قالت وزارة الخارجية الأميركية، الأربعاء، إن بنما وافقت على منح السفن الحكومية الأميركية مروراً مجانياً عبر قناة بنما، وهي خطوة فاجأت المسؤولين البنميين، إذ لم يتم التوصل إلى اتفاق رسمي بهذا الشأن، حسبما ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال”، الخميس، نقلاً عن مصادر مطلعة على المفاوضات.
وذكرت الخارجية الأميركية في منشور على منصة “إكس” أن السفن الحكومية الأميركية ستتمكن من استخدام القناة “دون دفع رسوم، مما يوفر على الحكومة الأميركية ملايين الدولارات سنوياً”.
وكان الرئيس دونالد ترمب، قد وصف الرسوم المفروضة على عبور السفن الأميركية قناة بنما بـ”السخيفة”، وهدد مراراً بـ”استعادة” القناة، منتقداً ما وصفه بـ”النفوذ الصيني المتزايد”، على الممر المائي.
وشيدت الولايات المتحدة قناة بنما، التي افتُتحت عام 1914، كأحد أكثر المشاريع الهندسية تكلفةً وتعقيداً في التاريخ. وتم تسليم القناة إلى بنما عام 1999 بموجب معاهدة تفاوض عليها الرئيس الأميركي الأسبق، جيمي كارتر، قبل أكثر من 20 عاماً. لكن ترمب لطالما اعتبر أن هذه الصفقة كانت “سيئة” بالنسبة للولايات المتحدة.
بند الحياد
وجاء الإعلان بعد ثلاثة أيام من زيارة وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، لبنما، حيث التقى بالرئيس خوسيه راؤول مولينو وتفقد القناة، وخلال اجتماعات مغلقة، اتفق الطرفان على بحث إمكانية منح السفن التابعة للبحرية الأميركية مروراً مجانياً، وفق ما ذكرت “وول ستريت جورنال”.
ومع ذلك، يتعين على بنما إيجاد صيغة تتيح هذا المرور المجاني دون انتهاك بند الحياد الذي يحظر منح معاملة تفضيلية لأي دولة، وفقاً لمصادر مطلعة على المناقشات.
والشهر الماضي، قال مدير القناة، ريكارت فاسكيز موراليس، لـ”وول ستريت جورنال” إن انتهاك معاهدة الحياد سيؤدي إلى “حالة من الفوضى”.
وقالت مصادر مطلعة على المناقشات للصحيفة إن الحكومتين الأميركية والبنمية اتفقتا خلال زيارة روبيو على دراسة إمكانية منح السفن التابعة للبحرية الأميركية مروراً مجانياً، إلا أن مسؤولين بنميين حذروا من أن مثل هذا الإجراء سيتطلب مراجعة قانونية للتأكد من عدم انتهاكه لمعاهدة وقعتها الدولتان في عام 1977، والتي تنص على معاملة جميع مستخدمي القناة على قدم المساواة من حيث الشروط والرسوم.
وبحسب مسؤولي القناة، فإن السفن الحربية الأميركية الكبيرة، مثل حاملات الطائرات، لا يمكنها عبور القناة نظراً لحجمها الكبير، كما أن عبور السفن الحربية “نادر الحدوث”، إذ يبلغ متوسط عددها 40 سفينة سنوياً، أي أقل من 0.5% من إجمالي حركة السفن.
وتشير التقديرات إلى أن الاتفاق قد يوفر للبحرية الأميركية نحو 13 مليون دولار سنوياً، في ظل ميزانية وزارة الدفاع التي تبلغ 850 مليار دولار، بحسب الصحيفة.
“وسيلة ضغط”
وقالت مصادر مطلعة لـ”وول ستريت جورنال” إن إعلان الأربعاء “تجاوز الإجراءات القانونية”، واعتبره مسؤولون بنميون وسيلة لـ”إجبارهم على اتخاذ موقف محدد”.
وأوضحت الصحيفة أن مثل هذه الاتفاقيات الكبيرة عادة ما يتم الإعلان عنها في اجتماع ثنائي يتضمن بيانات مشتركة من كلا الطرفين. واعتبرت أن موافقة بنما على هذا الأمر يمثل “تنازلاً كبيراً” من جانبها.
وأضافت أن البيت الأبيض أكد إعلان وزارة الخارجية، وأن الحكومة البنمية لم ترد على طلب التعليق.
ورجحت الصحيفة ألا يرغب مولينو في معارضة إعلان إدارة ترمب، خاصةً في ظل تهديدات الرئيس الصريحة باستعادة القناة. ومع ذلك، طالب العديد من السياسيين البنميين بمعرفة كيفية التفاوض على هذا الاتفاق وماذا ستحصل بلادهم في المقابل.
وبعد زيارة روبيو، أعلنت هيئة قناة بنما أنها ستعمل على “تحسين أولوية عبور” السفن الحربية الأميركية.
ورغم التنازلات التي أُعلنت خلال زيارة روبيو، بما في ذلك إعلان مولينو أن بنما لن تجدد اتفاقية موقعة عام 2017 مع مبادرة “الحزام والطريق” الصينية، بدا أن ترمب يعتبر ذلك غير كافٍ. فحتى قبل مغادرة روبيو للبلاد، كرر ترمب تهديده قائلاً: “سنستعيدها، أو سيحدث شيء كبير للغاية”.
وأجرى مولينو الأربعاء، أيضاً محادثات مع وزير الدفاع الأميركي، بيت هيجسيث.