تستعد إسرائيل لاحتمال “انهيار” الحكومة السورية، بعد تقدم خاطف للفصائل المسلحة في عمق الأراضي التي تسيطر عليها دمشق، وسط مخاوف من أن تعزز إيران و”حزب الله” اللبناني وجودهما في سوريا، ما يشكل “تهديداً مباشراً” على أمن إسرائيل، وفق تقارير إعلامية إسرائيلية.
وعقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اجتماعاً طارئاً مع رؤساء الأجهزة الأمنية، لمناقشة التطورات المتسارعة في سوريا، لا سيما بعد سقوط مدينة حماة في أيدي الفصائل المعارضة السورية المسلحة.
وعقد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، اجتماعاً مع كبار قادة جيش الدفاع الإسرائيلي بشأن التطورات في سوريا.
وحققت الفصائل المسلحة في سوريا، أكبر مكاسبها في الصراع منذ اندلاع الحرب قبل 13 عاماً، في ضربة قوية لحكومة الرئيس بشار الأسد.
وبعد سنوات من الجمود على خطوط المواجهة استولت الفصائل المسلحة على مدينة حلب الرئيسية في الشمال الأسبوع الماضي، قبل التقدم جنوباً حتى وسط حماة، وهي مدينة استراتيجية بوسط البلاد تسيطر عليها الفصائل المسلحة لأول مرة.
وهذه السيطرة السريعة على المدينة، فاجأت إسرائيل بشكل كبير، إذ توقعت أن يستغرق تقدم الفصائل المسلحة وقتاً أطول.
كما فوجئت إسرائيل أيضاً بـ”ضعف التدخل الروسي” في الأحداث الجارية، مقارنةً بالتصعيد، الذي شهدته المنطقة في العقد الأخير، إذ شنت روسيا في الماضي هجمات جوية واسعة لدعم الحكومة السورية.
“انهيار محتمل” لحكومة دمشق
وأشارت تقارير، إلى أن إسرائيل تتوقع “انهياراً محتملاً” للنظام السوري، وسط مخاوف من أن هذا ربما يفتح المجال لتوسيع النفوذ الإيراني في سوريا، حيث يُتوقع أن ترسل طهران إيران قوات إضافية، وأسلحة متطوّرة لدعم الحكومة السورية.
وثمة مخاوف أيضاً من أن يعزز “حزب الله” وجوده العسكري في سوريا، ما قد يشكل “تهديداً مباشراً” على أمن إسرائيل.
في غضون ذلك، تسعى إسرائيل جاهدة لمنع إيران من تثبيت موطئ قدم أكبر في سوريا، خاصة على الحدود السورية مع إسرائيل.
وفي وقت سابق، شنت إسرائيل هجوماً على منشآت عسكرية في جنوب شرق حلب، حيث كان هناك مخازن للأسلحة المتطورة مثل الصواريخ الدقيقة، فضلاً عن المواد الكيميائية التي كان من الممكن أن تقع في أيدي الفصائل المسلحة.
استعدادات إسرائيلية
وعلى خلفية التهديدات المتزايدة، بدأت إسرائيل في تعزيز استعداداتها على الحدود الشمالية، بما في ذلك نشر وحدات احتياطية إضافية على حدود مرتفعات “الجولان”.
وهناك أيضاً تعزيزات للجاهزية العسكرية للمستوطنات الواقعة على الحدود السورية، مع استعداد تام لمواجهة أي هجمات مفاجئة من الجماعات المتطرفة.
ويمثل التوسع الإيراني في سوريا التهديد الأكبر لإسرائيل، التي تواصل مراقبة الوضع العسكري عن كثب في مناطق مثل الجولان والحدود السورية، وسط مخاوف من أن وصول أسلحة متطورة إلى أيدي الفصائل المسلحة أو مليشيات إيرانية قد يعزز قدراتها العسكرية ضد إسرائيل.
وفي حالة “انهيار” الحكومة السورية بشكل كامل، ربما تتعرّض إسرائيل لتهديدات متزايدة من جماعات متطرفة على حدودها.
وأشارت “القناة 13” الإسرائيلية، إلى أن الجيش الإسرائيلي يقدر الآن أن الفصائل المسلحة ربما يشكلون “تهديداً حقيقياً” لاستمرار حكم الرئيس السوري بشار الأسد.
وفي المقابل، ربما تستغل إسرائيل الوضع لتوجيه ضربات استباقية للوجود الإيراني في سوريا، وتقليل التهديدات المباشرة على أمنها القومي، من خلال استهداف البنية التحتية لإيران و”حزب الله”.
وبالإضافة إلى التهديدات على الحدود الشمالية، هناك قلق من أن تزداد التهديدات على الحدود الأردنية في حال انهيار حكومة دمشق.
كما تراقب إسرائيل أيضاً التحركات العسكرية على حدودها الجنوبية، حيث يمكن أن يؤدي التدهور في سوريا إلى صراعات إقليمية أوسع تشمل مناطق أخرى مثل العراق.
وقال مسؤول إسرائيلي لصحيفة “تايمز أوف إسرائيل”، دون الكشف عن هويته، إن مصلحة إسرائيل في القتال المتجدد في سوريا هي “أن يستمروا في قتال بعضهم البعض”، مضيفاً: “نحن مستعدون لأي سيناريو وسنتصرف وفقاً لذلك”.
إسرائيل تتفاجئ
فيما أفاد تقرير بثته “القناة 12” الإسرائيلية، بأن إسرائيل فوجئت بـ”ضعف الجيش السوري”، إذ يستمر في خسارة الأرض بسرعة أمام قوات الفصائل المسلحة.
وأضاف التقرير أن إسرائيل أرسلت تحذيراً قوياً إلى إيران بعدم إرسال أسلحة إلى سوريا يمكن أن تصل إلى أيدي جماعة “حزب الله” في لبنان.
وذكرت هيئة البث الإسرائيلية “مكان”، نقلاً عن مصدرين لم تكشف هويتيهما، أن إسرائيل والولايات المتحدة ترصدان علامات “انهيار مؤكد” في الجيش السوري، وأن أحد المخاوف الرئيسية لإسرائيل هو أن عناصر الفصائل المسلحة سيتقدمون جنوباً حتى الحدود الإسرائيلية مع سوريا في مرتفعات الجولان.
وقال الجيش الإسرائيلي في بيان إنه “يتابع الأحداث، ويستعد لأي سيناريو في الهجوم والدفاع”.
وأضاف البيان: “لن يسمح الجيش الإسرائيلي بتهديد قرب الحدود السورية الإسرائيلية، وسيعمل على إحباط أي تهديد لمواطني إسرائيل”.
تراجع “غير متوقع” للجيش السوري
ووسط القلق المتزايد، قال مسؤولان إسرائيليان بارزان لموقع “أكسيوس” الأميركي، إن مسؤولي استخبارات تفاجئوا بأن انهيار خطوط دفاع الجيش السوري خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، حدث بشكل “أسرع مما كان متوقعاً”.
ونقل الموقع الأميركي عن أحد كبار المسؤولين الإسرائيليين، قوله إن سقوط دمشق يبدو “أكثر منطقية”، مما كان عليه حتى وقت قريب للغاية.
وقال مسؤول أميركي لموقع “أكسيوس”، إن خطوط دفاع الجيش السوري “تنهار بسرعة. القوات العسكرية السورية لا تقاتل في الواقع”، مضيفاً: “لا نعتقد أن النظام في خطر مباشر، لكن هذا هو التحدي الأكبر لنظام الأسد في العقد الماضي”.
وأشار المسؤول الأميركي، إلى أن “إسرائيل ومصر والأردن أعربت للولايات المتحدة خلال الأيام الأخيرة عن قلقها بشأن التطورات في سوريا”، وإمكانية حدوث تحول كبير داخل البلاد.
وأوضح مسؤولون إسرائيليون، أن إسرائيل أعربت لواشنطن عن قلقها بشأن استيلاء “عناصر متطرفة” على سوريا من ناحية، أو “سيناريو بديل حيث تدخل قوات إيرانية” إضافية إلى البلاد، يزيد من نفوذ طهران.