أصدر الرئيس الأميركي جو بايدن عفواً عن نجله هانتر، مساء الأحد، متراجعاً عن موقف سابق أكده مراراً بشأن عزمه عدم استخدام سُلطاته التنفيذية للعفو أو تخفيف العقوبة عن نجله الذي يواجه قضيتي أسلحة وتهرب ضريبي.
وقال بايدن، في بيان نشره البيت الأبيض: “أؤمن بنظام العدالة، لكني أعتقد أيضاً أن السياسة أثرت على هذه العملية وأدت إلى وقوع ظلم، وبعد أن اتخذت هذا القرار في نهاية هذا الأسبوع، لم يكن هناك أي مبرر لتأجيله أكثر من ذلك وآمل أن يتفهم الأميركيون سبب اتخاذ (بايدن) الأب والرئيس لهذا القرار”.
وقالت شبكة CNN إن نسخة من الأمر التنفيذي الخاص بالعفو تظهر أن العفو الذي أصدر بايدن هو عفو كامل وغير مشروط. ولا يمكن للرئيس المنتخب دونالد ترمب سحب قرار العفو بعد توليه السلطة.
وكان من المقرر إصدار الحكم على هانتر بايدن في 12 ديسمبر، لإدانته بتهمة انتهاك قوانين الأسلحة الفيدرالية، كما سيصدر حُكم آخر ضده في 16 من الشهر ذاته في قضية جنائية منفصلة أقرّ فيها بالذنب، سبتمبر الماضي، في تهم تتعلق بالتهرب الضريبي.
ونقلت شبكة NBC News عن مسؤول كبير في البيت الأبيض قوله إن “بايدن قرر خلال عطلة نهاية الأسبوع منح ابنه عفواً، وبدأ في إبلاغ كبار مساعديه يوم الأحد”.
وقال بايدن في البيان: “لم تظهر الاتهامات في قضاياه (هانتر) إلا بعد أن حرض العديد من خصومي السياسيين في الكونجرس على مهاجمتي ومعارضة إعادة انتخابي. ثم ظهرت صفقة إقرار بالذنب تم التفاوض عليها بعناية، ووافقت عليها وزارة العدل. وادعى عدد من خصومي السياسيين في الكونجرس أنني مارست الضغط السياسي خلال هذه العملية. لو تم التوصل إلى اتفاق الإقرار بالذنب، لكان ذلك بمثابة حل عادل ومعقول لقضايا هانتر”.
“استهدفوه لأنه ابني”
وتحدث الرئيس الأميركي في بيانه عن معاناة نجله مع الإدمان، وقال إن “خصومه السياسيين كانوا يحاولون كسره من خلال ملاحقة هانتر”. وأضاف: “لا يمكن لأي شخص عاقل ينظر في وقائع قضايا هانتر أن يتوصل إلى أي استنتاج آخر غير أنه تم استهدافه فقط لأنه ابني، وهذا خطأ”.
وتابع: “كانت هناك محاولة لكسر هانتر، الذي مرت عليه خمس سنوات ونصف من التوقف عن الإدمان، وذلك حتى أثناء مواجهته للهجمات المتواصلة والملاحقة القضائية الانتقائية، وفي محاولتهم لكسره فقد حاولوا كسري أيضاً، ولا يوجد سبب للاعتقاد بأن الأمر سيتوقف هنا.. كفى”.
ولم يرد المتحدث باسم المحقق الخاص في القضية ديفيد فايس على الفور على طلب NBC News الحصول على تعليق، كما رفض آبي لويل، وهو محامي هانتر بايدن التعليق على الأمر.
وقالت الشبكة إن الرئيس الأميركي، البالغ من العمر 82 عاماً، استخدم سُلطاته في العفو عن نجله لضمان عدم دخوله السجن مع اقتراب فترة ولايته في البيت الأبيض من نهايتها، وعدم وجود انتخابات مستقبلية ليواجهها، وذلك على الرغم من تأكيده في الأشهر الأخيرة على أنه لن يعفو عنه أو يخفف عقوبته.
وأشارت الشبكة إلى أن بايدن ناقش مسألة العفو عن نجله مع بعض أقرب مساعديه منذ إدانة هانتر في يونيو الماضي على الأقل، وفقاً لما نقلته عن شخصين على دراية مباشرة بالمناقشات حول هذه المسألة.
وقال الشخصان إنه تم اتخاذ قرار في ذلك الوقت بأن يصرح بايدن علناً أنه لن يعفو عن هانتر على الرغم من أن الفكرة كانت لا تزال مطروحة على الطاولة.
وكانت السكرتيرة الصحافية للبيت الأبيض كارين جان بيير قد أكدت للصحافيين، الشهر الماضي، أن “موقف الرئيس لم يتغير”، قائلة: “لقد سُئلنا هذا السؤال عدة مرات، وستظل إجابتنا ثابتة، وهي لا”.
وعندما سُئل المتحدث باسم البيت الأبيض أندرو بيتس، الاثنين، عما إذا كان بايدن لا يزال ملتزماً بعدم منح هانتر عفواً، قال: “لقد تحدث الرئيس عن هذا الموضوع، وليس لدي ما أضيفه عما قاله بالفعل”.
كما قالت السيدة الأولى جيل بايدن سابقاً أيضاً إن زوجها لن يعفو عن هانتر.
اتهامات جمهورية
وكانت محاكمة هانتر الجنائية في يونيو الماضي، هي الأولى ضد نجل رئيس في السُلطة، وكان العفو عنه بعد تلك المحاكمة سيتسبب في عاصفة سياسية لوالده، الذي كان يخوض حملة لإعادة انتخابه لفترة ولاية ثانية، بحسب الشبكة.
ولطالما هاجم الجمهوريون هانتر بايدن بسبب صفقاته التجارية الخارجية، كما اتهموه ووالده بالفساد، وزعموا أنه كان يحظى بمعاملة خاصة من وزارة العدل بسبب نفوذ والده السياسي.
انهيار اتفاق الإقرار بالذنب
وبلغت انتقادات الحزب الجمهوري ذروتها في يوليو 2023، عندما أقر هانتر بايدن بالذنب في صفقة مع المدعين الفيدراليين بشأن تهم التهرب الضريبي وحيازة أسلحة نارية بشكل غير قانوني، وهو الاتفاق الذي انهار بعد أن أثار أحد القضاة تساؤلات حوله، وهو ما دفع المدعي العام الأميركي ميريك جارلاند، بعد أسابيع قليلة، إلى تعيين المدعي العام الذي يحقق مع هانتر، ديفيد فايس، كمستشار خاص.
ويبلغ العدد الإجمالي للتهم التي أُدين بها هانتر بايدن أو أقر بالذنب فيها 12 تهمة، وتصل عقوبة السجن القصوى في هذه التهم 42 عاماً، لكن الأحكام القصوى لا تصدر عادةً في مثل هذه الجرائم.
وفي مقابلة أُجريت معه في يونيو الماضي، سُئل بايدن عما إذا كان يستبعد فكرة العفو عن نجله، فأجاب بـ “نعم”، وبعد أيام، وبعد إدانة هانتر بتهم حيازة السلاح بشكل غير قانوني على المستوى الفيدرالي من قبل هيئة محلفين في مسقط رأسه ويلمنجتون بولاية ديلاوير، قال الرئيس في بيان إنه سيحترم قرار المحكمة، ثم أخبر الصحافيين أنه سيلتزم بقرار هيئة المحلفين.
وأضاف بايدن في ذلك الوقت: “أنا فخور للغاية بابني هانتر، لقد تغلب على الإدمان، وهو أحد أذكى الرجال الذين أعرفهم وأكثرهم نزاهة. قلت إنني سألتزم بقرار هيئة المحلفين، وسأفعل ذلك، ولن أعفو عنه”.
ونقلت الشبكة عن نيل إيجليستون، الذي كان مستشاراً للبيت الأبيض في عهد الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، قوله: “لو كنت مستشاراً في البيت الأبيض الآن، لشجعته على العفو عن نجله”، مشيراً إلى أنه لم يتم الاتصال به أو استشارته من قبل البيت الأبيض بشأن أي استعدادات للعفو عن هانتر.
وأضاف: “سُلطة العفو لها عدد قليل من القيود، ومن المؤكد أنها تشمل العفو عن هانتر بايدن”.
وذكرت الشبكة أن رأي إيجليستون يتماشى مع رأي مسؤولين سابقين آخرين في وزارة العدل والبيت الأبيض الذين كانوا قد شاركوا سابقاً في إجراءات العفو الرئاسي السابقة.