لم تضيع إسرائيل وقتاً بعد سقوط نظام الأسد وفراره إلى موسكو، إذ سارعت إلى قصف جميع الأصول العسكرية السورية التي أرادت منع وصولها إلى أيدي فصائل المعارضة، واستهدفت نحو 500 هدف، ودمرت البحرية السورية، وزعمت أنها قضت على 90% من منظومات الدفاع الجوي المعروفة في البلاد.
وسيطرت إسرائيل على أعلى قمة في سوريا، وهي قمة جبل الشيخ (2814 فوق سطح البحر)، التي قد تكون، وفقاً لتقرير نشره موقع CNN، واحدة من “أكثر المكاسب ديمومة”، رغم زعم المسؤولين الإسرائيليين أن “الاحتلال مؤقت”.
ونقلت الشبكة عن مدير معهد القدس للاستراتيجية والأمن، إفرايم إنبار، قوله: “هذا هو أعلى مكان في المنطقة، ويطل على لبنان وسوريا وإسرائيل.. إنه أمر مهم للغاية من الناحية الاستراتيجية. لا يوجد بديل للجبال”.
تقع قمة جبل الشيخ في منطقة عازلة فصلت بين القوات الإسرائيلية والسورية لمدة 50 عاماً حتى نهاية الأسبوع الماضي، عندما سيطرت القوات الإسرائيلية عليها. وحتى، الأحد، كانت القمة منطقة منزوعة السلاح وتحرسها قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، وهي أعلى موقع دائم لها في العالم.
وفي وقت سابق الجمعة، أصدر وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، تعليماته للجيش بالاستعداد للظروف القاسية لنشر القوات خلال فصل الشتاء. وقال في بيان: “نظراً للتطورات في سوريا، من الضروري للغاية من الناحية الأمنية أن نحافظ على سيطرتنا على قمة جبل الشيخ”.
وتقدم الجيش الإسرائيلي إلى ما بعد قمة جبل الشيخ، حيث وصل إلى بلدة بقعسم، التي تبعد حوالي 25 كيلومتراً (15.5 ميل) عن العاصمة السورية دمشق، وفقاً لما ذكرته مجموعة “صوت العاصمة” السورية، ولم تؤكد بعد أي جهة محايدة هذا الأمر، في وقت نفى متحدث باسم الجيش الإسرائيلي هذا الأسبوع، أن القوات كانت “تتقدم نحو” دمشق.
وفي مقطع فيديو نُشر بعد أيام من قصف إسرائيل مئات الأهداف السورية وسيطرتها على المنطقة العازلة المنزوعة السلاح، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو: “ليس لدينا أي نية للتدخل في الشؤون الداخلية لسوريا، لكننا بالتأكيد عازمون على فعل كل ما يلزم لضمان أمننا”.
“مكسب هائل”
الشبكة الأميركية اعتبرت أن السيطرة على قمة جبل الشيخ تُمثل “مكسباً هائلاً” لإسرائيل، إذ يبلغ ارتفاعها 9232 قدماً (2814 متراً)، ما يجعلها أعلى نقطة في كل من سوريا وإسرائيل، وثاني أعلى قمة في لبنان.
وقال إفرايم إنبار: “هناك من يزعم أن الأرض فقدت أهميتها في عصر الصواريخ، وهذا ببساطة غير صحيح”، إذ كان تناول في ورقة بحثية نُشرت عام 2011، العديد من المزايا التي يوفرها جبل الشيخ، موضحاً أنه “يُمكن من استخدام المراقبة الإلكترونية في عمق الأراضي السورية، ما يمنح إسرائيل القدرة على الإنذار المبكر في حال وقوع هجوم وشيك”.
كما يرى أن البدائل التكنولوجية المتقدمة، مثل المراقبة الجوية، لا تضاهي أهمية هذه الميزة، وأضاف: “على عكس المنشآت الجبلية، لا يمكن لهذه البدائل حمل معدات ثقيلة مثل الهوائيات الكبيرة، كما يمكن إسقاطها بصواريخ مضادة للطائرات”.
وتقع القمة على بعد أكثر من 35 كيلومتراً (حوالي 22 ميلاً) من دمشق، ما يعني أن السيطرة على سفوحها السورية، التي أصبحت الآن تحت سيطرة الجيش الإسرائيلي، تجعل العاصمة السورية ضمن نطاق المدفعية.
الشرع يتهم إسرائيل
في رد فعل السلطة الجديدة في سوريا على التوغل الإسرائيل داخل الحدود، اتهم القائد العام لإدارة العمليات العسكرية في سوريا أحمد الشرع المعروف بـ”أبو محمد الجولاني”، السبت، إسرائيل بتجاوز “خطوط الاشتباك” من خلال أفعالها، فيما دعت مجموعة من الدول المجاورة إسرائيل إلى سحب قواتها من جميع الأراضي السورية.
وبعد اجتماعه في العقبة مع مسؤولين من تركيا، والعراق، ومصر، والمفوضية الأوروبية، اتهم وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي إسرائيل بمحاولة استغلال الفراغ السياسي في سوريا، مؤكداً أن استقرار سوريا يُعد “ركيزة لأمن المنطقة”.
وحذّر الصفدي من أن عدم احترام إسرائيل لسيادة سوريا قد يؤدي إلى “انفجار الأوضاع”.
وفي المقابل، شدد نتنياهو على أن “يده ممدودة” للحكومة الجديدة في سوريا. لكنه، في ظل الأوضاع بعد 7 أكتوبر، أكد هو ومسؤولون بارزون آخرون في الأمن القومي أنهم لن يغامروا بأي مخاطرة.
وقال الجنرال المتقاعد إسرائيل زيف، متحدثاً عن عمليات إسرائيل في سوريا: “في الغالب، هذا يريحنا. لقد تعلمنا ما حدث في دول أخرى عندما تسيطر منظمة إرهابية على معدات عسكرية”.
وأكد نتنياهو أيضاً أن الاحتلال مؤقت، قائلاً: “إسرائيل لن تسمح للفصائل المسلحة بملء هذا الفراغ وتهديد المجتمعات الإسرائيلية على هضبة الجولان بهجمات على غرار 7 أكتوبر”. وأضاف أن معايير الانسحاب، حسب قوله، هي “تشكيل قوة سورية تلتزم باتفاق 1974 وضمان الأمن على حدودنا”.
ورأى إنبار أن انسحاب الجيش الإسرائيلي من المناطق التي استولى عليها في سوريا “هو قرار سياسي”، موضحاً أن “الجيش يحبذ البقاء هناك”.