لجأ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إلى أحد أقرب حلفائه في الفريق الرئاسي، السياسي الوسطي فرانسوا بايرو، وعيّنه رئيساً للوزراء خلفاً لميشال بارنييه، في خطوة تهدف إلى تجاوز الاضطرابات السياسية، التي هزت ولايته الثانية.
وجاء ترشيح وزير التعليم السابق، البالغ من العمر 73 عاماً بعد اجتماع دام ما يقرب من ساعتين في قصر الإليزيه، والذي قيل إنه كان متوتراً ودفع ماكرون إلى إعادة النظر في أسماء أخرى في اللحظة الأخيرة، وفق “لوموند”.
ويرأس بايرو، حزب الحركة الديمقراطية الليبرالية MoDem المتحالف مع قوة ماكرون الوسطية، لكنه ليس جزءاً منها، وقد دعم الرئيس منذ حملته الانتخابية لعام 2017.
وسيكون بايرو أمام مهمة تشكيل حكومة قادرة على مقاومة الرقابة، التي أطاحت ببارنييه، وهي مهمة قد تكون “معقدة” بالنظر إلى تركيبة الجمعية الوطنية (البرلمان) التي لا تزال منقسمة إلى 3 قوى سياسية.
وترشّح بايرو للرئاسة 3 مرات في الأعوام 2002 و2007 و2012، ودعم فرانسوا هولاند في الجولة الثانية عام 2012. وفي انتخابات الرئاسية لعام 2022 التي فاز بها ماكرون، دعم بايرو مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان “لإنقاذ الديمقراطية”، وفق تعبيره.
وبايرو، هو أستاذ متخصص في الأدب الكلاسيكي، كان أيضاً وزيراً للتعليم بين عامي 1993 و1997 في ظل 3 حكومات يمينية (بالادور، جوبيه الأول، جوبيه الثاني). وهو أيضاً نائب في البرلمان لمدة 10 سنوات (بين 2002 و2012)، ونائب أوروبي لمدة عامين (بين 1999 و2002).
ويتولى بايرو مسؤولية تنسيق أعمال التخطيط للدولة منذ عام 2020، وعين مفوضاً سامياً للتخطيط، وهي وظيفة لا يتلقى فيها أجر.
حليف ماكرون
ويواجه بايرو، أحد الشخصيات السياسية القليلة التي وقفت إلى جانب الرئيس ماكرون منذ توليه السلطة في عام 2017، الآن أكبر تحد له بعد ترقيته أخيراً إلى منصب رئيس الوزراء.
وتم تعيين بايرو وزيراً للعدل من قبل ماكرون عندما تولى الرئاسة في عام 2017. واستقال في نفس العام عندما تم التحقيق معه في قضايا بشأن الاحتيال، لكنه ظل حليفاً رئيسياً خلف الكواليس، قبل تبرئته في فبراير الماضي.
وسيتعين على بايرو أن يسلك مساراً صعباً باعتباره رئيس الوزراء السادس لرئاسة ماكرون بعد أن أطاح البرلمان بميشيل بارنييه في 4 ديسمبر.
وقال زعيم الحزب الاشتراكي أوليفييه فور، الأربعاء إنه يعارض تسمية بايرو لأنه سيجسد “الاستمرارية”.
من جانبه، قال جوردان بارديلا، رئيس حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف، إنه ينتظر لمعرفة كيف ستمضي الحكومة الجديدة. وقال بارديلا للصحافيين في باريس: “لا تزال خطوطنا الحمراء قائمة. الكرة الآن في ملعب فرانسوا بايرو”.
فيما رفض ممثلو اليسار الراديكالي تنصيب بايرو على الفور، باعتباره امتداداً لماكرون وسياساته التقشفية.
وقالت ماتيلد بانو، وهي عضوة بارزة في البرلمان عن حزب “فرنسا الأبية”، على “إكس” وهي تدعو إلى التصويت بحجب الثقة عن بايرو: “إن البلاد لديها خياران واضحان: الاستمرار في السياسات الفاشلة مع فرانسوا بايرو، أو الانفصال التام”.
ويواجه ماكرون ضغوطاً هائلة في الوقت الذي تكافح فيه فرنسا ديوناً متضخمة وعجزاً كبيراً أصبح من بين أعلى المعدلات في أوروبا.
وتبلغ الفائدة على الدين وحده 60 مليار يورو، وهو نفس إنفاق البلاد على الدفاع، كما أشار بارنييه قبل استقالته، محذرا من مستقبل اقتصادي أكثر قتامة إذا لم تبدأ البلاد في اتخاذ إجراءات لخفض ديونها.
وبايرو هو عمدة مدينة باو في جنوب غرب البلاد، وهو كاثوليكي ممارس ولكنه أيضاً مؤيد قوي للنظام العلماني في فرنسا. اكتسب شهرة كبيرة خلال الحملة الرئاسية لعام 2002 عندما صفع طفلاً على وجهه حاول سرقة محفظته.
وحصل على أقل من 7% من الأصوات وتم إقصاؤه في الجولة الأولى. وهو أب لـ6 أطفال، وهو أيضاً مؤلف سيرة ذاتية للملك الفرنسي هنري الرابع في القرنين السادس عشر والسابع عشر.