلينكن اجتماعين لأقوى هيئة، لكن لن يركز في أي منهما على الغزو الروسي لأوكرانيا أو أزمات الشرق الأوسط، حيث كانت الولايات المتحدة على خلاف متكرر مع الأعضاء الدائمين الصين وروسيا، وكانت من ضمن الدول القليلة التي انتقدت الحرب الإسرائيلية على غزة.
وبدلاً من ذلك، وفي محاولة واضحة لإنتاج قدر ضئيل من الإجماع، سيقود بلينكن جلسات مجلس الأمن في قضايا الذكاء الاصطناعي والصراع الذي يشهده السودان، والذي تقول وكالات الإغاثة إنه أشعل شرارة أزمة إنسانية مروعة لم تحظ بالاهتمام الذي تستحقه.
حرب غزة وغزو أوكرانيا
وتتناوب رئاسة مجلس الأمن أبجدياً كل شهر بين أعضائه الـ15، لكن هذا الشهر، جاء دور الولايات المتحدة، حيث تنظم الدولة التي تتولى الرئاسة العديد من الأحداث المميزة حول الموضوعات التي تختارها حكومتها، إذ غالباً ما يرأس الرؤساء أو رؤساء الوزراء أو وزراء الخارجية هذه الاجتماعات، والتي تتم دعوة وزراء من دول أخرى في المجلس لحضورها.
ولن تسلط الولايات المتحدة هذه المرة الضوء على أزمات الشرق الأوسط أو حرب أوكرانيا، إذ عرقلت روسيا والصين جميع إجراءات المجلس التي تدين موسكو.
وقد دفع هذا المسؤولين الأميركيين، إلى الاعتقاد بأن عقد جلسة حول هذا الموضوع، وخاصة مع استعداد الرئيس المنتخب دونالد ترمب لتولي منصبه الشهر المقبل، بهدف معلن يتمثل في إنهاء الحرب على الفور، قد يكون مضيعة للوقت.
وفيما يتصل بأزمات الشرق الأوسط، استخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) مراراً ضد أي تحرك في المجلس يدين انتهاكات إسرائيل، الأمر الذي تركها وحيدة تقريباً في الأمم المتحدة في دعم إسرائيل.
واستبعد “أسوشيتدبرس” أن يلتقي مسؤولون روس أو أميركيون مع بعضهما البعض، إذ من المعتاد أن يحضر بلينكن أو غيره من كبار المسؤولين اجتماعات ومؤتمرات دولية يحضرها مسؤولون روس، لكن التفاعلات نادرة. وكان بلينكن ووزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف تحدثا، وإن كان لفترة وجيزة، في مارس 2023 في اجتماع وزراء خارجية مجموعة الـ 20 في الهند.
الصراع في السودان
في أوائل ديسمبر الجاري، أشارت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس جرينفيلد، إلى أن الرئاسة الأميركية السابقة لمجلس الأمن في أغسطس 2023، حدثت بعد أشهر فقط من اندلاع الأزمة السودانية بين جنرالين يرأسان القوات العسكرية وشبه العسكرية.
وخلف النزاع في السودان عشرات الآلاف من القتلى، وأجبر الملايين على ترك منازلهم ودفع شريحة كبيرة من سكان السودان إلى المجاعة، ما خلق أزمة عالمية غالباً ما يتم نسيانها، لذلك تسعى الولايات المتحدة إلى تسليط الضوء عليها.
وقال نائب الناطق باسم الخارجية الأميركية، فيدانت باتيل، للصحافيين، الأربعاء، إن السودان “يواجه واحدة من أكثر الأزمات الإنسانية خطورة على وجه الأرض”.
وأضاف: “لذا فإن أي شيء يمكننا القيام به لمواصلة العمل مع الشركاء في الأمم المتحدة وإلقاء الضوء على ذلك، ومعرفة الطرق التي يمكننا من خلالها الاستمرار في الكشف عن الممرات الإنسانية وتعزيزها والاستمرار في الدفع من أجل حل سياسي، فهذه أولوية مطلقة بالنسبة لنا وسنستمر في التطرق لها”.
ما سبب اختيار الذكاء الاصطناعي؟
وفقاً لمؤشر جامعة “ستانفورد” الذي صدر مؤخراً، تتصدر الولايات المتحدة العالم في تطوير تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، وكانت في طليعة تحرك الأمم المتحدة بشأن هذه القضية.
وفي مارس الماضي، اعتمدت الجمعية العامة التي تضم 193 عضواً أول قرار للأمم المتحدة بشأن الذكاء الاصطناعي، ورعته الولايات المتحدة، إذ يعطي هذا القرار دعماً عالمياً لجهود دولية لضمان استفادة التكنولوجيا القوية من جميع الدول واحترام حقوق الإنسان وكونها “آمنة ومأمونة وجديرة بالثقة”.