كشف المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل جروسي عن تزايد النقاشات داخل إيران بشأن تطوير قدرة نووية “رادعة”، قائلاً إن العقوبات المفروضة على البلاد أصبحت أقل فعالية مع مرور الوقت، ومحذراً من تزايد مخاطر سباق التسلح في عهد الرئيس الأميركي دونالد ترمب.
وتحدث جروسي، في مقابلة مع “بلومبرغ”، عن التحديات التي تواجه الأمن النووي العالمي، في وقت تزداد فيه المخاوف من سباق تسلح نووي جديد.
وقالت “بلومبرغ” إن مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، البالغ من العمر 64 عاماً، قضى نحو عقد من الزمن في محاولة منع إيران من بناء سلاح نووي، لكنه عندما زار منشأة فوردو الإيرانية لتخصيب اليورانيوم، وهو موقع مدفون تحت جبل جنوب مدينة قم، في نوفمبر، خرج بشعور ملح بضرورة التحرك.
وأفادت “بلومبرغ” بأن المهندسين الإيرانيين بدأوا تخصيب اليورانيوم إلى مستوى قريب من المستوى المطلوب لصنع قنبلة نووية بعد انسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترمب في فترة ولايته الأولى من الاتفاق النووي الإيراني في عام 2018.
بناء رادع نووي إيراني
وقال جروسي إن هناك نقاش متزايد الآن بين الفصائل المختلفة في طهران بشأن ما إذا كان ينبغي على البلاد الذهاب إلى أبعد من ذلك، وبناء رادع نووي لضمان أمنها.
وذكرت “بلومبرغ” أن إيران ليست الوحيدة في هذا السياق، إذ أصبح النظام الدولي القائم على القواعد أكثر هشاشة، مع تراجع الإدارة الأميركية عن التعددية، والأعراف الدبلوماسية المتبعة.
وأشارت “بلومبرغ” إلى إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في خطاب متلفز، هذا الأسبوع، أن بلاده ستبدأ محادثات مع حلفائها الأوروبيين بشأن توسيع مظلتها النووية لتشمل دول القارة، وسط مخاوف من أن تتراجع الولايات المتحدة عن تقديم الحماية لهم.
وتابع جروسي في المقابلة: “قبل بضع سنوات، كانت المناقشات المتعلقة بالأسلحة النووية تعتبر من المُحرمات، لكن الآن، باتت هذه المحادثات تجري في بعض الدول، وهو ما يمثل تراجعاً مستمراً عن المعايير السابقة”.
تطوير أجهزة الطرد المركزي
ويعد الاتفاق الأساسي في الدبلوماسية النووية هو معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية التي دخلت حيز التنفيذ في عام 1970، خلال إدارة الرئيس الأميركي السابق ريتشارد نيكسون، وقد منحت المعاهدة، التي تضم الآن 190 دولة، الشرعية للترسانات النووية لكل من الصين، وفرنسا، وروسيا، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة.
ويُحظر على الدول الموقعة الأخرى، بما في ذلك إيران، تطوير قنبلة نووية في مقابل الوصول إلى التقنيات النووية السلمية، ويجب أن تسمح هذه الدول لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية المُكلَّفين بمراقبة المواد الانشطارية بالدخول إلى منشآتها النووية.
أما الدول المسلحة نووياً الأخرى، بما في ذلك الهند، وكوريا الشمالية، وباكستان، فهي ليست من الدول الموقعة على المعاهدة، ويعتقد خبراء الحد من انتشار الأسلحة أن إسرائيل تمتلك سلاحاً نووياً، لكنها لم تختبره رسمياً، وأنها تحافظ على اتباع سياسة غامضة إذ إنها لا تؤكد الأمر ولا تنفيه.
ووفقاً لـ”بلومبرغ”، يقوم المهندسون الإيرانيون حالياً بإنتاج ما يعادل قنبلة واحدة من اليورانيوم عالي التخصيب كل 30 يوماً، وأن الأمر لن يستغرق سوى أيام قليلة فقط لتحويل ذلك إلى وقود لرأس حربي.
ويقول جروسي إنه تلقى تأكيدات من القادة الإيرانيين خلال مشاوراته مع الحكومة في طهران، بأنهم تمكنوا من تقليل تأثير العقوبات على برنامجهم النووي من خلال تعديل أساليب الإنتاج المحلي، وإنشاء سلاسل إمداد بديلة.
وكمثال على التقدم المستمر الذي أحرزته إيران، أشار رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى 5 نماذج جديدة من أجهزة الطرد المركزي المتقدمة التي طورتها طهران منذ انسحاب ترمب من الاتفاق النووي.
وتابع: “العقوبات لا تعمل.. من الواضح أن البلاد تعلمت كيفية التحايل عليها، وقد نما البرنامج (النووي الإيراني) بشكل هائل، خاصةً منذ عام 2018”.