توجه الرئيس الأميركي جو بايدن، الأربعاء، من العاصمة الأنجولية لواندا إلى مدينة لوبيتو الواقعة على الساحل الغربي لإفريقيا، حيث سيعلن خطة استثمارات جديدة، في مسعى لتعزيز الوجود الأميركي ومواجهة نفوذ الصين في المنطقة الإفريقية الغنية بالمعادن.
وتشمل زيارة بايدن، جولة في الموانئ رفقة كل من الرئيس الأنجولي جواو لورينسو، والرئيس الزامبي هاكيندي هيشيليما، والرئيس الكونجولي فيليكس تشيسكيدي، ونائب الرئيس التنزاني فيليب مبانجو.
ويخطط القادة لعقد اجتماعات مع ممثلين عن شركات مستفيدة من مشروع “ممر لوبيتو” للسكك الحديدية، بينها شركة اتصالات تعمل على توسيع خدماتها في المنطقة، وشركة لإنتاج الغذاء، وشركة “أكرو بريدج” الأميركية، المتخصصة في تصنيع الجسور الفولاذية الجاهزة والتي أبرمت عقداً لتوريد نحو 200 جسر إلى أنجولا.
وفي لوبيتو، سيُعلن بايدن عن استثمارات أميركية جديدة بقيمة 600 مليون دولار لدعم مشاريع مرتبطة بالممر، الذي جذب أيضاً تمويلات من الاتحاد الأوروبي، ومجموعة السبع، وائتلاف خاص تقوده دول غربية، إلى جانب بنوك إفريقية.
وترى إدارة بايدن أن المشروع سيساعد في تعزيز المصالح الاقتصادية الأميركية، ومواجهة النفوذ الصيني المتزايد في إفريقيا، إلى جانب تلبية شغف الرئيس المعروف بحبه للسفر عبر القطارات، حسبما ذكرت “أسوشيتد برس”.
ويربط المشروع، الممول جزئياً بقرض أميركي، جمهورية الكونغو الديمقراطية الغنية بالموارد، وزامبيا، بميناء لوبيتو الأنجولي على المحيط الأطلسي، ما يوفر طريقاً سريعاً وفعالاً للصادرات إلى الغرب.
“ممر لوبيتو”.. أكبر استثمار أميركي
وقال بايدن في كلمة ألقاها، مساء الثلاثاء: “ربما أكون أكثر شخص مؤيد للسكك الحديدية في أميركا”، مشيراً إلى أن “ممر لوبيتو” يمثل أكبر استثمار أميركي في مشروع للسكك الحديدية خارج البلاد.
ويُعد بايدن، الملقب بـ”جو أمترك” بسبب رحلاته اليومية بالقطار من منزله في ديلاوير إلى واشنطن خلال الأعوام الـ36 الماضية التي قضاها في مجلس الشيوخ، أول رئيس أميركي يزور أنجولا.
وتقول الإدارة الأميركية إن الرحلات التجريبية باستخدام الخط الحديدي الجديد قلّصت زمن نقل البضائع من شرق الكونغو أو زامبيا إلى الأسواق إلى نحو 40 إلى 50 ساعة فقط، مقارنة بـ45 يوماً عند النقل بالشاحنات إلى جنوب إفريقيا.
وحتى في الأيام الأخيرة من ولايته، وعلى بعد آلاف الأميال من موطنه، يواصل بايدن، استغلال الفرص للاحتفاء بالقطارات.
واستغل بايدن زيارته الثالثة والأخيرة إلى أنجولا لتسليط الضوء على مشروع “ممر لوبيتو”، الذي يشهد استثمارات ضخمة من الولايات المتحدة وحلفائها لإعادة تأهيل خط سكك حديدية يمتد على مسافة 800 ميل (1300 كيلومتر) في زامبيا، الكونغو، وأنجولا.
ويهدف المشروع إلى تعزيز الوجود الأميركي في منطقة غنية بالكوبالت والنحاس والمعادن الحيوية الأخرى التي تُستخدم في تصنيع بطاريات السيارات الكهربائية، والأجهزة الإلكترونية، وتقنيات الطاقة النظيفة.
ويُتوقع أن يُسهم هذا الخط الحديدي، بحلول نهاية العقد، في ربط الساحل الغربي لإفريقيا بجنوب القارة بساحلها الشرقي.
منافسة الصين
من جهته، وصف مسؤول كبير في الإدارة الأميركية “ممر لوبيتو” بأنه محور التنافس مع الصين، ليس كخصم سياسي، بل من منظور اقتصادي، مضيفاً أن “ممر لوبيتو أصبح نموذجاً تسعى الولايات المتحدة لتكراره في مناطق أخرى من العالم”.
وتهدف واشنطن إلى تعزيز نفوذها من خلال مشروعات تستقطب الاستثمارات وتسهم في دعم المجتمعات والدول على المدى الطويل، بدلاً من تقديم مساعدات تقليدية.
وعززت الصين استثماراتها في قطاع التعدين ومعالجة المعادن الإفريقية، مستفيدة من مبادرة “الحزام والطريق” لتوسيع نفوذها الاقتصادي والسياسي عالمياً.
وفي سبتمبر الماضي، قالت الصين إنها وقعت اتفاقاً مع زامبيا وتنزانيا، لتجديد خط سكة حديدية يربط بين زامبيا ومدينة دار السلام على الساحل الشرقي لإفريقيا، والذي يعود تاريخ إنشائه إلى سبعينيات القرن الماضي، لكنه تعرض للإهمال لاحقاً.
ويرى بعض المحللين أن تحرك الصين لتجديد الخط الحديدي، الذي أُعلن عنه على هامش منتدى التعاون الصيني الإفريقي لهذا العام، كان رداً من بكين على مشروع “ممر لوبيتو”.