طرحت روسيا مقترحات لإنشاء نظام موحد للمقاصة والإيداع لدول البريكس، في إطار سعيها إلى إقناع الدول الأعضاء بتعميق التعاون المالي دون إشراك الغرب، فيما تصر الهند على عدم تصرف مجموعة “بريكس” كبديل للمنظمات العالمية، حسبما نقلت “بلومبرغ”.
واقترحت روسيا دمج أنظمة الإيداع للدول الاعضاء تحت مظلة ما يسمى بـ”بريكس كلير” BRICS Clear كجزء من عرضها في القمة المنعقدة هذا الأسبوع في كازان، حسبما أفاد شخص اطلع على الوثيقة، ولكنه طلب عدم كشف هويته.
وأوضح الشخص أن الهدف سيكون ضمان تنفيذ المعاملات المالية عبر الحدود بدون انقطاع، كبديل للأنظمة الحالية مثل “يورو كلير” Euroclear و”كلير ستريم” Clearstream.
ويستضيف الرئيس فلاديمير بوتين القمة الأولى منذ توسع البريكس إلى 9 أعضاء في يناير الماضي، مع انضمام الإمارات وإيران ومصر وإثيوبيا إلى البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا في المنظمة. وقال بوتين، الأربعاء، إن تطور المجموعة أظهر “عالماً متعدد الأقطاب”، في تحد للنظام العالمي الحالي الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة.
واعتبر أوليج فيوجين، المسؤول السابق في بنك روسيا، أنه في حين أنه ممكن من الناحية الفنية، لا توجد علامة تذكر على أن معظم أعضاء مجموعة بريكس باستثناء روسيا وإيران، الخاضعتين للعقوبات مهتمون بالانضمام إلى نظام إيداع مشترك.
وقال: “معظم دول مجموعة البريكس لديها علاقات اقتصادية كبيرة مع العالم الغربي، ولن يرغبوا في الانفصال عنه “.
تجنب العقوبات الغربية
وذكرت “بلومبرغ” أن روسيا تسعى إلى تطوير هياكل مالية بديلة لتجاوز العقوبات غير المسبوقة التي فرضتها الولايات المتحدة وحلفاؤها في مجموعة السبع بعد انطلاق الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022.
وتم فصل أكبر البنوك الروسية عن نظام الدفع العالمي “سويفت”، وتم تجميد الحسابات الروسية في مؤسسات الإيداع الدولية. تحتفظ شركة “يوروكلير” وحدها بنحو 173 مليار يورو تتعلق بالممتلكات الروسية الخاضعة للعقوبات، بما في ذلك أصول البنك المركزي الروسي المجمدة.
وتواجه الشركات الروسية أيضاً صعوبات متزايدة فيما يتعلق بالمدفوعات عبر الحدود للواردات والصادرات، بما في ذلك مع الصين والهند وتركيا، إذ تزداد البنوك الأجنبية حذراً من خطر العقوبات الأميركية الثانوية. وهذا يحفز الكرملين على الدفع من أجل نظام دفع بديل داخل مجموعة بريكس، يعتمد على العملات الوطنية.
وبينما لم تكشف روسيا بعد عن كيفية عمل نظام “بريكس كلير” بالتفصيل، ذكر وزير المالية أنطون سيلوانوف في مقابلة مع RBC قبل القمة أن النظام سيعتمد على تقنية السجلات الموزعة.
وقال توم كيتنج، مدير مركز التمويل والأمن في معهد الخدمات المتحدة الملكي في لندن، إن أنظمة الدفع البديلة “قد لا توفر الحصانة من العقوبات المتوقعة، ومع قيام الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي بشكل متزايد بتطوير آليات العقوبات ومراقبة الصادرات التي لها نطاق خارج الإقليم، فإن العقوبات الغربية قد يكون لها تأثير”.
ووفقاً للشخص المطلع، يخطط المسؤولون من البنوك المركزية لدول مجموعة بريكس لمناقشة نظام الدفع الموحد في ديسمبر.
ورغم أن العملية صعبة وبطيئة، حيث أن الدول الفردية لديها بروتوكولات تكنولوجية وأمنية مختلفة وكذلك قوانين ولوائح مالية مختلفة، فإن نظام الدفع المتكامل جزئياً هو احتمال وارد ويمكن أن يعزز التجارة بين أعضاء بريكس بنسبة تتراوح بين 5% و7%، وفق ما نقلته المصدر المطلع.
الهند ترفض القطيعة مع الغرب
في غضون ذلك، قال رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، إن مجموعة بريكس يجب ألا تتصرف كبديل للمنظمات العالمية، حتى مع محاولة الأعضاء المؤسسين مثل روسيا والصين، توسيع المجموعة لتحدي النظام العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة.
وقال مودي في جلسة مغلقة لقمة زعماء بريكس في كازان بروسيا، الأربعاء: “يجب أن نكون حذرين لضمان عدم اكتساب هذه المنظمة صورة منظمة تحاول استبدال المؤسسات العالمية”.
وأضاف أن المجموعة يجب أن تعمل على إصلاح مؤسسات مثل مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة والمقرضين المتعددين الأطراف.
وتؤكد هذه التصريحات على التحدي الذي يواجهه مودي في محاولة تحقيق التوازن بين العلاقات مع روسيا، التي تعتمد عليها الهند للحصول على النفط الرخيص، والولايات المتحدة، التي توفر الوصول إلى التكنولوجيا المتطورة لتكثيف التصنيع.
كما تسير الصين والهند على الطريق نحو تطبيع العلاقات بعد 4 سنوات من المواجهة الحدودية، إذ عقد مودي والرئيس الصيني شي جين بينج أول محادثات ثنائية بينهما منذ عامين، الأربعاء.
وقال مودي إنه مع تطور مجموعة بريكس، يجب أن تكون “مثالًا للعالم” من خلال التوحد في الدعوات لإصلاح المنظمات العالمية. وأضاف: “يتعين علينا أن نعطي العالم رسالة مفادها أن مجموعة بريكس ليست منظمة مثيرة للانقسام ولكنها منظمة تعمل لصالح الإنسانية”.