أظهر رفض أعضاء بالحزب الجمهوري الأميركي لمطلب الرئيس المنتخب دونالد ترمب، رفع سقف الدين، معارضة قد تؤثر على أجندته السياسية مستقبلاً، وخرقاً نادراً من قبل مجموعة كانت داعمة تقليدية لتفضيلاته، بحسب صحيفة “نيويورك تايمز”.
ورفض جمهوريون يمينيون طلب ترمب برفع سقف الدين، وهو ما قد يضيف تريليونات أخرى إلى ديون الحكومة الأميركية البالغة 36 تريليون دولار.
وجاءت نتيجة التصويت، الجمعة، 366 مقابل 34، فيما صوَّت 34 نائباً جمهورياً ضد مشروع القانون، الذي كان من شأنه تمديد تمويل الحكومة الأميركية حتى مارس 2025، ويشمل الإغاثة من الكوارث وغيرها من التدابير.
ومرر مجلس النواب الأميركي، الجمعة، مشروع قانون مؤقت لتجنب الإغلاق الحكومي قبل ساعات فقط من الموعد النهائي عند منتصف الليل بالتوقيت المحلي (05:00 بتوقيت جرينتش السبت)، قبل إحالته إلى مجلس الشيوخ بعد ذلك.
ومرت هذه النسخة في مجلس النواب بدعم من الحزبين، فيما كان المشرعون الوحيدون الذين صوتوا ضدها 34 جمهورياً، الأمر الذي كشف عن فجوة بين ترمب وحزبه، قد تغير مسارات حكمه في العام المقبل، خصوصاً مع التزام البعض في حزبه بفلسفة مناهضة للإنفاق تعتبر الدين “كارثياً”.
انتقادات جمهورية
وقال النائب تشيب روي، الخميس، في خطاب لاذع سخر فيه من التشريع الذي يحمل زيادة سقف الدين: “إنه لأمر سخيف أن تتبنى هذا القانون، وتهنئ نفسك لأنه أقل في عدد الصفحات، لكنه يزيد الدين بمقدار 5 تريليون دولار”.
وأضاف: “أشعر بالاشمئزاز التام من حزب يخوض حملته الانتخابية على أساس المسؤولية المالية ولديه الجرأة للمضي قدماً إلى الشعب الأميركي بهذا القانون”.
بدوره، قال النائب جوش بريشين إنه عندما أدلى بصوته ضد التشريع، كان يفكر في “جميع أسر أوكلاهوما والمزارعين ومربي الماشية الذين فقدوا ما يقرب من 20% من قوتهم الشرائية منذ عام 2020، بسبب الإنفاق المستمر للعجز في الكونجرس”.
وأوضح آخرون أن هناك حدوداً لنفوذ ترمب في هذه القضية، إذ قال النائب بوب جود، الذي سيغادر الكونجرس في نهاية العام، بعد خسارته بالانتخابات التمهيدية أمام منافس يدعمه ترمب: “من الواضح أن ترمب يتمتع بنفوذ كبير على الجمهوريين”.
وأضاف: “أنا متأكد من أن الأشياء التي يقولها لها تأثير على الأفراد، لكن مجلس النواب يحتاج إلى العمل كمجلس.. أعتقد أنه كان ليكون قراراً سيئاً رفع سقف الدين دون تخفيضات إنفاق ذات مغزى حقيقي وإصلاح مالي منظم”.
من جانبه، قال النائب إريك بورليسون إنه “حتى عاطفته تجاه الرئيس المنتخب لا يمكن أن تقنعه بكسر وعده لناخبيه”.
وبينما اعترض بعض الجمهوريين، أبلغ البعض الآخر عن عدم اعتراضاتهم على رفع حد الدين، إذ قالت النائبة لورين بويبرت إنها “تؤيد إلى حد كبير مشروع القانون لدعم ترمب”.
وأضافت: “لم أكن أريد أن أرى فشلاً في مجلس النواب للمطلب الأول الذي قدمه الرئيس ترمب”، لكن الأغلبية الضئيلة التي يتمتع بها الجمهوريون في مجلس النواب سواء في هذا الكونجرس الحالي أو القادم تعني أن حتى مجموعة صغيرة من المحافظين المعادين للديون بشدة يمكنها أن تجهض تشريعات حاسمة مستقبلاً.
“توازن صعب”
وحتى مع تطور الحزب الجمهوري لاستيعاب آراء ترمب، فإن مجموعة من النواب في حزبه، خاصة المتشددين في مجلس النواب، قالوا إن السبب الأول لترشحهم للكونجرس كان معالجة مشكلة الديون المتضخمة في البلاد، متعهدين عدم التصويت على أي شيء من شأنه أن يزيد الإنفاق أو حد اقتراض البلاد دون تخفيضات متناسبة.
وأظهر الصراع الداخلي هذا الأسبوع أن تصويتاً واحداً من هذا القبيل قد يكون “عبئاً ثقيلاً للغاية”، إذ يصر النواب اليمينيون بالفعل في كتلة الحرية على أن أي تكاليف يتكبدها تمديد التخفيضات الضريبية التي وقعها ترمب كقانون في عام 2017، تحتاج إلى تعويضها بتخفيضات إنفاق إضافية لكسب دعمهم.
ومثل هذه التخفيضات قد تلقى صدى واسع النطاق بين الجمهوريين الأكثر شعبية، خاصة أولئك الذين يخوضون سباقات تنافسية والذين سيترددون في الدفاع عن الموافقة على تخفيضات كبيرة في البرامج التي يستخدمها ناخبوهم.
وفي محاولة لتحقيق التوازن بين كل هذا، اعترف النائب جودي سي أرينجتون، رئيس لجنة الميزانية، بأن تحقيق التوازن بين كل هذا لن يصبح إلا أكثر صعوبة، عندما تتقلص الأغلبية الديمقراطية بشكل أكبر في العام المقبل، قائلاً: “الجمهوريون فازوا بفرصة ضرورية لتصحيح المسار، ولهذا السبب أصبحت المخاطر أعلى الآن”.
وفي محاولة لاسترضاء هؤلاء النواب وترمب ومحاولة الفوز بالدعم لتمرير مشروع قانون الإنفاق المؤقت، طرح زعماء الحزب الجمهوري في مجلس النواب، الجمعة، تعهداً بخفض الإنفاق ورفع سقف الدين في تشريع منفصل العام المقبل.
وكان الجمهوريون يستعدون لتمرير تشريع حزبي من خلال عملية سريعة تسمى “المصالحة”، وهو الإجراء الذي قال القادة إنه يمكن استخدامه العام المقبل لمعالجة طلب ترمب برفع سقف الدين، وهذا من شأنه أن يقدم مجموعة من المشاكل الخاصة به.
يشار إلى أن ما يقرب من ثلثي الأموال، التي تنفقها الحكومة الفيدرالية سنوياً، تأخذ شكل “الإنفاق الإلزامي” إلى حد كبير على الضمان الاجتماعي والرعاية الطبية والرعاية الطبية، والتي لا يحتاج الكونجرس إلى الموافقة عليها سنوياً.