اعتبر وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، السبت، أن استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة، واتساع نطاقها إقليمياً، يُضعف منظومة الأمن الدولي، داعياً المجتمع الدولي لتكثيف جهوده للتوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار في القطاع الفلسطيني.
وأكد وزير الخارجية السعودي خلال مشاركته في الدورة العشرين من “حوار المنامة” في البحرين، أن “استمرار الحرب على غزة يهدد مصداقية القوانين والأعراف الدولية في ظل استمرار إسرائيل في الإفلات من العقاب، واستهدافها للأمم المتحدة وأجهزتها”، مشيراً إلى أنه يتحتم على المجتمع الدولي “تكثيف جهوده للتوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار، ورفْع كافة القيود على إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، وإطلاق سراح المحتجزين والأسرى”.
وحذّر الأمير فيصل بن فرحان من “انتشار خطاب الكراهية والتحريض الذي يغذّي المتطرفين في كافة الأطراف، ومن ضمنه التصريحات التي تهدد بضم الضفة الغربية وتوسيع الاستيطان ومحاربة حل الدولتين”، في إشارة إلى تصريحات مسؤولين إسرائيليين بضم الضفة، وفي مقدمتهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير ماليته بتسلئيل سموتريتش ووزيره للأمن الداخلي إيتمار بن جفير.
حل الدولتين
وشدد وزير الخارجية السعودي، على أن “السلام القائم على العدل وتلبية الاستحقاقات، هو الضامن الوحيد لأمن جميع دول المنطقة، بما فيها إسرائيل”، داعياً إلى العمل الجاد لاحتواء التصعيد الإقليمي، و”كبْح توسُّع أزمات المنطقة لتفادي عواقب وخيمة على الأمن الإقليمي والدولي”.
ونوّه إلى “تمسُّك المملكة بالسلام كخيار استراتيجي”، لافتاً إلى أن الرياض “عبّرت عن ذلك بوضوح منذ مبادرة الملك فهد للسلام في عام 1981، ثم مبادرة السلام العربية 2002، ووصولاً إلى القمة العربية الأخيرة في البحرين، والقمتين العربية الإسلامية المشتركة المنعقدتين في الرياض”، مذكّراً بإطلاق “التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين” الذي يهدف لإيجاد خطوات عملية لتجسيد الدولة الفلسطينية وإنهاء الاحتلال.
ويرى وزير الخارجية السعودي، أنه “آن الأوان لأن نتخطى حالة الجمود التي شابت عملية السلام على مدى السنوات الماضية، وأن ننتقل من الحديث عن السلام إلى صناعة السلام”.
وعن سُبل إحلال السلام، نبَّه الأمير فيصل بن فرحان، إلى أنه يحتاج إلى “تمكين دولي، ومواجهة حازمة لجميع الأطراف التي تعرقل جهود تحقيقه”، موضحاً أن التمسك بمبادئ القانون الدولي، و”الكيل بمكيال واحد”، ضروري للحفاظ على الأمن والاستقرار العالمي، وخلاف ذلك يؤدي إلى “تآكل أُسس النظام الدولي ومؤسساته”.
وبشأن التداعيات الدولية على منطقة الشرق الأوسط، قال وزير الخارجية السعودي إن “منطقتنا ليست بمعزل عن تطورات البيئة الدولية والعكس صحيح، فما يحدث فيها من أزمات وصراعات تتعدى آثارها حدود المنطقة، وتؤثر على الأمن والاستقرار الدولي، وتُشكّل خطراً على سلامة الاقتصاد الدولي”.
وربط الأمير فيصل بن فرحان، تحقيق الازدهار في منطقة الشرق الأوسط، بـ”استتباب الأمن”، إذ اعتبر أن كليهما يعتمدان على “إرساء أسس السلام الشامل” الذي لن يكون مستداماً “إذا أتى على أعقاب القتل والتهجير أو جاء على حساب مصالح وحقوق أصيلة لدول وشعوب المنطقة”.
وعلى حد وصفه، فإن “الأزمات والحروب أدَّت لانحراف المنطقة نحو منعطف خطير وضعنا على مفترق طرق”، مشيراً إلى أن “تصحيح هذا المسار يتحقق بتضافر الجهود لإنهاء النزاعات التي تُخلّف وراءها عشرات الآلاف من الضحايا والمصابين والمهجَّرين دون تحقيق مصالح استراتيجية لأي طرف”.
تطورات لبنان والسودان
وجدد وزير الخارجية السعودي، ترحيب المملكة بقرار وقف إطلاقِ النار في لبنان، معرباً عن أمله في أن تقود الجهود الدولية المبذولة في هذا الإطار إلى تنفيذ قرار مجلس الأمن (1701)، بما يحفظ سيادة وأمن واستقرار لبنان ويقويّ مؤسساته.
وعن الأوضاع في السودان، قال وزير الخارجية السعودي، إن استمرار الحرب وتَعطُّل وصول المساعدات إلى محتاجيها فاقم من الأزمة الإنسانية، مؤكداً ضرورة التوصل لحل سياسي مستدام يضمن سيادة السودان ويحفظ أمنه واستقراره ومؤسساته الوطنية.
ووصف الأمير فيصل بن فرحان “رؤية المملكة 2030” بأنها “حجر الزاوية لطموحاتها في تعزيز مسيرة التنمية وتمكين التحوُّل الاقتصادي والاجتماعي، وتُعد سياسة المملكة الخارجية انعكاساً لأولويات هذه الرؤية”.
واختتم كلمته بالقول: “نحن على قناعة راسخة بأن انعدام الأمن في المنطقة ليس أمراً حتمياً، بل هو نتيجة للخلافات السياسية التي تستدعي حلولاً سياسية.. ونتطلع لأن تنتهج المنطقة مساراً بديلاً، يتم فيه تغليب المصالح الجامعة والمشتركة على المصالح أو الاعتبارات الضيّقة، بما يشكّل نقطة تحوُّل تعطي الأمل لمستقبل أفضل لشعوب المنطقة”.