يبدأ المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان، توم بيرييلو، جولة إقليمية، تشمل كينيا وأوغندا والسعودية ومصر، ابتداء من 30 أكتوبر الجاري، لحضور اجتماعات بشأن الأزمة في السودان.
يأتي ذلك في الوقت الذي يتسع فيه نطاق التصعيد العسكري بين قوات الجيش والدعم السريع إلى مناطق جديدة في البلاد، وارتكاب انتهاكات وأعمال عنف وسط إدانات دولية للأحداث، واتهامات متبادلة بين أطراف الصراع بتحمل مسؤولية تفاقم الأوضاع.
وسيلتقي المبعوث الخاص خلال رحلته، قادة المجتمع المدني السوداني، ومسؤولين حكوميين من البلدان المضيفة، بالإضافة إلى قادة دوليين، وفق بيان أصدره المتحدث باسم الخارجية الأميركية.
وقال البيان إن المبعوث الخاص سيؤكد على “الحاجة إلى وصول المساعدات الإنسانية الفورية إلى جميع مناطق السودان وداخلها، وأهمية حماية المدنيين، والحاجة الماسة لجميع الجهود لإنهاء الحرب”.
كما يشدد المبعوث الخاص على “استمرار التزام حكومة الولايات المتحدة بدعم الانتقال إلى الحكم المدني، الذي يسمح للشعب السوداني بتشكيل مستقبله السياسي”.
أزمة المساعدات الإنسانية
وحذّر بيرييلو من أن “6.5 مليون شخص في السودان يحتاجون إلى الغذاء بشكل عاجل للبقاء على قيد الحياة، و25 مليون شخص بشكل إجمالي يحتاجون إلى مساعدات إنسانية طارئة”.
وقال في منشور على منصة “إكس” للتواصل الاجتماعي، الأربعاء، “في الشهر الماضي، سمحت مفوضية العون الإنساني السودانية بوصول 10% فقط من الإمدادات الإنسانية في بورتسودان إلى الأشخاص الذين هم في أمس الحاجة إلى الغذاء والدواء”، مشيراً إلى أن “السلطات في بورتسودان عرقلت أو أخرت 90% من (مواد) الإغاثة الطارئة”.
وأضاف: “بالنسبة لأولئك الذين يعانون في كادوقلي (بولاية جنوب كردفان) أو الخرطوم، أو في نيالا (بولاية جنوب دارفور) أو الشمال، فيجب علينا أن نجد أرضية مشتركة بشأن كيفية تيسير تدفق الأغذية والأدوية الطارئة إلى كل أنحاء السودان بأقصى سرعة ممكنة”.
وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن 730 ألف طفل سوداني قد يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد، هذا العام.
إدانات دولية
وأدانت الولايات المتحدة، الثلاثاء، الهجمات التي تشنها قوات الدعم السريع السودانية على المدنيين، ودعتها إلى وقف العنف ضد المدنيين.
وحذّر المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر في إفادته الصحافية من أن الولايات المتحدة ستواصل الضغط على أولئك الذين يؤججون الأعمال القتالية في السودان.
وفي السياق ذاته، قال المبعوث الأميركي إلى السودان، توم بيريلو، إن بلاده “تراقب هجمات الدعم السريع المروّعة على المدنيين، بما في ذلك عمليات القتل والعنف الجنسي المستهجنة في ولاية الجزيرة”.
واعتبر بيريلو، أن “الدعم السريع والجيش فشلا في الإيفاء بالتزاماتهما تجاه القوانين الدولية المتعلقة بحماية المدنيين”، متعهداً بمواصلة العمل “ضد المسؤولين عن الانتهاكات”.
وبشأن الوضع في السودان بشكل عام، قال الرئيس الأميركي جو بايدن، في رسالة إلى الكونجرس، إن النزاع المسلح يُشكل “تهديداً استثنائياً وغير عادي للأمن القومي الأميركي”.
وقال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، إن “الصور المروّعة القادمة من ولاية الجزيرة مقلقة للغاية”، لافتاً إلى أن التقارير الواردة من هناك تزعم أن “قوات الدعم السريع ارتكبت المزيد من عمليات القتل الجماعي والاغتصابات”.
وشدد على “ضرورة وقف المجازر ضد المدنيين ومحاسبة الجناة”، مشيراً إلى أن الاتحاد الأوروبي سيواصل العمل لتحقيق العدالة.
انتهاكات مستمرة
من جانبها، عبَّرت منسقة الشؤون الإنسانية الأممية في السودان، كليمنتاين نكويتا سلامي، عن شعورها بصدمة واستياء عميقين من “تكرار انتهاكات حقوق الإنسان جرت في دارفور العام الماضي، مثل الاغتصاب، والهجمات الموجهة، والعنف الجنسي، وعمليات القتل الجماعي في ولاية الجزيرة”، واصفة إياها بأنها “جرائم فظيعة”.
وذكرت سلامي، أن التقارير الأولية تفيد بأن “قوات الدعم السريع، شنت هجوماً كبيراً على شرق الجزيرة، في الفترة بين 20 إلى 25 أكتوبر الجاري”.
وتسببت حرب السودان في واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم مع سقوط آلاف الضحايا، وتشريد أكثر من 11 مليون شخص، وانتشار الجوع على نطاق واسع وتدخل قوى أجنبية، فيما أصبح أكثر من مليونين لاجئين في بلدان مجاورة، منها تشاد، ومصر، وجنوب السودان.
واندلعت الحرب في منتصف أبريل 2023 بسبب صراع على السلطة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية قبل الانتقال إلى الحكم المدني، ما تسبب في أكبر أزمة نزوح في العالم.
وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى سقوط نحو 15 ألف شخص في منطقة دارفور وحدها، ونزوح أكثر من 8 ملايين سوداني داخل البلاد.