قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الثلاثاء، إن خطة إعمار قطاع غزة، يجب أن تكون بالتوازي مع مسار خطة للسلام من الناحيتين السياسية والأمنية، تشارك فيها دول المنطقة، وبدعم من المجتمع الدولي، وتهدف إلى تسوية عادلة وشاملة ومستدامة للقضية الفلسطينية.
وأضاف الرئيس المصري في كلمته أمام القمة العربية الطارئة في القاهرة: “آن الأوان لتبني إطلاق مسار سياسي جاد وفعال، يفضي إلى حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية، وفقاً لقرارات الشرعية الدولية”، مشيراً إلى أنه متيقن بأن الرئيس الأميركي دونالد ترمب قادر على القيام بذلك، في ظل “رغبتنا الصادقة، في وضع نهاية للتوترات والعداءات في منطقتنا”.
ودعا الرئيس المصري كافة الدول الحرة والصديقة، للإسهام في هذا المسار، والمشاركة بفاعلية في مؤتمر إعادة الإعمار، الذي سوف تستضيفه مصر الشهر المقبل.
وقال الرئيس المصري في كلمته: “يجمعنا اليوم، واقع مؤلم، في ظل ما تواجهه منطقتنا من تحديات جسام، تكاد تعصف بالأمن والاستقرار الإقليميين، وتبدد ما تبقى من مرتكزات الأمن القومي العربي، وتهدد دولاً عربية مستقرة، وتنتزع أراض عربية من أصحابها، دون سند من قانون أو شرع”.
واعتبر السيسي أن ذاكرة الإنسانية ستتوقف طويلاً، أمام ما حدث في غزة، لتسجل كيف خسرت الإنسانية قاطبة، وكيف خلف العدوان على غزة، وصمة عار في تاريخ البشرية، عنوانها: “نشر الكراهية وانعدام الإنسانية، وغياب العدالة”.
وقال السيسي: “إن أطفال ونساء غزة، الذين فقدوا ذويهم، وقتل ويُتم منهم عشرات الآلاف، ينظرون إليكم اليوم بعيون راجية، لاستعادة الأمل في السلام العادل والدائم”.
وأضاف: “إن الحرب الضروس على قطاع غزة، استهدفت تدمير أوجه وسبل الحياة، وسعت بقوة السلاح، إلى تفريغ القطاع من سكانه، وكأنها تخير أهل غزة، بين الفناء المحقق أو التهجير المفروض، وهو الوضع الذي تتصدى له مصر، انطلاقاً من موقفها التاريخي، الداعم لحقوق الشعب الفلسطيني على أرضه، وبقائه عليها عزيزاً كريماً، حتى نرفع الظلم عنه، ولا نشارك فيه”.
وتابع: “لقد أوهنت الممارسات اللإنسانية التي تعرض لها أهلنا في فلسطين عزائم البعض، إلا أنني كنت دائماً على يقين بثبات وبسالة الشعب الفلسطيني، الذي ضرب مثالاً في الصمود والتمسك بالأرض ستقف عنده الشعوب الحرة، بالتقدير والإعجاب”، معتبراً أن عزيمة الشعب الفلسطيني، وتمسكه بأرضه هو مثل في الصمود، من أجل استعادة الحقوق.
معاهدة السلام
وتطرق الرئيس المصري إلى معاهدة السلام التي أبرمتها بلاده مع إسرائيل عام 1979 قائلاً: “أستذكر معكم، في هذا الظرف الدقيق، أن مصر التي دشنت السلام، منذ ما يناهز 5 عقود في منطقتنا، وحرصت عليه، وصانت عهودها حياله، لا تعرف سوى السلام القائم على الحق والعدل، الذي يحمي المقدرات، ويصون الأرض ويحفظ السيادة”، مضيفاً:” أن هذا ما ورد بشكل لا يقبل التأويل في معاهدة السلام التي أبرمتها مصر مع إسرائيل، وألزمت كل طرف، باحترام سيادة الآخر وسلامة أراضيه”.
واعتبر السيسي أن مصر سعت من منطلق حرصها على الأمن والاستقرار الإقليميين، منذ اليوم الأول للحرب على غزة، إلى التوصل لوقف لإطلاق النار، بالتعاون مع قطر، والولايات المتحدة، لافتاً إلى أن ذلك ما كان ليتحقق، من دون الجهود المقدرة للرئيس الأميركي دونالد ترمب، وإدارته.
وأعرب الرئيس المصري عن أمله في أن تواصل الإدارة الأميركية العمل بهدف تحقيق استدامة وقف إطلاق النار في غزة، واستمرار التهدئة بين الجانبين، وبعث الأمل للشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة، من أجل سلام دائم في المنطقة بين جميع الشعوب.
تشكيل لجنة إدارية
وأشار السيسي إلى أن مصر عملت بالتعاون مع فلسطين على تشكيل لجنة إدارية من الفلسطينيين المهنيين والتكنوقراط المستقلين، توكل إليها إدارة قطاع غزة، انطلاقاً من خبرات أعضائها بحيث تكون تلك اللجنة، مسؤولة عن الإشراف على عملية الإغاثة، وإدارة شؤون القطاع لفترة مؤقتة، وذلك تمهيداً لعودة السلطة الفلسطينية إلى القطاع.
وقال: “كما تعكف مصر، على تدريب الكوادر الأمنية الفلسطينية، التي يتعين أن تتولى مهام حفظ الأمن داخل القطاع، خلال المرحلة المقبلة”.
وأضاف: “عملت مصر، بالتعاون مع دولة فلسطين والمؤسسات الدولية، على بلورة خطة شاملة متكاملة، لإعادة إعمار قطاع غزة، دون تهجير للفلسطينيين تبدأ بعمليات الإغاثة العاجلة والتعافي المبكر، وصولاً لعملية إعادة بناء القطاع”.
ودعا الرئيس المصري إلى اعتماد الخطة في القمة، وحشد الدعم الإقليمي والدولي لها، معتبراً أن هذه الخطة تحفظ للشعب الفلسطيني، حقه في إعادة بناء وطنه، وتضمن بقاءه على أرضه.
وطالب السيسي بجعل الدعم الموجه إلى الصندوق المزمع إنشاؤه لهذا الغرض، غاية سامية، وواجباً إنسانياً وحقاً لكل طفل وعائلة فلسطينية، من أجل العيش في بيئة آمنة حضارية، مثل باقي شعوب العالم.