قالت فصائل سورية مسلحة، تقودها “هيئة تحرير الشام”، إنها تواصل تقدمها نحو محافظة حلب، معلنة السيطرة على عدد من الأحياء والمؤسسات الرسمية داخل المدينة، وهو ما نفته السلطات السورية التي قالت إنها تتصدى لهجوم “تنظيمات إرهابية”، وسط تضارب بشأن مجريات الأحداث في ثاني أكبر المدن السورية.
ونشرت غرفة عمليات “ردع العدوان”، التابعة لـ”هيئة تحرير الشام” عبر حسابها في ” تليجرام”، عشرات مقاطع الفيديو، التي تزعم أنها تعرض عناصرها في عدد من أحياء حلب، مثل الحمدانية والراموسة والكلاسة والفردوس وحلب الجديدة.
كما تداول نشطاء مقاطع أخرى لقيام الفصائل المسلحة بإطلاق سراح سجناء قالوا إنهم كانوا معتقلين سياسيين، فيما أظهرت مقاطع أخرى عدداً من المقاتلين أمام قلعة حلب، وفي ساحة سعد الله الجابري وأمام مبنى الحكومة والبلدية.
ومن الصعب التأكد من دقة تلك الأنباء والمقاطع وما إذا كان السجناء معتقلين سياسيين أو محكومين بقضايا جنائية.
في المقابل، أعلنت وزارة الدفاع الروسية سقوط 200 مسلح في ريفي حلب وإدلب خلال عملياتها المشتركة مع الجيش السوري، بحسب وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا).
وقالت “سانا” إن السلطات السورية ألقت القبض على من وصفتهم بـ”مجموعات إرهابية” قامت بتصوير مشاهد في عدد من أحياء حلب لتوحي بأن “المجموعات الإرهابية تسيطر على تلك الأحياء”.
إغلاق الطرق الرئيسية في حلب
وقال مصدران عسكريان سوريان، لـ”رويترز”، إن سوريا تلقت وعداً بمساعدات عسكرية روسية إضافية لمساعدة الجيش في منع المسلحين المعارضين للرئيس بشار الأسد من الاستيلاء على محافظة حلب بشمال غرب البلاد.
وأضاف المصدران أن دمشق تتوقع بدء وصول العتاد العسكري الروسي الجديد إلى قاعدة حميميم الجوية الروسية قرب مدينة اللاذقية الساحلية خلال 72 ساعة.
ونقلت الوكالة عن ثلاثة مصادر بالجيش السوري قولهم إن الجيش أغلق الطرق الرئيسية المؤدية من وإلى مدينة حلب بعد أن صدرت تعليمات للقوات باتباع أوامر “انسحاب آمن” من الأحياء التي اجتاحها المسلحون.
وذكرت المصادر أن هذه الخطوة أغلقت المدينة فعلياً بعد أن أصدر الجيش تعليمات عند نقاط التفتيش خارج المدينة بالسماح فقط لقوات الجيش بالمرور والدخول.
وقالت المصادر إن السلطات السورية أغلقت مطار حلب وألغت جميع الرحلات الجوية.
النزوح من حلب
وقال المكتب الأممي لتنسيق الشؤون الإنسانية في سوريا، الجمعة، إن هناك تقارير عن عمليات نزوح واسعة من مناطق في ريف حلب الغربي ومناطق داخل المدينة مع إعلان فصائل مسلحة دخولها مدينة حلب.
وأضاف المكتب الأممي لتنسيق الشؤون الإنسانية في سوريا أن بعض العائلات نزحت من حلب وإدلب إلى أماكن إيواء جماعية في حماة.
ويسعى المسلحون إلى العودة للمدينة لأول مرة منذ عام 2016، عندما استعاد الرئيس بشار الأسد مدينة حلب بأكملها في أواخر ذلك العام، ووافقت الفصائل المسلحة على الانسحاب بعد أشهر من القصف والحصار في معركة قلبت دفة الأمور ضد المعارضة.
تحصينات العراق
وفي العراق، قال مصدر أمنى عراقي، لـ”الشرق”، إن القوات المسلحة العراقية تعزز من انتشارها على الحدود المشتركة مع سوريا وتتخذ إجراءات أمنية مشددة لزيادة التحصينات وتأمين الشريط الحدودي لمنع أي تهديد أو محاولات تسلل، بالتزامن مع الأحداث الجارية في سوريا.
وأكد نائب قائد العمليات المشتركة العراقية الفريق أول الركن قيس المحمداوي، الجمعة، أن “الحدود العراقية – السورية مؤمنة عبر التواجد العسكري وانتشار القطعات، ومحصنة بالكامل عبر الكتل الخرسانية والكاميرات الحرارية وتحليق الطيران المُسير”.
وذكر أن “العراق احترز جيداً من تجربة مريرة حصلت عام 2014، وأعدّ تحصينات قوية مستمرة منذ أكثر من سنتين، وشهد العامان الأخيران عملاً كبيراً على مستوى تعزيز القطاعات، ونطمئن العراقيين أن الوضع آمن والحدود آمنة جداً ومحصنة بالكامل ولا يوجد أي تسلل ولن يكون هناك أي تسلل”.
موقف تركيا من معارك حلب
في تركيا، نقلت وكالة “رويترز” عن مصادر، لم تكشف عن هويتها ووصفتها بأنها “من المعارضة وعلى اتصال بالمخابرات التركية”، قولها إن تركيا أعطت الضوء الأخضر للهجوم، الذي يعد الأكبر منذ مارس 2020 عندما أبرمت روسيا وتركيا اتفاقاً لخفض التصعيد في المنطقة.
من جانبها، اعتبرت وزارة الخارجية التركية أن الحفاظ على السلام في إدلب المحاذية لحدودها شمالي سوريا، والمنطقة المجاورة لها، يُعد “قضية ذات أولوية” بالنسبة لأنقرة.
وقال المتحدث باسم الوزارة أونجو كتشالي، الجمعة، إن بلاده تتابع التطورات عن كثب في إطار الأهمية التي توليها لوحدة وسلامة أراضي سوريا والأولوية التي تعطيها لمكافحة الإرهاب”.
وأشار إلى أن تركيا كانت قد وجهت تحذيرات عبر مختلف المنابر الدولية بأن الهجمات الأخيرة للقوات الحكومية على إدلب وصلت إلى مستوى من شأنه أن يضر بروح وعمل اتفاقيات أستانا، ويتسبب في خسائر فادحة بين المدنيين، وأكدت ضرورة وقف هذه الهجمات، لافتاً إلى بعض الاتفاقيات بين أنقرة وموسكو بشأن منطقة خفض التوتر في إدلب منذ 2017.
وقال إن “تركيا أوفت بكل حرص بمتطلبات الاتفاقيات التي شاركت فيها”.